منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > المنتدى الأدبي

جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة


المنتدى الأدبي

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 11-05-2013, 02:34 AM
الصورة الرمزية شذى الريحان
شذى الريحان شذى الريحان غير متواجد حالياً
عضو اداري
كبار الشخصيات
 






شذى الريحان will become famous soon enough
Lightbulb جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة


كتاب من تاليف عبد الله السمطي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]











لا جمود في الأدب، وذلك لأن الأديب هو ابن الحياة، وفي عصرنا الحاضر
تفنن الشعراء في رسم قصائدهم، ونظم أبياتهم الشعرية تحت مصطلح:
(القصيدة القصيرة) أو بمسمى آخر وهو: (الومضة)،
هو كتاب نقدي فريد في طرحه،
وهو كما ينعته عنوانه،
يبحث في جماليات القصيدة القصيرة عند
الشاعر الدكتور عبد العزيز محيى الدين خوجة،
يقول المؤلف - حفظه الله - في إرهاصه الكتاب ما نصه:
(إن الشاعر الدكتور عبد العزيز محيى الدين خوجة
ينتقي كلماته بعناية وهو يحدد
بشكل محكم طبيعة قصيدته الشعرية القصيرة،
التي تنهل من لغة مكنوزة ثرية، وهو هنا حيال لغة مفتوحة على كم هائل
من المفردات والتعبيرات، وهذا مكمن صعوبة شعرية
تتمثل في تنفيذ آلية الاختيار الشعري، وهي مهمة صعبة لمن يحس
بجمال التدقق اللغوي وبجمال العربية الثرية،
وهو ما نجده يتحقق في شعر خوجة). [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('http://www.zahran.org/vb/backgrounds/9.gif');border:5px double gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


هذا وينظر الكتاب إلى أدب الشاعر
الدكتور عبد العزيز خوجة من متنفسين وهما:

الأول: رحابة السياقات الشعرية وتعميق دلالاتها.

الثاني: احتفاء الحياة التخيلية -
إذا صح التعبير - على مختلف تعبيراته
الشعرية بتوسيع الحقول الدلالية للقصيدة.

هذه القراءة النقدية لديوان الشاعر خوجة،
تعتمد على ما جاء في كتابه (رحلة البدء والمنتهى)
وينطوي كتاب الناقد السمطي على ثلاثة فصول نقدية
تنظر في بنية القصيدة القصيرة عند الشاعر الدكتور عبد العزيز خوجة،
ووصف تجلياتها الجمالية، وقد جاء الفصل الأول بعنوان:
(خواص البنية القصيرة) وفيه تبيان لأبرز السمات الفنية
والجمالية التي تتمظهر في البنية القصيرة مثل:
التكثيف وبنية الحذف وشفرة الختام.

وحمل الفصل الثاني عنوان:
(الإيقاع والتكثيف الدلالي
وقد يبقى فيه المؤلف للبحث عن أثر الإيقاع
في تشكيل كثافة النص الشعري القصير وكيف استثمر الشاعر
البحور الصافية والتفعيلات القصيرة في إنتاج نصوصه الشعرية.

أما الفصل الثالث: فقد جاء تحت عنوان: تشكيلات المعنى
حيث وقف فيه المؤلف - حفظه الله - على أبرز
الدلالات الشعرية لدى الشاعر الكتابة عن الحب والوطن
والسفر والمكان والجمال والتأمل في الكون
وفي الذات الشاعرة والنفس الإنسانية بوجه عام.

وعن سمة الشعر عند شاعرنا الفحل يقول الناقد ما نصه:
(إن شعر الدكتور عبد العزيز خوجة يحمل قدراً من الرؤية
الشاقة التي تعبر عن الوهج الإنساني حيال العالم،
وقد آثر أن تكون تجربته الشعرية جمالية روحية،
تسمق إلى البحث عن هذا الوهج الذي يتبدى فيه العاطفة والحب والتعبير
عن حالات السفر والحنين والتأمل في الكون والأشياء
ووصف آيات الله تعالى الكونية بما فيها من جمال وجلال).

والكتاب مبسوط في 184 ورقة من القطع المتوسط،
وهو ينظر في نصوص شعرية للشاعر الدكتور عبد العزيز خوجة،
ويتأمل في جمالها وتألقها وسطوعها وقد احتوى الكتاب
في أحد أقسامه على مختارات شعرية أعجبت الناقد
وأخذت بتلابيبه فأثبتها على صفحات الكتاب، وحقيقة
أنها اختيارات شعرية ذوقية جميلة موفقة،
وهي تضم دلالات رمزية عن الجرأة والوطن والاغتراب: [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:gray;border:6px ridge silver;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




أداري لوعتي عن ناظريها
فتفشي مقلتي السر الدفينا
يكاد الدمع أن يجري بخدي
وتمنعه الرجولة أن يبينا
كأن الدمع ينبوع بقلبي
إذا ما قار لم يصل العيونا
يقيم الشوق في صدري حبيساً
ويأبى الحب أن يبقى سجيناً
فبوحي يا عيون ببعض حبي
لأن النطق أورثني الجنونا
عذابت البوح يضنيني ولكن
ضنى الكتمان يقتلني حنينا[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة شذى الريحان ; 11-05-2013 الساعة 02:59 AM.
رد مع اقتباس
قديم 11-05-2013, 02:40 AM   #2
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
والكتاب يتذوق شعر شاعرنا الدكتور عبد العزيز محيى الدين خوجة
سواء أكان على نمط الشعر العمودي أو الشعر الحر،
وهنا يقول الناقد -حفظه الله- ما ماهيته:
تتأدى القصيدة لدى عبد العزيز خوجة عبر شكلين شعريين:

الأول: الشكل البيتي الذي تتوارد فيه مجموعة من المقطوعات البيتية القصيرة.

الثاني: الشكل الحر التفعيلي الذي يتجلى في هذه النصوص القصيرة
التي تتكون من عدد من الأسطر الشعرية.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:darkred;border:4px solid black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



سبحان من خلق القلوب لكي تؤانسنا بآآآه

وتذوب من وجد على ألف ولام ثم لام ثم آه

سبحان ربي في علاه وفي سناه

أسرى بقلبي من ثراه إلى مداه إلى رؤاه

وأذابه وجداً فهذا منتهاه لمنتهاه

ويقول طرباً مختالاً الآتي:


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:white;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



مستحيل يا حبيبي بل حرام

ومحال كشفنا ستر الغرام

وهوانا إن هفا شوقاً لبوح

واعترانا بحين أو هيام

وهوانا لو تشكى من جنون

ثائراً يكوي دمانا كالضرام [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



وأخيراً: إن السمطي ناقد فحل صبور،
قدم دراسة أدبية نقدية شعرية في شعر الشاعر
الدكتور عبد العزيز محيى الدين خوجة،
وهي تتسم بالرصانة كماً وكيفاً وتحتاج منا إلى كثير
من الاحتفاء والتقدير، وقد أبرز مواطن الجمال في شعر الشاعر
من خلال قراءة متأنية لخطاب الشاعر الإبداعي
فجاء الكتاب تحفة نقدية منتقاه.




ساضع هنا الكثير من روائعه
تابعوني


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة شذى الريحان ; 11-05-2013 الساعة 02:54 AM.
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2013, 12:44 AM   #3
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

قراءة أسلوبية في قصيدة رحلة المنتهى للشاعر عبد العزيز خوجة

عثمان جمعان الغامدي







قصيدة رحلة المنتهى



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:white;border:3px double darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




أسمعت صوت الحب يهتف أننا

في الكون أغنيتان ترتحلان من آه وآه

وصدى هوانا في رؤاه يضيء من وهج سماه

ضمي إلى أفيائك العليا ذراه لعلها تخضر من قرب ذراه

إني وهبت جناحه وحنانه وجنونه وجميع ما تتلو الشفاه

وهتفت إني عاشق ومتيم .. هذا الهوى المجنون لا ندري مداه

هذا أنا ما بين مجرى العطر حتى منتهاه

في رحلة قدسية غيبية أجلو بها صنع الإله

وأعود حتى أعتلي أقصى المنى في مرتقاه

وكأني من مرتقاه لمنتهاه هوى تناثر في سناه

فأضاعني وأعادني وأذابني ونهلته شهدا تقطر من لماه

وعرفت أن الحب مرهون به وهتفت وارباه لا أحد سواه
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]





ارتبطت الرحلة والظَّعنُ بالشعر العربي ارتباطا وثيقا قديما،
وتشرَّب أصولَها الشعراءُ حتى أصبحت من أوسع التقاليد الشعرية دراسة
ونقدا، يأتي ذلك من الأهمية بمكان حينما نعلم أن موضوع الرحلة
كان أحد المقدمات المهمة في الشعر الجاهلي مثلها في ذلك مثل البكاء على الأطلال،
أو الإسراف في الشراب، أو وصف البطولات التي سجّلها الشاعر الفارس في حياته.
وكان كل ذلك يرد في صيغ فنية مشهورة ومعروفة يعرفها من يرجع إلى كتب النقد العربي القديمة والحديثة.

وقد اشتهر العديد من الشعراء بوصف الرحلة في قصائدهم مثل امرئ القيس،
والمثقب العبدي، وبشر بن أبي خازم، وغيرهم ممن نعتوا الأراضين القفر،
والثور الوحشي، وأشجار الدوم والنخل، كما نعتوا الظعائن وارتحالهن.

إلا أن القصيدة الحديثة، حينما مرت بتبدّلات جمّة، وتطورات عدَّة،
كان لابد لها أن تضع عن نيرها وصف الرحلة، والظعن،
وتتوجه صوب موضوعها الوحيد، فتلهج بفكرتها في موضوع واحد، ليست الرحلة جزءا منه بالضرورة.

لكنك قد تجد من أخذت نفسه على الترحال، وقد تَنَقَّلَ في فضاءِ الله يذرعه،
لا ينازع نفسه في السفر منازع، وكأن تلك النفس لم تعد تروم سوى الترحال،
بحيث تكون مقولة الجاحظ قد تحققت فيه، حينما وصف النفس الإنسانية
بأنها تحب تَعَبَيْنِ مهما بلغت مشقتهما، وهما العمران والترحال.
وهاهو الشاعر عبد العزيز خوجه قد ضمَّخ شعره بصنوف الوصف للسفر والترحال،
حتى إنه جعل الرحلة هي المبتدأ والنهاية حين وسم ديوانه ب (رحلة البدء والمنتهى):
(دار الأبحاث للترجمة والنشر، ط1، 1428ه، 2008م)،
وهذا شيء يتفق تماما مع ما نعلمه من تنقلاته المكوكية الكثيرة.

ديوان الشاعر خوجه (رحلة البدء والمنتهى) كان وفيا لوصف الرحلة،
ويعكس ما يمور في نفس الشاعر من تجارب التنقل والترحال،
والسفر والغربة، فجاءت الرحلة في عنوان الديوان نكرة (رحلة)
مضافة إلى معرَّفٍ ب (ال العهدية) في كلمة (البدء)
ثم عطف عليها كلمة (المنتهى).
حتى غدت الرحلة وكأنها جزء من مجموعة رِحلات،
حيث إن تنكير (رحلة)،
وإضافتها إلى المعرفة في كلمة (البدء)،
وهو ما يسميه النحاة بالتخصيص، يجعل القارئ يتفكر،
ويتوقع رحلات أخرى يمكن أن تكون للشاعر، فهناك إذًا رحلات أخر،
جعلت من تركيب العنوان جزءا من مجموعة أجزاء.

قد تكون هذه الرحلة مائزة، لكونها تعبّر عن الشمول،
حيث إنها رحلة (البدء والمنتهى)
وكأن ما بين البدء والمنتهى مجموعة أخرى من الرحلات التي تأتي
في خلفية تفكير القارئ، أو في اللا شعور. ولذلك فإن القارئ تباغته فكرة
تعدد الرحلات بمجرد انتهائه من قراءة العنوان، تحديدا،
حينما يصل إلى كلمة (المنتهى).
وتتسرب إلى نفسه نوازع التفكير في طبيعة تلك الرحلة، بربطه الرحلة بمفردة
(المنتهى) في التراث العربي الإسلامي،
وما ترمز إليه من بُعدٍ دِينيّ، يشير إلى (سدرة المنتهى)
التي هي في أعلى درجات الجنان، في الفردوس الأعلى،
وإليها انتهت رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإضافة إلى ذلك فإن سدرة المنتهى حينما وردت في الأثر،
وردت في سياق رحلة شهيرة، هي رحلة المصطفى صلى الله عليه وسلم،
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم أُعرِج به عليه الصلاة والسلام في رحلة
أخرى من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى.

الرحلة هنا، في عنوان الديوان، تستمد تعريفها بأسلوب الإضافة،
وتأخذ بعدا وطاقة كبيرين بأسلوب العطف في عبارة
(والمنتهى) ذلك أن الإيحاء الذي تكتسيه العبارة (رحلة البدء والمنتهى)
يشير إلى التفرد، ويعمق الشعور بتميز هذه الرحلة،
فهي كل شيء لأنها (البدء والمنتهى)،
كما نقول حين الحديث عن أمر بالغ الأهمية (أولا وآخرا كذا)
أي أن هذا الأمر هو الأول والآخر
لأهميته القصوى. ولأن تلك الرحلة كذلك، فهي خاتمة الرحلات،
وهي أهمها أيضا،
لأن البداية كانت منها والنهاية جاءت فيها،
ولأنها المنتهى ففيها الصعود والمعراج،
وفيها النهاية اللذيذة التي تتوق النفس إليها بعد اللغب والنَّصَبِ.

هذا من حيث عنوان المجموعة، أما القصيدة التي تمُتُّ بنسبٍ
إلى هذا العنوان فهي قصيدة رحلة المنتهى (ص:132).
فإذا ما طفقنا نربط عنواني الديوان والقصيدة ببعضهما البعض،
فإن أول ما يمكن الخروج به هو مكانة هذه القصيدة مقابل قصائد الديوان الأخرى،
فهذه رحلة المنتهى، والقصائد الأخرى لعلها هي رحلة البدء.
وبالعودة إلى ما ورد أعلاه (عن أن القارئ
يتفكر في رحلات أخرى حينما ينهي قراءة العنوان)،
فإن عنوان القصيدة هنا يجعل من (رحلة المنتهى)
نصف الديوان، وبقية قصائد الديوان النصف الآخر،
ولذلك فهي تدور في ذُرا مشاعر النفس الإنسانية،
وعمق خلجاتها، بارتهانها إلى الكوني والغيبي والقدسي أيضا.

إن الأجواء التي تدور العبارات والمعاني في فلكها في قصيدة رحلة المنتهى
تحلّق بالقارئ في أمداء لا نهائية، تَخِذَتْ من اتساع الكون وفضاء الله الواسع
مجالا تسبح فيه، فجاءت المعاني مؤكدة لهذا الاتساع،
لتوحي بالرحابة اللا محدودة، والأفق الممتد دون نهاية أو أمد:



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;border:5px solid white;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





إني وهبت جناحه وحنانه وجنونه وجميع ما تتلو الشفاه

وهتفت إني عاشق ومتيّم .. هذا الهوى المجنون لا ندري مداه[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]




جاء التتابع في أسلوب العطف ثلاث مرات متتاليات في شكل تصاعدي،
ثم أنهى البيت بعبارة يحس القارئ بعد الانتهاء
منها أنه خرج إلى فضاء واسع لا محدود من العبارات والأقوال والأسماء وهي
(وجميع ما تتلو الشفاه). وهو ما يذكرنا بالآية الكريمة في قوله جل جلاله:
"وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤوني
بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين،
قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" البقرة (31 ، 32)،
وكأن عبارة الشاعر (وجميع ما تتلو الشفاه)
تختزل في باطنها وثناياها كلَّ ما قيل وخرج
من الشفاه من كلام، وأسماء، وأوصاف ..الخ.

تجنح هذه القصيدة بشكل جليّ إلى التأكيد
على الشكوى بالاعتماد على أسلوب العطف، مثل:

إني وهبت جناحه وحنانه وجنونه وجميع ما تتلو الشفاه.
أو في قوله: وهتفت إني عاشق ومتيّم، أو قوله:
فأضاعني وأعادني وأذابني، أو عطف جملة على جملة كقوله: وعر
فت أن الحبّ مرهون به، وهتفت وارباه لا أحد سواه.
وقد يميل إلى التوكيد بتنويع الوصف نحو قوله: في رحلة قدسية غيبية.
وكل هذه التنويعات في التراكيب لا تُدخِلُ القارئَ أو السامع في أجواء القصيدة وحسب،
بل تعمق لديه الشعور بالشكوى، بحيث إذا ما كُرّر حرف العطف (الواو هنا)
يجعل الصفة تغور في أعماق المتلقي. فعلى سبيل المثال،
الشاعر هنا ليس عاشقا وحسب بل عاشق ومتيّم،
ولم يهب جناحه فقط بل وهب جناحه وحنانه وجنونه أيضا،
والأكثر من ذلك (كلّ ما تتلو الشفاه)
. فالتكرار في قصيدة (رحلة المنتهى)
ليس بحثا عن مفردات وصف وحسب،
بل هو حشد وتجييش لمجموعة من المشاعر الإنسانية
التي أُفعِمت بها نفس الشاعر، وجادت بها قريحته،
لتصل بالقارئ والسامع إلى الحال الحقيقية لطبيعة هذا الحب.

إضافة إلى ذلك فإن العطف ثلاث مرات بحرف الواو
يعطي إيقاع التكرار والتكافؤ،
ذلك أن العطف بالواو يعني التساوي،
فهي [أعني الواو] كما يقول النحاة،
تعطف متأخرا في الحكم أو متقدما أو مصاحبا.
ولعل الرجوع إلى الأبيات الأولى في القصيدة يوضح المعنى ويجليه،
ويعطيه بعده المعنوي الحقيقي:





[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:white;border:6px groove green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



في الكون أغنيتان ترتحلان من آه وآه

وصدى هوانا في رؤاه يضيء من وهج سماه[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]




فاستخدام الشاعر لكلمة (الكون)
جعل صوت الحب يرتحل دونما توقف في شكل فنّي يخاطب المشاعر
لا العقول، ويهمس في القلوب لا الآذان لأنه (أغنيتان) جميع مفرداتهما مكونة
من شكوى المحبين وتأوهاتهم (من آه وآه) فلا يستعصي معناهما على الفهم،
ولا يحتاجان إلى ترجمان يغير معانيهما. وما يجعل تلك الرحلة دون توقف
(بمصطلح رحلات الطيران) أنها تتحول إلى صدى يتردد في الكون بأسره:

وصدى هوانا في رؤاه يضيء من وهج سناه

ولهذا فإن قصيدة (رحلة المنتهى)
تجترح من السرمدية والتكرار مرتكزا لها، تستند عليه في توكيد
معنى اللا نهائية والعودة في شكل تكراري، لا ينتهي بمجرد الوصول إلى المطلب،
بل كأن هناك دورانا فلكيا مستمرا، كما تدور الأجرام السماوية في الكون دون توقف:



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;border:3px groove white;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


هذا أنا ما بين مجرى العطر حتى منتهاه

في رحلة قدسية غيبية أجلو بها صنع الإله

وأعود حتى أعتلي أقصى المنى في مرتقاه
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



يحس القارئ بوصف الشاعر لنفسه في هذه اللحظة
(هذا أنا ما بين مجرى النهر حتى منتهاه)
أنه استطاع أن يصل إلى مسار معين
وثابت ومستقر للرحلة، باستخدامه كلمتي
(ما بين) و (حتى)، إلا أن ذلك الشعور
لا يلبث أن يتغير في البيت الثالث:
(وأعود حتى أعتلي أقصى المنى في مرتقاه)
. هكذا تأخذ الرحلة وهي رحلة المنتهى
الشكل اللا نهائي في كل جزء من أجزائها،
وتجعل من المستقبل رغم ذلك أمراً ميتافيزيقياً،
يرتبط بجلاء برحلة الأكوان والغيبيات:
(في رحلة قدسية غيبية أجلو بها صنع الإله).

إن ربط المشاعر الإنسانية بالأمور الغيبية
يرتقي بتلك المشاعر من مرتبتها الدنيوية إلى مرتبة قدسية،
يجعل من مشاعر الحب التي وردت في القصيدة وشائج
تربط بين الحسي والمعنوي، الحقيقي والخيالي،
الأرضي الدنيوي والسماوي القدسي،
مثله في ذلك مثل أي وشيجة تصل ما ندركه مع ما لا ندركه:



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:white;border:5px groove purple;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



وكأنني من مرتقاه لمنتهاه هوى تناثر في سناه

فأضاعني وأعادني وأذابني ونهلته شهدا تقطّر من لماه

وعرفت أن الحب مرهون به وهتفت وارباه لا أحد سواه[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



فكما نلاحظ هنا ورود المفردات ذات الإيحاءات الدينية
بارتباط بيّن وواضح متمازج مع مفردات العشق والحب والوله،
فالمرتقى مع المنتهى، والشهد مع اللمى، وعبارة الحب مرهون مع عبارة
رباه لا أحد سواه. كل هذه التراكيب تجعل من القارئ
يستجيب للثنائيات في كل بيت، حتى إذا ما وصل إلى البيت الأخير
وجد التفرد، فربط الشاعر الحب بهذا المحبوب فقط،
في شكل مفاجئ، يشي بأنه لم يكتشف أن الحب مرهون بهذا الحبيب وحسب،
إلا حينما أنهى ارتحاله، وعاد إلى محبوبته، فوجدها هي
التي ابتدأ رحلة البحث من عندها، باحثا عن الحب وعاد من حيث بدأ.

يمكن للمتأمل أن يجد في هذه القصيدة دورة كاملة،
أو حلقة مفرغة بدأت بحكاية صوت الحب، في شكل سؤال وجّهه الشاعر / المحب إلى حبيبته:

أسمعتِ صوتَ الحبّ يهتف أننا في الكون أغنيتان ترتحلان من آه وآه



ثم بدأت رحلة الشك في شكل صعود وهبوط تتجاوب مع الأصداء،
بل يتشظى المحبوب في جزء من تلك الرحلة، فإذا وصل النهاية
يكتشف أنه عاد إلى البداية، ما يذكّرنا ببيت أبي نواس الذي يشتاق
إلى محبوبته في لحظات يمكن حسابها بلحظة الطرف،
فبمجرد رفع بصره عنها، يعود القلب إليها مشتاقا:

ما يرجع الطرف عنها حين أبصرها حتى يعود إليها القلب مشتاقا

وهاهو الشاعر خوجه لا تلبث رحلة البدء في الانطلاق
حتى يعود ثانية إلى رحلة المنتهى، في شكل تتماهى فيه مشاعر الحب
وخيالات العاشق، بواقع الحياة وفجاءة الحقيقة.

وباختيار الشاعر لحرف الهاء حرفا للرويّ، يكون
قد أوصل معاناته إلى قلب ولبّ القارئ، حين تكرار حرف الهاء
وقبله حرف الألف، وكأنه في كل قافية
يردد تأوها من فرط معاناته وشكواه.
فحين يختم القارئ البيت يجد أنه ينطق
مفردة (الآه) التي تأتي في مطلع القصيدة :


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-colorurple;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
في الكون أغنيتان ترتحلان من آه وآه[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



فتأتي معبّرة عن الشكوى،
حتى إذا ما انتهى القارئ منها يجد أن لسانه ينطق بها في كل مرة في شكل
إيقاعي لتؤكد شكوى الشاعر ومعاناته، فيجد نفسه يقول مع الشاعر في قوافي قصيدته:
سماه، ذراه، الشفاه، مداه، منتهاه، مرتقاه. حتى إذا بلغ البيت الأخير
وجد الشكوى الحقيقية في تفرّد ذلك المحبوب بحبه، فيلجأ حينها إلى ربه:




وعرفت أن الحب مرهون به وهتفت وارباه لا أحد سواه





اااكيد يتبع مع عبد العزيز خوجة

التعديل الأخير تم بواسطة شذى الريحان ; 12-05-2013 الساعة 01:08 AM.
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2013, 01:26 AM   #4
ابو عبد الرحمن
 
الصورة الرمزية ابو عبد الرحمن
 







 
ابو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

أداري لوعتي عن ناظريها
فتفشي مقلتي السر الدفينا
يكاد الدمع أن يجري بخدي
وتمنعه الرجولة أن يبينا


اختيار رائع كعادتك تنقلين لنا الأبداع لنتفس هواء الشعر والأدب
كلمات رائعه أبحرنا معه فحركت بداخلنا مكامن الوجدان

سلمت شذى
متابعين معك هناء ليكون هذا المكان واحة الوجدان لدينا
والله يعطيك العافيه
ابو عبد الرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2013, 06:54 AM   #5
البارود والبيردآن

مشرف مجلس بالخزمر
 
الصورة الرمزية البارود والبيردآن
 







 
البارود والبيردآن is on a distinguished road
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

بارك الله فيك
اتشرف دائماً متابعة مواضيعك المتنوعه والجميلة
ابداع متنوع يتمتع القاري بكل جديد موضوع يستهوي
الكثير والمختصين
لك اجمل تحية وفي أمان الكريم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
[gdwl]


(

.
(اللٌهمّ أُنصُرني علٌى القومً الظّالِمين)
)
[/gdwl]
أخر مواضيعي
البارود والبيردآن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2013, 11:00 AM   #6
براااق الحـــازم
 
الصورة الرمزية براااق الحـــازم
 







 
براااق الحـــازم is on a distinguished road
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

.
مرحبا بك يا شذى الريحان.

يشرف المنتدى الادبي, ان يستضيف, كهذا المجهود الذي يعنى بالحراك النقدي, لما ينتجة الشعراء.
فالقراءات النقدية, بهذ التقديم والعرض الجيد, مكسب للمنتدى, ورواده.
وهذا الجانب يتفق مع سياسة المنتدى, في هذه المرحلة.
.
.
اشكر لك تلبية الدعوة ايته الفاضلة.
..
.

لي عوده ان شاء الله.

.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
براااق الحـــازم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2013, 11:56 PM   #7
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الرحمن   مشاهدة المشاركة

  

أداري لوعتي عن ناظريها
فتفشي مقلتي السر الدفينا
يكاد الدمع أن يجري بخدي
وتمنعه الرجولة أن يبينا


اختيار رائع كعادتك تنقلين لنا الأبداع لنتفس هواء الشعر والأدب
كلمات رائعه أبحرنا معه فحركت بداخلنا مكامن الوجدان

سلمت شذى
متابعين معك هناء ليكون هذا المكان واحة الوجدان لدينا
والله يعطيك العافيه

يشرفني تواجدك وتسعدني عباراتك
الله يعافيك
لك مني باقات ياسمين وريحان.
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-05-2013, 12:11 AM   #8
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البارود والبيردآن   مشاهدة المشاركة

   بارك الله فيك
اتشرف دائماً متابعة مواضيعك المتنوعه والجميلة
ابداع متنوع يتمتع القاري بكل جديد موضوع يستهوي
الكثير والمختصين
لك اجمل تحية وفي أمان الكريم


مشرفنا الكريم
يشرفني تواجدك وتشجيعك
لك كل الشكر والإحترام.
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-05-2013, 12:19 AM   #9
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة براااق الحـــازم   مشاهدة المشاركة

   .
مرحبا بك يا شذى الريحان.

يشرف المنتدى الادبي, ان يستضيف, كهذا المجهود الذي يعنى بالحراك النقدي, لما ينتجة الشعراء.
فالقراءات النقدية, بهذ التقديم والعرض الجيد, مكسب للمنتدى, ورواده.
وهذا الجانب يتفق مع سياسة المنتدى, في هذه المرحلة.
.
.
اشكر لك تلبية الدعوة ايته الفاضلة.
..
.

لي عوده ان شاء الله.

.



شكري وإمتناني لردك الكريم ولتثبيت الموضوع
تحياتي وإحترامي لك دوما
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-05-2013, 03:01 AM   #10
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة

شعر عبدالعزيز خوجة بين الوجدان والفلسفة
مسعد عيد العطوي






يطل علينا الشاعر عبدالعزيز خوجة الذي احتضن مجمع الاتجاهات الشعرية
تحت مظلة واحدة في ديوانه رحلة البدء والمنتهى والتي أحال التقديم
عنه لتجربته والكشف عنها إلى الأديب الوجداني عبدالله جفري
-رحمه الله- وقد تكشف التقارب بين المبدع والناقد فكلاهما يفيض من خلال أحاسيس
وجدانية تهضم الفكر، بل الفلسفة، بل الهم المعاصر في أزاهير جميلة
لكنها تتفتق عن مناجاة عميقة لقراءة التكوينات الذهنية،
والتيارات المائجة المعاصرة، والهاجس الواقعي المشحون
بالمعاناة للذات والمجتمع والأمة والوطن فلسان حاله يقول:






[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:white;border:5px double purple;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


هو درب ربما يتبع دربًا
والمنى أحلام وعد
ذلك البحر طوانا
ليس للأمواج حد[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]





فالتكوين البشري يتمثل في أمشاج من التنوع الغريزي،
والفكري، والبساطة، والفطرة، متماسة مع التكوين الكوني
والعلاقات الإنسانية أو لنقل العلاقات البشرية حتى
نأخذها بكليتها الخيرية والشرية والوسطية والعقلانية
أو الانفعالية أو الاندفاعية، أما الانسانية
فإنه تدعونا إلى مائدة القيم العليا للإنسان فحسب.
والشعر هو وحي الإنسان البشري الذي يغلب عليه
لون من ألوان الغرائز أو الاتجاهات الفكرية، فالإنسان
يتعاطف مع تكوينه الذهني والغرائزي، تلك التي تخضع لتنمية
الفرد لها فإن ميله لاتجاه دون آخر يجعله يوظف
المكونات الذهنية لهذا الاتجاه ويطفو على تفاعل الغرائز الأُخر،
بل يوظف العقلانية لاتجاه، ومن هنا تولدت الاتجاهات الشعرية
تبعًا لتنوع المبدعين فمن الشعراء مَن هيمنت الأحاسيس
على تجربته الشعرية والأحاسيس الوجدانية نابعة من الحب
الذاتي أو الحب الجمعي، ويقابلها الألم الذي ينبع من فقدان
مكونات الحب،
وشاعرنا
معالي الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة،
في ديوانه رحلة البدء والمنتهى،
والعنوان انطلاقة زمنية،
فالوجدان وأحاسيسه وانفعالاته لها علائقها التي تتفاعل
مع التأثير الخارجي في الطبيعة، وفيض الحب البشري،
والخوجة شاعر متمكن من البناء الفني للشعر، فهو يوظف
الطبيعة لتنوب عن الأمنيات البشرية: فالأرض المجدبة تتمنى
الغيث لتهتز وتربو، وبلغة الانسان لتمرح وتفرح:
فإذا انزاحت الغيمة وهي لم تحقق أمل الأرض الجدبة،
فالألم والحزن يحتل مكانة في الأحاسيس بدلاً من الأمنيات والآمال:


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:white;border:5px double deeppink;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





قالت الغيمة للقفر اليباب
وهي ترنو من بعيد للسراب
من غدٍ أثوي على تلك الهضاب
من غٍد يخضر بالمزن التراب
لم يصدق وعدها القفر العنيد
ربما لم يفهم المعنى البعيد
أو رأى في لغة الوعد الوعيد
فاللغات؟ نسي القلب اللغات
والصبابات نسين الأمسيات
أترى مات ولم يدر الممات؟
لا تقولي سوف يأتي فأنا عفت الأمل
صهل الحزن بوقتي كل شيء قد رحل[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]





والقصيدة يتفاعل معها المتلقي الفطري بروح وجدانية عاطفية،
يقف بها عند علاقة الحبيب بالحبيب، والأماني والاستجابة،
أو الصد.. ويقف عندها المتلقي الذي لعبت به التكوينات الذهنية
إلى أدغال الحياة وعنفوانها الحارق للفكر، فيقول برمزيتها
وإسقاطها على الحياة البشرية التي تأمل الأماني فتكون سرابًا،
فينمو الألم والحسرة.
والغضب والزمن في قصيدته محدد بالفرقة
بين الغيمة والأرض المجدية،
أمّا في قصيدة (لا هرب) فإن الزمن التاريخي هو التلاقي،
وهو احتقان القلب بوهج الحب بالأثر النفسي
الذي أحدث التحولات لملاحقة الفاعلية الوجدانية،
ونتيجة هذا الاحتضان أو قل ما نتيجة الصيد:

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:white;border:6px double darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





يا قلب لا هرب فالسهم قد نشب
والنجم قد هوى في لجة اللهب
والأمر قد مضى والحب قد غلب
يا قلب تحترق لا لوم أو عتب
إذ ليس ما أرى من حبها لعب
قد همت في الهوى وهزني الطرب
يا قلب قد دنا من عمرك التعب
والنوم قد جفا العيون واغترب
والسهد قد بكى مذ شاهد العجب
يا قلب من أنا؟ جذلان أم تعب؟[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]





والنتيجة في تحقيق الأمل مجهولة،
فربما أمر تتقيه جر أمرًا ترتجيه، وربما أمر ترتجيه جر أمرًا تتقيه،
فإنه عبر بالسهم ليكون هنا صيد، والمصاد هل هو في خير
أم يدخل أبواب المعاناة والإرهاق والحسرة والألم؟.
فهتان القصيدتان تكشفان عن ازدواجية فطرية وجدانية
ذات نظرة قريبة لعلاقة الحب، ولكن التأمل للمتلقي
يدرك أن وراء صفو الماء عمقًا عقلانيًّا ينفث عن تكاثف الصور الدلالية،
ويستدعي نبض المتلقي بمخزونه الفكري، وكذلك يستدعي القارئ
إسقاط الشعر الصوفي ورمزيته عند ابن عربي وابن الفارض،
وإن اختلف الاتجاه الفكري بين الرمز الصوفي الذي يرمز إلى الذات الإلهية
. أمّا عند خوجة فهو يرمز إلى التكوين الفكري الواقعي المعاصر
الذي يلامس آمال إنسان اليوم، ويكشف عن مطالبه وأمانيه،
سواء كانت حرية أم رفاهية أو أماني اجتماعية،
كل ذلك يدركه المتلقي من خلال قراءة الديوان.
وهي خاضعة لتلاقي الفكر لعالم الشعر في الوطن العربي،
والعالم من حولهم فهم ينشدون تذليل العقبات التي تعترض
الفرد والمجتمع، بل الإنسان وحريته، فالشعر في صراع دائم.
والشاعر خوجة تألق وأبدع في قدرته على التمثيل المعاصر
لإنسان اليوم، فهو مثقل بوجدانه، وهو يحمل هاجس مجتمعه،
وهو ينبض من النبع الذهني متعدد التكوين، ومتعدد الرغبات
والأهداف تجاوبًا مع تنوع الغايات لهذا العصر.
فشعره له القدرة على التوصيل رغم المثاقفة والتعددية والازدوجية،
لكنه اتخذ الفيض الوجداني سبيلاً له، وقد أعلن فلسفته في الحب:




[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:white;border:4px solid deeppink;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]







فكي وثاقي يا حبيبة فالهوى في عرفنا لا يكون وثاق [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : جماليات القصيدة القصيرة في شعر عبد العزيز خوجة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جماليات الراقي ALRAGI الموروثات الشعبية 4 17-04-2013 06:19 PM
جماليات الخيانة ! كبرياء انثى المنتدى الأدبي 3 12-10-2011 08:48 PM
جماليات في صور ابو عادل العدواني التصوير الضوئي 14 09-11-2010 12:59 PM
لماذا يعشق الرجل المرأة القصيرة؟؟؟ غربة مشاعر المنتدى العام 9 09-05-2008 06:04 AM
أسباب عشق الرجال للمرأة القصيرة هـاوي زهـران شقائق الرجال 11 14-04-2008 01:09 PM


الساعة الآن 02:40 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved