عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-04-2008, 06:45 AM
الأزدي العماني الأزدي العماني غير متواجد حالياً
 






الأزدي العماني is on a distinguished road
افتراضي العلاقة بين الأزد بصفة عامة وأزد عمان بصفة خاصة ومصر(الجزء الرابع والأخير)

العلاقة بين الأزد بصفة عامة وأزد عمان بصفة خاصة ومصر(الجزء الرابع والأخير)

دور الأزد في مصر في العلوم الدينية والفقه واللغة العربية وآدابها:

أولا: دور الأزد في مجال العلوم الدينية:

وفي هذا المجال يقتصر حديثنا على علمين اثنين من العلوم الدينية، وهما الحديث وروايته، فقد ظهر في مصر عدد من الأزد الذين برزوا في هذا المجال، وكان بعضهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين. فمن الصحابة الأزد الذين اشتركوا في فتح مصر ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو فاطمة الأزدي الذي حدث عن النبي بحديث واحد ورد عند ابن سعد في طبقاته، كما روى عن بعض الصحابة ، وروى عنه عدد من أهل مصر مثل كثير الأعرج وآخرون.

ومن الصحابة الأزد أيضا الصحابي المعروف باسم أبي حوالة عبدالله بن حوالة الأزدي الذي شارك في فتح مصر وروى عنه أهلها حديثا واحدا رواه الليث بن سعد. وفي هذا المقام لا ننسى ذلك الصحابي الأزدي الذي كان من أهل الشام ووفد إلى مصر وشارك في فتحها واستقر فيها فترة من الزمن وروى عنه أهلها ذلكم هو جنادة بن أبي أمية الأزدي (من بني عبرة بن زهران بن كعب). وإذا كان جنادة الأزدي قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى أيضا عن عدد من الصحابة مثل بسر بن أبي أرطأة العامري، وعبادة بن الصامت، وكلاهما اشترك في فتح مصر وسكنها.

أما التابعون من الأزد الذين رووا الحديث عن الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصر كثيرون، منهم الهيثم بن شفي أبو الحصين الحجري الأزدي. ومنهم أيضا أبو أيوب يحيى بن مالك المراغي الأزدي، وقد روى أبو أيوب هذا عن عبدالله بن عمرو بن العاص وسمرة بن جندب رضي الله عنهما، وروى عنه قتادة حديثه في الصحيح لمسلم بن الحجاج في كتاب الصلاة والأدب.

وفي القرن الثاني للهجرة نسمع عن وجود عدد من رواة الحديث من الأزد في مصر، منهم عبدالجبار بن العباس الحجري الأزدي. ومن تابعي التابعين أبو القاسم علي بن الحسين بن خلف الأزدي مولى عبدالملك بن سعد بن مالك الأزدي توفى بمصر عام 312هـ .

ومن المحدثين من الأزد الذين اشتهروا في مصر أيضا الشيخ الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الحجري الأزدي، وقد جمع هذا العالم الأزدي بين الحديث والفقه، وإن كانت شهرته في الفقه أكثر وأعظم من شهرته في الحديث.

أيضا سعيد بن بشير بن مروان الأزدي. وظهر أيضا من الأزد محدث آخر هو الحافظ أبو محمد عبدالغني بن سعيد بن علي الأزدي ولد في مصر عام 332هـ وتعلم على أيدي علمائها ثم رحل إلى الشام فسمع أيضا من علمائها ورواتها، وعاد إلى مصر وصار من أشهر المحدثين بها في زمانه، وروى عنه الكثيرون ومدحه العلماء والمحدثون والفقهاء، قال عنه أبو عبدالله الصوري "أن عينيه لم تريا مثله". وقال عنه الذهبي" أنه كان حافظ وقته". وقال عنه ابن العماد الحنبلي"أنه كان ثقة صاحب سنة حافظا علامة". وقال عنه العتيقي أنه"كان إمام زمانه في علم الحديث، وحفظه ثقة مأمونا، ما رأيت بعد الدارقطني مثله".
وذكر البرقاني أنه سأل الدارقطني عندما قدم إلى مصر، عما إذا كان قد رأى في طريقه من يفهم شيئا من العلم، فأجابه "بأنه لم يرى في طول طريقه إلا شابا بمصر يقال له عبدالغني كأنه شعلة نار"، نظرا لعلمه وفضله في مجال علم الحديث وروايته.

ومن رجال الحديث من أزد مصر في القرن الرابع الهجري أبو عيسى العباس بن أحمد بن مطروح بن سراج النحوي الأزدي. والنحوي هنا ليست نسبة إلى علم النحو، ولكن نسبة إلى (نحو بن شمس بن عمرو بن غانم بن عثمان بن نصر بن زهران)، ونحو هذا بطن من زهران من الأزد الذين رحلوا إلى عمان بعد مالك بن فهم. وكان العباس النحوي الأزدي هذا ثقة ثبتا كما قال السمعاني، توفي في مصر سنة 353هـ.

ومنهم أيضا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري الذي روى بدمشق عن أبي الحسن الحلبي، وبمصر عن محمد بن أحمد الأخميمي، وقد وثقه الكتاني وغيره وتوفي في مصر في عام 461هـ.
ومنهم أيضا أبو عبدالرحمن إبراهيم بن عبدالرحمن بن محمد الكثيري الأزدي، عاش في المدينة فترة من الزمن فنسب إليها، وما لبث أن عاد إلى مصر واستقر بها، ثم رحل إلى الاسكندرية وحدث بها حتى توفي عام 262هـ.

وإذا كان هؤلاء المحدثون من الأزد من أها مصر ممن شاركوا في فتحها أو هاجروا إليها من عمان ومن البلاد الاسلامية الأخرى، واستقروا فيها وأصبحوا من أهلها وبرزوا في الحديث وروايته على هذا النحو. إلا أن هناك كثيرا من الأزد ممن وفدوا إلى مصر وكانوا من غير أهلها، وأخذوا العلم من علمائها وخاصة علم الحديث وروايته، من هؤلاء المحدثين من الأزد الوافدين إلى مصر أبو خازم المعلى بن سعيد التنوخي الشبيبي الأزدي (وشبيب من بني مالك بن فهم الزهراني الأزدي) من أزد عمان، ومحدثنا رحل من عمان إلى العراق ومنها إلى مصر حيث سكنها.

ومن الوافدين من الأزد أبوبكر عبدالله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي. ويبدو أن أجداد هذا المحدث قد رحلوا إلى البصرة في صدر الاسلام ، ثم رحلوا عنها إلى سجستان التي تعرف الآن (بكابل) وهي عاصمة دولة أفغانستان الاسلامية. ذلك أن السمعاني يخبرنا بأن الجد الخامس لهذا المحدث قتل يوم صفين بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنه كان محدث العراق وابن إمامها في عصره. أما الحفيد وهو أبو بكر عبدالله الأزدي الذي نتحدث عنه ، فقد كانت له رحلة طويلة في طلب العلم، فقد أتى إلى مصر، ثم ذهب إلى الشام وأصبهان ومدن خراسان مثل نيسابور ومرو، ثم استقر أخيرا في بغداد وصار مقدما على المشتغلين بالحديث فيها، ومات ببغداد سنة 310هـ.

ومن الوافدين أيضا من الأزد إلى مصر بقصد دراسة الحديث أبو الوليد عبدالله بن محمد بن يوسف الأزدي القرطبي المعروف"بإبن الفرضي" (351-403هـ). وقد درس هذا العالم الأزدي الأندلسي بجانب الحديث الفقه والأدب والتاريخ في وطنه، واستكمل دراسته لهذه الفنون من العلم في القاهرة وأيضا في مكة والمدينة، وعاد إلى وطنه (الأندلس)، وأصبح قاضيا لمدينة بلنسية في عهد الخليفة المهدي الأموي. قتله البربر عام 403هـ. له مصنفات عديدة منها كتاب(في شعراء أهل الأندلس)، وكتاب(المؤتلف والمختلف)، وكتاب(في مشتبه النسبة)، وكتاب (في تاريخ علماء الأندلس).

ولم يكن إبن الفرضي الأزدي القرطبي الأندلسي هو العالم الوحيد الذي وفد إلى مصر من أزد الأندلس لدراسة الحديث والفقه، فقد أقبل منها عالم آخر هو أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي القرطبي الأندلسي، وكان هذا المحدث مقرئا نحويا عارفا باللغة والنحو متدينا، وفد إلى مصر في مستهل القرن السادس للهجرة ، واستقر فيها فترة ثم رحل إلى دمشق، حيث قابله السمعاني هناك ونقل عنه وتعلم على يديه، ومن دمشق رحل أبو بكر الأزدي إلى العراق ومنها إلى أذربيجان، ثم عاد إلى الموصل وسكنها وبها توفي عام 567هـ.

جهود الأزد في مجال الفقه:

ظهر كثير من فقهاء الأزد في مصر، والواقع أن المحدثين الذين تحدثنا عنهم من قبل، كان كثير منهم يعملون بالفقه أيضا، أما من غلب عليه الاشتغال بالفقه فهم عديدون، منهم أبو رجاء يزيد بن أبي حبيب المعروف باسم يزيد بن سويد الأزدي الذي كان فقيه مصر وشيخها وفقيها، وأول من أظهر علوم الدين بها، وكانوا قبله يحدثون في الترغيب والملاحم والفتن. ولد في مصر عام 54هـ ودرس بها على يد عدد من الصحابة والتابعين وروى عنهم، كما روى عنه محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية، والامام الليث بن سعد وغيرهم كثيرون. كما روى عنه عدد من المؤرخين مثل البلاذري وابن عبدالحكم الذي لا تكاد تخلو صفحة واحدة من كتابه الذي دونه في فتوح مصر وأخبارها إلا وفيها ذكر ليزيد بن حبيب الأزدي. قال عنه الليث بن سعد "هو عالمنا وسيدنا" وأيضا يقول عنه وعن زميله الفقيه عبدالله بن أبي جعفر" إنهما كانا جوهرتي البلاد" ، وإنهما كانا أول من يعطي البيعة من أهل مصر للخلفاء، ثم يأتي بعد ذلك سائر الناس. ولم يكن غريبا أيضا أن يقول عنه الذهبي في تذكرته " أنه كان حجة حافظا للحديث"، وكان أحد ثلاثة فوض إليهم عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه أمر الفتيا في مصر، توفي في عام 128هـ.

ومن فقهاء الأزد في مصر أيضا زيد بن بشر بن زيد بن عبدالرحمن الأزدي، وقد كان هذا الفقيه مصري المنشأ والمولد، ولكنه يعد من أهل تونس لأنه رحل إليها في عام 232هـ ، وظل هذا الفقيه الأزدي في تونس حتى توفي بها عام 242هـ ، أي بعد عشر سنوات فقط من انتقاله إليها، مما يدل على أنه عاش معظم سنيين عمره في مصر، حيث تعلم فيها وتفقه في الدين وأصبح فقيها ثقة.

وهناك أيضا أبو محمد الربيع بن سليمان بن داود الجيزي المصري الأزدي بالولاء ، فقد كان مولى قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وكان صاحبا وتلميذا للإمام الشافعي ، وانصرف إلى تصنيف وترتيب كتاب ( الأم ) الذي وضعه الامام الشافعي تصنيفا دقيقا، وتعد روايته لهذا الكتاب من أوثق الروايات. ونظرا لعلو قدره بين الفقهاء والمحدثين، ونظرا لعلو إسناده وعدالته ، فقد روى عنه أبو داود والنسائي. سكن الربيع الأزدي الجيزة ونسب إليها وبها توفي عام 256هـ . ولا يزال أحد شوارع مدينة الجيزة يحمل اسمه حتى اليوم، ويسمى شارع الربيع الجيزي.

ومن فقهاء الأزد في مصر أيضا أبو القاسم بكر بن إدريس بن الحجاج بن مازن الأزدي، كان كثير الرواية عن عبدالله بن عبدالحكم ، وأخذ عنه أبو جعفر الطحاوي الأزدي، وقال عنه أنه كان فقيها.

وفي النصف الثاني من القرن الثالث للهجرة يطالعنا اسم أحد المهالبة الأزد الذين كانوا يعيشون في مصر وصاروا من أهلها ذلكم هو إبراهيم المهلبي الأزدي. وكان إبراهيم الأزدي أحد الفقهاء المصريين الذين ذهبوا من مصر إلى دمشق لحضور الاجتماع الذي دبره الأمير أحمد بن طولون أمير مصر والشام، وكتب أحمد بن طولون كتابا خلع فيه الموفق من ولاية عهد الخليفة، وشهد على ذلك معظم هؤلاء الفقهاء.

ومن أشهر فقهاء الأزد في مصر أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحجري الأزدي (239-321هـ)، ولد هذا الفقيه الأزدي في مصر في مدينة طحا وهي احدى مدن الصعيد، وانتسب إليها فقيل له الطحاوي، وتعلم وتفقه حتى أصبح شيخا للحنفية في مصر كلها، وانتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة. وقد بلغ أبو جعفر الطحاوي الأزدي مبلغا كبيرا في دراسته للفقه، واشتهر أمره بين علماء عصره، وصار إماما ثقة فقيها محدثا. ولذلك تعلم على يديه وروى عنه الكثيرون، وما يدل على مدى نبوغه وفضله وعلمه أن أحد أئمة الحديث وهو الطبراني أخذ عنه. له مصنفات كثيرة منها (أحكام القرآن)،(واختلاف العلماء)، (ومعاني الآثار). وقد مات هذا الفقيه الأزدي الكبير في عام 321هـ ، ودفن في نفس المقبرة التي يوجد بها قبر الامام الشافعي والتي تقع جنوب شرق مدينة الفسطاط. ولم يترك لنا أبو جعفر الطحاوي الأزدي كتبه فقط والتي أشرنا إليها كدلالة على علو قدره، وعلو همته، وإنما ترك لنا أبناءً وأحفاداً اشتغلوا بالعلم والفقه، منهم إبنه أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الطحاوي الأزدي، الذي روى عن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي وغيره، ومنهم حفيده أبو علي الحسين بن علي بن أحمد بن محمد الطحاوي الأزدي الذي توفي في عام 360هـ.

أيضا من مشاهير علماء الأزد في مصر الفقيه الشيخ عبدالرحمن بن أبي يزيد الأزدي (من بني سبرة بن أبي صفرة العتكي الأزدي العماني). وقد علا صيت هذا الفقيه حتى وصل إلى بلاد الأندلس، وصار شيخا لإبن حزم القرطبي الأندلسي حسبما جاء في جمهرته.

دور الأزد في مجال اللغة العربية وآدابها:

إن استيلاء الأتراك على السلطة في مصر في العصر العباسي الثاني، وخاصة منذ بداية عصر الدولة الطولونية في عام 254هـ ، يبدو أنه ترك أثره في مجال اللغة العربية وآدابها ، وبطبيعة الحال فإن اللغة لا تجد تشجيعا إلا من بنيها وممن يفهمها ويعشقها، وكان الأتراك لا يهتمون بما لا يحسنونه ولا يتقنونه من لغة وأدب. لذلك لم يظهر في عهدهم في مصر من الأزد من علماء اللغة الكثير.

ومن علماء الأزد في اللغة في مصر علي بن الحسن الهنائي الأزدي (من بني هناة بن مالك بن فهم الزهراني الأزدي) المعروف (بكراع النمل) نظرا لقصر قامته. ويبدو أنه عاش في الفترة التي تقع بين منتصف القرن الثالث وبين منتصف القرن الرابع للهجرة، وذلك لأننا لم نعثر له على تاريخ ميلاد أو وفاة اللهم إشارة تقول أنه كتب أحد كتبه وهو الكتاب المعروف باسم (المنضد) في عام 307هـ.
وعلى ذلك فهذا اللغوي الأزدي المصري معاصرا لابن دريد الأزدي الذي عاش في العراق وتوفي في عام 321هـ. المهم أن هذا اللغوي علي بن الحسن الهنائي يضارع إبن دريد. فقد ذكر له ابن النديم وياقوت الحموي كتبا كثيرة في اللغة وعلومها، منها كتاب (المنضد) الذي جاء فيه الهنائي الأزدي بلغة كثيرة مستعملة وحوشية(أي غريبة على الأسماع)، ورتبه على الحروف الأبجدية وكأنه قاموس في اللغة مثل قاموس (العين) للخليل بن أحمد الفراهيدي الزهراني الأزدي (من بني فراهيد ين مالك بن فهم). ويبدو أن كتاب المنضد كان ضخما متعدد الأسفار والمجلدات ، فاختصره صاحبه في كتاب آخر يسمى (المجرد)، ثم اختصر المجرد في كتاب ثالث يسمى (المنجد). وله أيضا كتبا أخرى منها كتاب (أمثلة الغريب أو مجرد الغريب)، جعله على أوزان الأفعال على مثال كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي جاء فيه بغريب اللغة. وللهنائي أيضا كتاب (المصحف)، وكتاب (المنظم).
ويشير صاحب أنباء الرواة بأن الهنائي الأزدي كان لغويا نحويا من علماء مصر، وأنه خلط المذهبين، أي مذهب أهل الكوفة وأهل البصرة في النحو واللغة. وذلك أنه أخذ عن النحويين البصريين والكوفيين، وإن كان إلى قول البصريين أبين وأقرب.
وقد كانت هذه الكتب التي ظهرت على يديه معروفة وموجودة في عصر إبن النديم وعصر ياقوت ومرغوب فيها في مصر وبلاد المغرب.

ومن علماء الأزد في مصر في اللغة أبو يعقوب محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يزيد المهلبي الأزدي (من بني المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني)، عاش هذا اللغوي في عهد الدولة الاخشيدية، وكان عالما نحويا لغويا كما يقول صاحب معجم الأدباء الذي لم يذكر لنا عنه سوى ذلك، وسوى أنه مات بمصر في عام 349هـ في خلافة المطيع بالله العباسي، وقال إنه ربما كان أخا لأبي الحسين علي بن أحمد المهلبي الأزدي الذي كان يعيش في تلك الفترة في مصر وكان من أهلها أيضا.

وفي عهد الدولة الفاطمية نجد بعض النحويين من المهالبة الأزد في مصر منهم على سبيل المثال مهذب الدين أبو المحاسن مهلب بن حسن بن بركات المهلبي الأزدي البهنسي، نسبة إلى بهنسا إحدى مدن صعيد مصر. وعاش في الفترة التي تقع بين منتصف القرن الخامس ومنتصف القرن السادس للهجرة، عاش في بهنسا وكان قاضيا لها. وقضى بقية عمره في مصر (القاهرة) حيث تصدى لتدريس الأدب في مدارسها، فانتفع بعلمه أناس كثيرون.
فقد كان هذا اللغوي بارزاً في علمه، ويتبين ذلك من كتبه التي تركها في هذا المجال، منها كتاب (النظم الزائد وحصر الشوارد)، وكتاب (شرح مقصورة إبن دريد)، وكتاب (المقصور والممدود)، مما يدل على علمه وإثرائه للغة، كما أثراها أهل قبيلته الأزد الآخرون في البلاد الأخرى من أمثال إبن دريد الأزدي، والخليل بن أحمد الفراهيدي (وكلاهما من قبيلة زهران من الأزد).

أيضا من علماء اللغة من الأزد في مصر اللغوي المعروف باسم أبي العباس أحمد بن محمد المهلبي الأزدي الذي يعرف ( بالبرجاني) ، وكان هذا اللغوي المهلبي الأزدي من أهل مصر أي من أهل الفسطاط والقاهرة ومقيما فيها، ويبدو أنه كان وافر العلم عظيم المعرفة، فقد ترك كثيرا من المصنفات، منها كتاب (شرح علل النحو)، وكتاب (المختصر في النحو).

ويبدو أن اهتمام الفاطميين باللغة جعل مصر مهبطا لطالبي العلم من عشاق اللغة ومحبيها. ذلك أننا نجد أن أزديا قرطبيا أندلسيا وفد إلى مصر وكتب بعض كتبه فيها، ذلكم هو أبوبكر يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي القرطبي، الذي كان إماما نحويا عارفا باللغة والنحو، والذي انتهى به الترحال في الموصل حيث سكنها وتوفي بها في عام 567هـ.

أما بالنسبة لشعراء الأزد في مصر فإن عددهم ليس بالكثير، منهم الشاعر عابد بن هشام الأزدي الذي عاش في صدر الاسلام أثناء ولاية مسلمة بن مخلد الأنصاري على مصر.

أما الشاعر الثاني فهو القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن إبراهيم الغساني الأزدي الأسواني (فهو من أزد الشام أو من أزد عمان على أساس أن الغساسنة لم يكونوا كلهم يعيشون في بلاد الشام، بل إن بعضهم يعيشون في عمان، ولا زال اسم الغساني اسما قبليا في عمان حتى الآن ))، أما الأسواني فهي نسبة إلى أسوان وهي إحدى مدن صعيد مصر، وفيها ولد القاضي أبو الحسين الغساني ونشأ فيها، ثم انتقل منها إلى قوص (دار إمارة الصعيد) في مطلع صباه، ثم ارتحل منها إلى القاهرة في عام 549هـ بعد مقتل الخليفة الفاطمي الظافر، فلما بويع الفائز الفاطمي بالخلافة دخل الشعراء عليه يهنئونه، فأنشد القاضي الغساني قصيدة كانت سبب حظوته في البلاط الفاطمي. إلا أنه بعد ذلك ساءت العلاقة بينه وبين الفاطميين، ولذلك عندما جاء أسد الدين شيركوه هو وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي إلى مصر في عام 560هـ ، اتصل به القاضي أبو الحسين الغساني الأزدي وكاتبه وانظم إليه في مقاومة الصليبيين، فقبض عليه الوزير شاور بن مجير وزير العضد الفاطمي آخر خلفاء الفاطميين في مصر، وكان هذا الوزير متواطئا مع الصليبيين ليس كرها في شيركوه وصلاح الدين الأيوبي فقط ، ولكن خوفا على الدولة الفاطمية منهما أيضا. وأدى هذا الأمر إلى قيامه بقتل القاضي أبو الحسين الغساني الأزدي في شهر محرم من عام 563 هـ قبل أن تسقط الخلافة بأربعة أعوام.
ومع هذه النهاية السياسية المحزنة لهذا القاضي الأزدي الأديب، إلا أنه كان مشهورا في مجالات أخرى غير السياسة، فقد كان ملما بعدد من فنون العلم والمعرفة، منها اللغة والنحو والعروض والأدب والشعر والفقه والتاريخ والمنطق والهندسة والفلك والطب. وكانت شهرته في الأدب أكثر، حيث كان كاتبا منشئا ومصنفا وشاعرا مجيدا لطيف المعاني غريب الأغراض قليل التكلف، وأكثر شعره في أغراض نفسه الوجدانية.
وقد ترك هذا الأديب الأزدي ثروة أدبية كبيرة، منها كتاب (منية الألمعي وبلغة المدعي)، وكتاب (جنان الجنان وروضة الأذهان) في أربعة مجلدات، وهو كتاب يشتمل على ذكر شعراء مصر ومن طرأ عليها من الشعراء، وله أيضا كتاب (المقامات)، وكتاب (الهدايا والطرف) بالاضافة إلى ديوان شعره الذي يقع في نحو مائة صفحة.

أما الشاعر الثالث فهو جمال الدين أبو الحسن علي بن ظافر الأزدي ولد في مصر، ويعتبر هذا الشاعر شاعرا مخضرما إذ أنه عاش في أواخر عصر الدولة الفاطمية، وبداية عصر الدولة الأيوبية، وقيل أنه توفي في عام 613هـ أو في عام 623هـ. وخلال هذا العمر المديد درس في البداية على يد والده، ثم بعد ذلك اهتم بدراسة الأدب على يد نفر من الأدباء منهم أبو الحسن علي اللخمي المقدسي، وتاج الدين زيد بن الحسن الكندي وغيرهم.
وكان إبن ظافر الأزدي إلى جانب اشتغاله بتدريس الفقه ملما بعدد من فنون العلم مثل الحديث واللغة والأدب والتاريخ، غير أن براعته وشهرته كانتا في مجال الأدب. له كتب ومصنفات في التاريخ والأدب والبلاغة والنقد والاجتماع مثل كتاب (أخبار الملوك السلجوقية)، وكتاب(أخبار الشجعان)، وكتاب (أخبار الدول الاسلامية)، وكتاب (من أصيب ممن اسمه علي)، وابتدأه بالإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكتاب (أساس السياسة)، وكتاب (مكرمات الكتاب)، وكتاب ( أسس البلاغة)، وكتاب (نفائس الذخيرة)، وغيرها.

دور الأزد في مجال التاريخ:

من الرواة الذين أخذ منهم المؤرخين في كتاباتهم التاريخية، نجد راوية عظيم ومشهور من رواة الأزد، هذا الراوية هو يزيد بن أبي حبيب المعروف باسم يزيد بن سويد الأزدي أبي رجاء الذي كان فقيه مصر وشيخها ومفتيها، وأول من أظهر علوم الدين واللغة بها، وكان أحد ثلاثة فوض إليهم عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه أمر الفتيا في مصر.
وهذا الفقيه والمؤرخ الأزدي عاش في فترة حاسمة من تاريخ مصر، وهي فترة بداية تحولها من النظام البيزنطي والحياة المسيحية إلى النظام الاسلامي والحياة الاسلامية . شهد إبن حبيب الصحابة والتابعين الذين فتحوا مصر، وعاصرهم ونقل عنهم أخبار الفتح وأحداثه. ولذلك تعتبر رواية إبن أبي حبيب الأزدي من أهم وأوثق الروايات الخاصة بتاريخ مصر في القرن الأول للهجرة وحتى وفاته في عام 128هـ .

أيضا من الرواة الذين أخذ عنهم المؤرخين في كتاباتهم التاريخية أبو القاسم علي بن الحسن بن خلف بن قديد الأزدي المصري، الذي اعتمد عليه أبي عمر محمد بن يوسف الكندي في كتابه (تاريخ ولاة مصر وقضاتها). كما اعتمد عليه الآخرون من المؤرخين قدامى ومحدثين. وروايات إبن قديد الأزدي تأتي على درجة عالية من الضبط والدقة. ونجد أن هذه الروايات تغطي الأخبار الواردة عن ولاة مصر منذ فتحها وحتى عام 218هـ. وعندما يأخذ الكندي في حديثه عن قضاة مصر نجده يعود مرة أخرى إلى الاعتماد بشكل رئيسي على إبن قديد الأزدي.

الجدير بالذكر أن الكندي لم يعتمد في رواياته التي اعتمد عليها في كتابه السالف الذكر على أزدي واحد وهو إبن قديد، وإنما اعتمد أيضا على رواة آخرين من الأزد منهم أحمد بن سلامة الطحاوي الأزدي ورباح بن طيبان الأزدي، وحمد بن ربيع الأزدي، ومحمد بن هارون بن حسان الأزدي.

وهكذا نرى فضل الأزد على المؤرخين عظيما ، وإننا لا نسى جهد واحد منهم ظهر في عهد العزيز بالله الفاطمي (365-386هـ) ذلكم هم الحسن بن محمد المهلبي الأزدي، الذي قام برحلة طويلة في بلاد السودان بتكليف من ذلك الخليفة، وألف له في عام 375هـ بعد عودته من رحلته كتابا في الطرق والمسالك عني فيه بتتبع منابع نهر النيل ، ووصف ما شاهده عند هذه المنابع ، وكذلك وصف بلاد السودان وصفا دقيقا يفيد من يؤرخ لهذه البلاد. ولسوء الحظ فقد ضاع هذا الكتاب ولم تصلنا إلا معلومات قليلة عنه وعن محتوياته في بعض المصادر التاريخية، إذ نجد فقرات وجمل مقتبسة عنه عند كل من ياقوت الحموي وأبي الفداء والقلقشندي.

وهكذا لعب الأزد دوراً كبيرا في تاريخ مصر الثقافي بكل اقتدار، بعد أن شاركوا في فتحها وهاجروا إليها وسكنوها وصاروا من أهلها، واشتغلوا بالعلم والتصنيف، فظهرت لهم مؤلفات عديدة في مجالات الحديث والفقه واللغة والأدب والتاريخ والرحلات، وقصدهم طلاب العلم والمعرفة من شتى أنحاء العالم الاسلامي، وأخذ عنهم كبار المحدثين والفقهاء والمؤرخين، وبذلك فإنهم أثروا الحياة الثقافية والعلمية في مصر كل الثراء وأغنوها كل الغنى، ربما أكثر من غيرهم ممن وفد إلى مصر وسكنوها.
رد مع اقتباس