عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-09-2006, 01:49 PM
الصورة الرمزية عبدالله الصفا
عبدالله الصفا عبدالله الصفا غير متواجد حالياً
 






عبدالله الصفا is on a distinguished road
افتراضي تصدير الافكار ثقافياً

قيل ان لكل الناس ان يدلوا بآرائهم وهذا حق لهم اذا لا احد مخولا ان يقمع الاخرين لما يحملون من اراء ومعتقدات وهذا بشكل عام كلام مقبول ولكن لكل شيء حدود موضوعية هي بمثابة (خط احمر) يمنع اختراقه وان الحال لم يعد يتحمل بصورة دائمة لكل ما يقال.
والرؤية الاصلح من وجهة نظر التاريخ الثقافي ان تكون هناك قيم ثقافية ايجابية في الاطروحة الثقافية ومن الاهمية بمكان ان تكون اي اطروحة جادة في ادلجتها وعادلة في طرحها بحسب ما ارتضته ان تكون صورتها عليه كأن تلاحظ سياق الخدمة الثقافية للاخرين وبمعنى اخر يفضل عدم التناسي ان بعض وجهات النظر لم تعد صالحة لاي زمن حتى للزمن التي ظهرت فيه وعزة الثقافة لاتأتي ابدا من فراغ وعائق تردي الثقافة ممكن ان يقع على الناس المضحين اذا ما بقوا ساكتين عن قول الحق في الزمن والمكان المناسبين.
ولعل في تكتلات تصدير الافكار ثقافيا وعلى اختلاف انواع تلك الافكار كأحد اسباب الافكار التي تنشد تواصلا مع الاخرين عبر الدعوة لاعتناقها لما لاحظنا ذلك في الوجودية لسارتر والاشتراكية لماركس والقومية للحصري لكن احدا منها لم ينجح الا على مساحات حتى حين وقفت تلك الافكار على ارضيات بدت قوية لم يكن احد يعلم انها مساحات هشة من الداخل لذا فهي تكاد اليوم ان تعلن افلاسها رغم كل ما ادعته يوما من سمات لازمتها بكل سلبية حتى وهي في اوج صعودها. ولعل في عدم الاخلاص في الطرح الثقافي العام وكثرة (الكم على النوع) قد جعل حدود الثقافة الحقيقية تنحسر من دواخلها ولعل هذا هو احد اسباب تراجع كل الافكار التي احاطت نفسها بهالات العلمية التي كانت تدعيها فقط لاجل سد الفراغ الثقافي ضمن عملية استهلاك ثقافي لايستطيع احد نكرانه ففي لقاءات محدودة مع ذوي الشأن لقادة الافكار الثقافية المصدرة وهي بطبيعة الحال افكار تنتهي في المصب السياسي بقيت تجمعات وشرائح اجتماعية ترزح متأثرة بتلك الافكار حتى اذا ما انكشفت هشاشتها كان السخط اول ردود الفعل الموضوعية عليها رغم ان العالم لم يشع بعد بأي افكار وضعية يمكن تسميتها بكونها تمثل شفاء البلسم للجرح الثقافي العام. والثقافة كـ «قيم» قبل ان تكون شيئا اخر فهي ترفض الهيمنة على مؤسساتها المنتجة على اساس اي حسبان سلبي اذ ان بالعزم الراسخ والثقة الجديرة والمصداقية المجربة سيمكن للسلالات الثقافية الراجحة ان تنمو وتزدهر في مجتمع يقدر النوع الراقي في الثقافة على البضاعة الثقافية الاستهلاكية.

عبدالله سالم الصفا - صحيفة عكاظ -21/8/1427هــ