عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-07-2008, 03:20 AM
الصورة الرمزية بوعلي
بوعلي بوعلي غير متواجد حالياً
 






بوعلي is on a distinguished road
افتراضي عريف قرية بالباحة يجيد الفرنسية والإيطالية وعاش بأوروبا ربع قرن

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مرحبا بك أخي

العم إدريس .. مائة عام من التاريخ والذكريات
عريف قرية بالباحة يجيد الفرنسية والإيطالية وعاش بأوروبا ربع قرن




يبدو أن مائة عام ليست كافية لتترك تجاعيدها على ذاكرة العم إدريس، كما تركتها على ملامحه الطيبة.?فالرجل يحمل في ذهنه من الذكريات والأحداث ما تعجز تلك السنين الطوال عن مسحها أو حتى خدش تفاصيلها الدقيقة.?فإذا رأيته، خلته ذاك القروي البسيط الذي لا تتعدى رؤيته حدود قريته الصغيرة “دارين” بإحدى ضواحي الباحة، والتي يعمل عريفا لها منذ عشرات السنين. وظننته لا يعرف من تضاريس الزمن غير ذاك الجبل المتاخم أو تلك الأحداث التي يرويها له أبناء القرية أو زوارها العابرون.?ولكن سرعان ما يستحيل هذا الخيال أو الظن دهشة من جلسة واحدة بصحبته، خاصة حين تعرف أن ذاك الشيخ الكبير سافر عدة دول وعاش في أوروبا ويتحدث العديد من اللغات.?إنه العم محمد بن علي حناس الزهراني، الذي يعرفه الناس في قريته باسم إدريس.? لم يدر بخلد ذلك الرجل الذي عاش يتيما بأنه سيكون يوما من الأيام موظفا خارج بلاده التي نشأ فيها، ولكن الأقدار كتبت له الخروج من دياره طلبا للعيش وسعيا وراء الرزق.. حيث كانت الطائف هي بداية رحلته الطويلة كما يرويها، بينما كان الزمن في عهد الملك المؤسس طيب الله ثراه، حيث التقى به، كما التقى جلالة الملك فيصل رحمه الله.?تعلم إدريس إذن بعض اللغات واللهجات غير العربية ورحلته إلى عدد من الدول والمدن الأوروبية كألمانيا وبريطانيا وفرنسا، حيث تحدث بألسنتهم وعاش بينهم سنين طوال.?عندما سألناه عن قصته، عاد كما كان بسيطا كغيره من أهل القرى، وراح يحكي لنا من البداية..?

يقول العم إدريس: لا أعلم بدقة التاريخ الذي ولدت فيه حيث لم تكن هناك شهادة ميلاد مثلما هو الآن، ولكن ما أعرفه أني أناهز المائة عام، حيث ولدت قبل دخول الملك عبدالعزيز الرياض، وكنت عند دخوله رحمه الله شاباً كبيراً.. فقد ولدت يتيما، ولكن في أسرة كبيرة وعريقة ببيضان وهي أسرة الحناس. وبعد ان كبرت وصرت شابا اتجهت الى مدينة الطائف في بداية العهد السعودي حيث تشرفت بمقابلة الملك عبدالعزيز رحمه الله في مدينة الطائف وجلست في ضيافته عدة أيام وأخبرته عن أحوال منطقة الباحة.. وقد أهداني الملك عبد العزيز مبلغ 400 ريال فرنسي، كما أهداني بشتا فاخرا.. وبعد أن رجعت من الطائف رحلت من المملكة واتجهت إلى دولة أريتريا طلبا للرزق، ووقتها كنت متزوجا ولديّ ولد واحد.?ويواصل العم إدريس: ذهبت سيراً على الأقدام حتى وصلت إلى جازان ثم ركبت مع عدد من الاشخاص قارباً إلى الحبشة ولم تكن هناك في ذلك الوقت جوازات سفر كالتي نستخدمها الآن، حيث طلبت ورقة خروج من المملكة من بن ماضي آنذاك، وكان قوتنا وطعامنا في القارب بسيطا للغاية، وعندما توسطنا البحر وفي ظلمة الليل داهمتنا موجة قوية عصفت بنا وقلبت القارب رأساً على عقب، مما أدى إلى تناثرنا في البحر فلم يكن لنا مغيث سوى الله عز وجل. ومكثنا في البحر متمسكين بأعقاب القارب لمدة يوم تقريباً، وكنا نرى زملاءنا وهم يصارعون الموت في لجة البحر حتى مات بعضهم وأراد الله تعالى لبعضنا الحياة عندما عاد القارب لوضعه الصحيح.?ويضيف: سار بنا القارب حتى وصلنا الى الحبشة. وهناك تعلمت اللغة الحبشية وعملت في إحدى الشركات الإيطالية في أثيوبيا، وعندما جلست هناك فترة كبيرة وقد طلبت من الشركة الايطالية إجازة لكي أرجع وطني ولكن امتنعوا عن ذلك وقالوا:لك ان تتوجه الى ايطاليا، بعدها توجهت للعمل هناك، وحصلت على شهادة في هندسة الكهرباء وكذلك عملت في بيع الجلود والصوف ونحوها، وتعلمت اللغة الإيطالية وأصبحت مديراً لإحدى الشركات الكبيرة هناك.?ويواصل العم إدريس: انتقلت بعد ذلك إلى فرنسا وجلست فيها فترة من الزمن وعملت هناك في شركة الانسجة ثم اتجهت إلى تأسيس شركة نسيج، ثم تنقلت بين دول أوروبا بعد ذلك سعيا وراء العمل. وكنت كلما تذكرت أهلي وأقاربي وأصدقائي ويزيد الحنين لهم، ولم تكن هناك اتصالات معهم سوى رسائل أقوم بإرسالها كل سنتين، وبعد هذه الرحلة التي استغرقت اكثر من 24 سنة قررت العودة الى الوطن من إيطاليا إلى أريتريا ومن ثم إلى اليمن وفيها لم تتيسر أموري حيث منعتني السلطات اليمنية من دخولي الى السعودية مما جعلني أصرّ على الالتقاء بحاكم اليمن آنذاك الإمام أحمد بن يحيى، وبالفعل تمكنت من لقائه وأكرمني وأمر بتسهيل أموري في الوصول لأهلي. وبعد أن دخلت الاراضي السعودية منعتني السلطات بحجة انه لا يوجد لدي جواز سفر، وبعد ان امضيت أياما تمكنت من الدخول، وعدت الى اهلي.?ويستطرد قائلا: بعد فترة وجيزة قررت السفر الى الظهران من اجل العمل بشركة أرامكو، ولكنهم طلبوا مني الابتعاث للخارج فرفضت، حيث كنت اكتفيت من السفر والغربة.
بعدها اتجهت إلى مدينة جدة والتحقت بالعمل مع الشيخ محمد بن لادن وكنت اعمل كهربائيا ثم طلب مني الشيخ ان اعمل مترجما لديه، وبالفعل عملت مع الشيخ حتى وافاه الأجل المحتوم بمنطقة عسير.?ويقول العم إدريس بأنه مازال عريفة لقرية الدارين منذ السبعينات، وهو قائم بحل المشاكل والإصلاح بين الناس والوقوف معهم جنبا إلى جنب في السراء والضراء.


لقاء : محمد البيضاني (الباحة)

منقول من صحيفة زهران
رد مع اقتباس