الموضوع: الستر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-06-2015, 02:11 AM
الصورة الرمزية ضي العين
ضي العين ضي العين غير متواجد حالياً
 






ضي العين is on a distinguished road
7 الستر

بسم الله الرحمن الرحيم

الستر
عجزت عن تخيل العالم بدون ستر الله لنا .. ماذا لو كان للذنوب روائح تخرج منا على قدر معاصينا؟! .. ماذا لو كتب على جباهنا المعصية التي ارتكبناها .. ماذا لو وجد على باب بيوتنا شرحاً لما فعلناه؟! .. ماذا لو علم الناس بما ستره الله علينا؟! .. رباه أعجز عن تخيل ذلك مجرد التخيل .. كيف ذلك أظن لو حدث ذلك يوماً واحداً .. لا؛ يوم كثير؛ بل كثير جداً .. لنقل أنه قد يحدث ساعة .. كم زوجة ستطلق من زوجها لأنها ستعلم بنظراته وفعلاته .. وسيعلم هو ما أخفته هي عنه .. كم من صاحب سيترك صاحبه؟! .. كم من أناس سنكرههم ونحن الآن نحبهم؟!.. كم .. كم .. كثير من الخراب سيحل .. لا شك أن الحياة ستتوقف؛ نعم ستتوقف .. لن تتحرك بعد هذه الساعة .. الحمد لله .. نعم الحمد لله على نعمة الستر .. اللهم لا تنزع عنا سترك .. واسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض
إن الشيء المستور، هو الشيء المحجوب، المخفي.. المستخبي .. لا تراه عين.. ولا تسمعه أذن، شيء لا يعرف أحد، عنه شيئاً نحن نقول «الليل ستار».. بمعنى أن الليل بظلامه وعتمته، يخفي الأسرار.. والعيوب.. والملامح والحركات.. وكل شيء يفضحه ويكشفه ويظهره الصبح أو النهار...
إذ بليتم فاستتروا..
هي أيضاً تعني ان الإنسان عليه أن «يستر» أي ان «يخفي» بلوته عن الناس وكلمة الساتر.. والستار، تعني الحاجب، الذي نستخدمه حتى لا يرانا الآخرون في مواقف نعتبرها غير لائقة.
في مجتمعاتنا، تحتل قيمة الستر، مكانة عظمى في تعامل الناس مع الحياة إذا سألنا امرأة أو رجلاً، عن الأحوال، والصحة والشغل، والعيال، والمال ، قال مستورة الحمد الله ، وفي جميع المواقف نسمع استرها يا رب . وأقصى الطموح والأمنيات والأحلام هي، الستر.. من البداية، وحتى النهاية.
رأيي الشخصي، أن مقولة لا اطلب إلا الستر هي أحد العوائق الأساسية المعطلة للتقدم، واقتحام تجارب الحياة من دون خوف، والمخاطرة لاكتشاف المجهول والجديد والمبتكر.
إن الحضارات تصنع نفسها، ليس بـ«الستر» ولكن بـ«كشف المستور».
والإبداع الخالد، ذو المكانة العالية في الشكل والمضمون ليس الإبداع الذي يستر التناقضات، والكذب والزيف والقهر والظلم لكنه الإبداع الذي يفضح كل هذه الأمور.
والأفكار الرائدة التي تبقى في ذاكرة الشعوب، وعلى صفحات التاريخ هي التي تثور، وتتمرد على الستر في السياسة والأخلاق والثقافة والاقتصاد والموروثات المكبلة للتحرر.
إن البشر وكذلك المجتمعات التي لا تطلب إلا الستر.. تحتوي في اجسادها على الكثير والعديد من الأمراض الحضارية المتوطنة، والجروح السياسية المتقيحة، والاورام الأخلاقية المنتفخة، والدمامل الثقافية الصديدية ولذلك فهي تخاف الكشف وترتعب من الفضح ولا شيء يربكها ويلخبط كيانها، ويزعج منامها قدر الوضوح والصدق والفضيحة..
حين نقول انقلاباً إنسانياً ضد ثقافة «الستر» التي ندور في فلكها، ونعلن قيام ثقافة «الفضيحة»، هنا فقط نستطيع التحدث عن خير ما نستحقه.
إن «الستر» في الحياة ليس له معنى إلا «الموت» فالموتى في القبور، هم فقط المستورون.
قال ابن القيم:
وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ * * * عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَانِ
لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ * * * فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ
فمن أراد الستر فعليه :
بالتوبة الصادقة أولاً
ثم عليه بالدعاء والإلحاح على الله تعالى بالستر والحفظ من الفضيحة
ومما ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم من أدعية الستر .. دعاء كان يقوله في الصباح والمساء كل يوم وليلة وهو :
( اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي )
م/ن
رد مع اقتباس