حج اليوم الواحد للهاربين إلى زينة الحياة الدنيا

[محمد الساهر]

عكاظ
الثلاثاء 11/12/1429هـ ) 09/ ديسمبر/2008 العدد : 2732

علماء اعتبروه استهتاراً بالمشاعر وآخرون تمسكوا بـ «الحج عرفة»
حج اليوم الواحد للهاربين إلى زينة الحياة الدنيا

طالب بن محفوظ ـ المشاعر المقدسة
"عين على العجين وأخرى على الطحين"، مثل انطبق على كثير من حجاج الخارج في موسم هذا العام بعدما وطأت اقدامهم أمس الأول صعيد عرفات التي وصلوها في نفس يوم قدومهم إلى المملكة، فيما غادروها اليوم الثاني عائدين إلى بلادهم، بعدما وكلوا من خلفهم لإكمال النسك من رمي وهدي. ومع تطور التكنولوجيا، ووسائل الاتصال الحديثة، غدت رحلة الحج إلى الديار المقدسة لا تستغرق سوى يومين على أقصى تقدير، لمن جاء من خارج المملكة، ويوم واحد لمن داخلها وخاصة المدن القريبة من مكة المكرمة. والكل يجمع على أن الحج عرفة، أما المناسك الأخرى فيمكن برؤها بالهدي. ورغم أن الظاهرة ارتبطت برجال الاعمال ومن يستطيعون الوصول السهل إلى المشاعر المقدسة في نفس يوم عرفة، إلا أن سحب البساط من النسك على هذه الشاكلة يفتح العديد من علامات الاستفهام ما إذا كان من السنة في شيء، أم أنه مجرد ركض بلا فائدة.
لكن المنتمين لهذه الظاهرة، يرون أن وقتهم وظروفهم العملية لا تحتمل التأخير لأكثر من 48 ساعة، الأمر الذي يجعلهم مضطرين لاستخدام ما اعتبروها الرخص التي تتيح لهم إدراك الركن الرئيسي للحج، والتغاضي عن الواجبات التي يمكن حلها بهدي أو صيام، مثل رمي الجمار، والمبيت بمنى في أيام التشريق. ورغم أن الرحلة بالطائرة استغرقت لرجل الاعمال من جنوب آسيا محمد تاهو ما لا يقل عن ست ساعات إلا أنه وصل إلى مطار جدة في التاسعة من صباح يوم عرفة، ليغادرها بعد أربع وعشرين ساعة عائدا إلى بلاده، متحججا بأن لديه اجتماعا هاما وغيابه يضيع عليه صفقة كبيرة، فوكل سكرتيره للرمي والذبح عنه.
ولا يختلف عنه د.مصطفى عباس الطبيب المصري الذي جاء لأداء يوم عرفة المصادف ليوم إجازته الإسبوعية، فاستغلها لأداء الحج والاكتفاء بالوقوف بعرفة وفعل مثلما فعل رجل الأعمال الآسيوي، موضحا أنه لايستطيع ترك مرضاه أكثر من ذلك، لذا عاد مرة أخرى إلى بلاده.
والغريب أن رجل الاعمال محمود بو حمد من المغرب الذي وصل إلى عرفات عصرا، كان "تقريبا" أول المغادرين، حيث وقف في أطرافها وغادرها عند الغروب متجها إلى مطار الملك عبدالعزيز مرورا بمزدلفة لعدة دقائق، محتجا أن ليس لديه الوقت للمكوث أكثر من ذلك، مبينا أنه يحج عن والده المتوفى الذي ترك له وصية بذلك واختاره من بين أشقائه لأداء الفريضة.
ظاهرة واضحة
ويرى مدير عام وكالة سفر وسياحة معتز فؤاد كيال أن الظاهرة كثرت هذا العام بشكل لافت خاصة من الدول التي تعتمد يومي السبت والأحد إجازة رسمية لها، مشيرا إلى أن مكاتبهم ووكلائهم في الخارج تقوم بعمل مثل هذه الحجوزات القصيرة المدى والتي لا يستغرق أصحابها في الذهاب والعودة سوى أربعة وعشرين ساعة، وقال "استنفرنا موظفينا لاستقبال وتوديع هؤلاء فاضطررنا لإستحداث وظائف مؤقتة للشباب للعمل خلال هذه الأيام خاصة أن رحلات العودة لهؤلاء الحجاج تكون في أوقات متقاربة جدا". ويوضح أن برنامج حج اليوم الواحد، يبدأ بالوصول إلى مكة يوم عرفة وأداء طواف القدوم، ثم التوجه إلى عرفات ومزدلفة بعد الغروب ورمي جمرة العقبة ثم التحلل والتوجه إلى الحرم المكي مرة أخرى، فيسعى ويجمع بين طواف الإفاضة والوداع، وينيب عنه من يقوم برمي الجمرات أيام التشريق.
اختلاف في الاستهتار
واختلف العلماء في حجة اليوم الواحد، فلم يجزها البعض، ورفضوا الإخلال بشيء من أعمال الحج أو العمرة، مؤكدين أنه "من وكل في رمي جمراته أيام التشريق ونفر يوم النحر يعتبر مستهترا بشعائر الله وخالف الهدي النبوي"، معتبرين أن طوافه في غير وقته لأنه قدم طواف الوداع على رمي الجمرات.
لكن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. يوسف القرضاوي يجيز هذه الحجة، بشرط أن يقف الحاج بعرفة يوم التاسع ويرمي جمرة العقبة يوم العيد ثم يوكل عن بقية الأيام، وعليه هدي في مخالفته البعض من أحكام وواجبات الحج.

[الهيثم 07]

جزاك الله الجنة
وجعل ماقدمته بموازين حسناتك
وكل عام وانت بخير