![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5121 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() [frame="8 80"]
لأنك ِ غالية عزمت أن أخالفكِ جبلت على حبها فهي الحبيبة الغالية التي من أجلها جندت جوارحي وطاقاتي لسعادتها وهنائها غاية أنشدها أن تكون آمنة لا يمسها سوء من الشر المحدق بها , ولكنها ذات طابع عنادي يستهويها العبث واللهو في كنف المخاطر , إنها كالفراشة التي تبهرها شعلة النار لتقع وسطها وتحترق بها وإنها لتراودني لأطلق لها العنان لتحلق في هوائها الذي اغترت برونقه المصطنع , فتدفعني تارة لأستجيب لرغباتها وتارة تلاطفني لتزين لي نزواتها , وأنا ما بين عزمي على الحفاظ عليها وبين استمالتي لمطالبها متأرجح الفكر , فعقلي ينبهني باليقظة والحرص عليها من الوقوع في مزالق السوء ورغبتي تتبع رغباتها وتؤيد نزواتها وأنا بين الحالين أعاني الأمرين , إنها ساذجة فسرعان ما تخدعها تراقص أطياف الملذات وتأسرها ضحكات أقنعة الوحوش الضارية , إنها ضعيفة تنقاد دون هوادة إلى ترويج لبهرجة زائفة , فمسايرتها فيما تصبو إليه يوردها المهالك ويسوقها للضياع , وهذا ما لا أرضاه لها وكيف أرضا لها ذلك وهي الحبيبة التي ولدت وحبها معي , لا لن يكون هلاكها وضياعها أمام ناظري ومن بين يدي , فما قيمتي إن فقدتها وما سعادتي إن أهملتها , عذرا أيتها الغالية لن أدعك تعبثين برعونة رغباتك ونزواتك لن أسمح أن تعانقي لهيب النار بحماقاتك سأردعك وإن نغصت عليك لهوك الطائش سأمنعك من شغفك أن تمرحي مع وحوش يتربصون بك ليمزقوك أشلاء , ولأجل ذلك سأتسلح بسلاح الإيمان واليقين وقوة العزم والإرادة بعد التوكل على الله لأمنعك مما يؤذيك ففي أذيتك شقائي وبلائي , فعذرا منك إذ أني أخالفك مساعيك الشقية ومطالبك الرديئة فلن أطلق لك العنان كما كان سابق العهد والزمان فلقد آن الأوان لأني تخضعي لإرادتي وتكوني تحت سيطرتي , فلست رخيصة عندي لأدع لك المجال أن تهلكي في رعونة رغباتك وشهواتك ولأنك غالية عزمت أن أخالفك , فما أغلى منك يا نفسي عندي لأسعى لإسعادك وأحيطك باهتمامي وأحميك مما تسعين أن يعجل مصرعك وهلاكك وشقائك ولأنك عابثة بعشقك للهو في صخب الملذات عزمت العزم أن أجاهدك لأن في مجاهدتك سعادة لي ولك ِ فسأكون دائما فيك مناضلا و مجاهدا ( من أعظم الجهاد جهاد النفس ) وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم [/frame] |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5122 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ذلك زرعك .. وهذا حصادك يقول راوي القصة : كنت مدرساً في حلقة تحفيظ القرآن الكريم بالمسجد ،، أراه بعد المغرب في الخامسة عشرة من عمره ممسكاً بمصحف صغير يقرأ فيه ،، لا لم يكن يقرأ كان يوهمنا أنه يقرأ ،، كان يختلس النظرات الينا الحين بعد الحين ،، يريد ان يعرف ماذا نفعل ،، كان يسترق السمع الفنيـة بعد الاخرى ،، يريد أن يعرف ماذا نقول ،، وكلما نظرت اليه غض طرفه وعاد الى قراءته كأن لم يفعل شيئا ،، كان يجلس يومياً هذه الجلسة الخجولة ،، وينظر تلك النظرات الراهبة ،، بعد انتهاء صلاة العشاء ،، عزمت على التعرف عليه . أنا اسمي سلمان أدرّس في حلقة القرآن الكريم بالمسجد ،، وأنا اسمي خالد عجباً !!! قالها بسرعة كأنه كان يحضر الاجابة ويتوقع السؤال . أين تدرس يا خالد ؟؟ - في السنة الثالثـة المتوسطة ،، وأحب القرآن جـداً ،، إزداد إعجابي !!! ما ضرورة تلك الجملة الاخير ؟!! تشجعت وقلت له ،، خالد هل لديك فسحة في الوقت بعد المغرب ، نأنس بوجودك معنا في حلقة القرآن الكريم . هـاه !! القرآن ،، الحلقة ،، نعم ،، نعم ،، بكل سرور ،، سوف آتي ان شـاء الله إذن ،، موعدنا غداً ان شاء الله . أمضيت ليلتي وانا افكر في حال هذا الفتى العجيب ،، استعصى علي النوم حاولت أن اجد اجـابـة لمـا رأيت وسمعت ، فما استطعت قلت في نفسي : تبدي لك الايام ما كنت جاهلاً -- ويأتيك بالاخبار من لم تزود وضعت جنبي على شقي الايمن .. لفني اللي بين أدرانه ،، وأخذني النوم في أحضانه اللهم اسلمت وجهي اليك ،، وفوضت أمري اليك ومضت الايام ،، وخالد مستمر معنا في حلقة القرآن ،، كان نشيطاً في الحفظ والمراجعة ،، أحب الجميع ،، وأحبه الجميع ،، كان لا يفارق المصحف ،، ولا يترك الصف الاول ،، لم نكن ننكر عليه أي شيء ،، إلا شيئاً واحداً !!؟؟ شروده الطويل ،، وتفكيره الساهم ،، فأحياناً نحس أن جسمه معنا ،، لكن روحه تمضي ،، سابحة في ملكوت اخر ،، غارقاً في دنيا اخرى ،، كنت افاجئه احياناً ،، فلا يملك إلا أن يلملم هروبه الذهني ،، وشروده الفكري ويعتذر بعذر ،، وهو يعلم أننا لا نصدقه اخذته يوماً الى شاطئ البحر ،، فلعل سره الكبير يلتقي مع هذا البحر الكبير فيفرغ ما في نفسه من هم ،، ويخرج ما في روحه من الم وصلنا الى البحر ،، ومشينا على شاطئه ،، كان الوقت مساءاً ،، وكان القمر بدراً منظر عجيب ،، التقى فيه سواد الماء مع سواد البحر ،، ووقف نور القمر الفضي ،، حائراً بينهما كوقوفي حائراً أمام خالد تسري خيوط القمر البيضاء الهادئة الصامته على صفحة هذا البحر الهادئ الصامت ،، ووقفت أنا أمام هذا الفتى الصامت ،، المنظر كله صمت في صمت ،، فلا صوت هناك يُسمع سوى صوت الصمت فجــأة !!!؟ يخترق هذا السكون الصامت ،، صوت بكاء حار ،، ونحيب مــر صوت خالد وهو يبكي ،، لم أشــأ أن اقطع عليه لذة البكـاء ،، وطعم الدموع فلعل ذلك يريح نفسه ،، ويزيل همـه وبعد لحظات قال ،، أني احبكم ،، احب القرآن ،، وأهل القرآن ،، احب الصالحين ،، والطيبين ،، ولكن ،، أبي ،، أبي أبـوك وما بال أبيـك يا خـالد ؟؟ أبي يحذرني دائماً أن امشي معكم ،، يخاف منكم ،، يكرهكم ،، كان دائماً يبغضني فيكم ،، ويستشهد على ذلك بقصص وحكايات وأساطير وروايات ،، ولكن عندما كنت أراكم في الحلقة تقرؤون القرآن ،، كنت أرى النور في وجوهكم ،، النور في كلامكم بل كنت ارى النور في صمتكم كنت اشك بكلام والدي ،، فلذلك كنت دائماً أجلس بعد المغرب ،، أنظر اليكم وأتخيل نفسي معكم ،، اقتبس من نوركم ،، وأرشف من معينكم . أتذكر ؟ ،، أتذكر يا استاذ سلمان ؟؟ اتذكر ،، عندما اتيتني بعد صلاة العشاء ؟ ،، لقد كنت انتظرك منذ زمن بعيد ،، تُمسك بروحي ،، وتجعلها تحلق مع أرواحكم ،، في عالم الطهر والعفاف والنور والاستقامة ،، تشجعت ،، دخلت الحلقة ،، اجتهدت ،، لم أكن أنام ،، كانت ايامي وليالي كلها قرآن ،، لاحظ ابي التغيير الذي طرأ على حياتي ،، عرف بطريقة أو باخرى ، انني دخلت التحفيظ ومشيت مع ( المطاوعة ) حتى كانت تلك اللية السوداء ،، كنا ننتظر حضوره من المقهى ،، كعادته اليومية ،، لنتناول طعام العشاء سوياً دخل البيت ،، بوجهه المظلم ،، وتقاطيعه الغاضبة ،، جلسنا على سفرة الطعام ،، الكل صامت ،، كالعادة ،، كلنا نهاب الكلام في حضوره ،، ثم قطع الصمت بصوته الاجش الجهوري ،، وبصراحته المعهودة لقد سمعت أنك تمشي مع (( المطاوعـة )) ؟؟؟؟ أصيب مقتلي ،، عُقـد لساني ،، ذهب بياني ،، اختلطت الكلمات في فمـي ،، لم ينتظر الاجـابـة ،، تناول إبريق الشاي ،، ورماه بقـوة في وجهي ،، دارت الدنيا في رأسي ،، واختلطت الالوان في عيني ،، وأصبحت لا أميز سقف البيت من جدرانه ،، من أرضـه ،، سقـطت ،، حملتني امي ،، صحوت من اغمائتي الخفيفة ،، على يديها الدافئة ،، وإذا بالصـوت الجهـوري ،، يقول اتركيه ،، والا اصابك ما أصابه ،، استللت جسمي من بين يدي امي ،، تحاملت على نفسي لاذهب الى غرفتي ،، وهو يشيعني بأبشع الشتائم ،، واحط الالقاب ،، لم يكن يمر يوم إلا وهو يضربني ،، ويشتمني ،، ويركلني ،، يرميني بأي شيء يجده أمامه ،، حتى أصبح جسمي لوحـة مرعبـة ،، اختلطت فيها الالوان الداكنـة ،،كرهته ،، أبغضته ،، امتلأ قلبي بالحقد عليه يومٌ من الايام ونحن على سفرة الطعام ،، قال قـم ولا تـأكل معنــا وقبل ان اقوم ،، قام هو وركلني في ظهري ركلة ،، اسقطتني على صحن الطعام ( تخيـلـت ) انني اصـرخ في وجهـه وأقـول لـه ،، سوف أقتص منك ،، سوف اضربك كما ضربتني ،، سوف اكبر واصبح قوياً ،، وسوف تكبر وتصبح ضعيفاً ،، عندها ،، افعل بك كما تفعل بي ،، واجزيك شر ما جزيتني ،، ثم هربت ،، خرجت من المنزل ،، اصبحت اجري واجري على غير هدى ،، وبدون هدف ،، حتى ساقتني رجلي الى هذا البحر ،، الذي تغسل امواجه هموم نفسي ،، وآلام فؤادي ،، وامسكت بالمصحف اقرأ فيه ،، حتى اني لم استطع ان اواصل من كثرة البكاء ،، وشدة النحيب عندها نزلت من خالد بعضاً من دموعه النقية ،، التي سطعت في ضوء القمر كما يسطع اللؤلؤ تحت ضوء المشاعل ،، لم انبس بكلمة واحدة ،، فقد ربط العجب لساني واستعجـم بيـاني ،، هل اعجب من هذا الاب الوحشي ،، الذي خلا قلبه من معاني الرحمة ،، وعشعشت في قلبه شتى انواع القسوة ،، ام اعجب من هذا الابن الصابر الذي اراد الله عز وجل له الهداية ،، فألهمه الثبات ،، ام اعجب منهما الاثنين ،، حين استحالت رابطة الابوة والبنوة بينهما أشلاء ،، صارت علاقتهما كعلاقة الاسد بالنمر ،، والثعلب بالذئب اخذت بيده ،، مسحت دموعه بيدي ،، وصبرته ودعوت له ،، ونصحته ببر والده والصبر على أذاه ،، ولو حصل منه ماحصل وفعل ما فعل ،، ووعدته بأن اقابل والده واكلمه واستعطفه مرت الايام وانا افكر في الطريقة التي افاتح بها والد خالد في موضوع ابنه ،، وكيف اتكلم معه ،، وكيف اقنعه ،، بل كيف اعرفه على نفسي ،، وكيف سأطرق عليه الباب ،، واخيراً استجمعت قواي ،، ولممت افكاري ،، وقررت ان تكون المواحهة ،، اقصد المقابلة اليوم ،، الساعة الخامسة ،، سرت الى منزل والد خالد ،، وسارت معي افكار الكثيرة ،، وتساؤلاتي العديدة ،، طرقت الباب ،، ويدي ترتجف ،، وساقي تعجز عن حملي ثم فُتح الباب ،، وإذا بذلك الوجه العابس ،، وتلك التقاطيع الغاضبة ،، فابتسمت ابتسامة صفراء لعلها تمتص نظرته السوداء ،، وقبل ان اتكم !!! (( امسك بتلابيب ثوبي ،، وشدني اليه )) ،، وقال : - انت ( الموطـع ) الذي تدّرس خالداً في المسجد ؟؟،، قلت : ن ،، ع ،، م - قال ،، والله لو رأيتك تمشي معه مرة اخرى كسرت رجلك ،، خالد لن يأتيكم بعد الان . ثم ،، جمع (( مـادة فمـه )) ،، وقذف بها دفعـة واحـدة في وجه الفقير الى الله ،، واغلق الباب ،، كان ختـامهـا مسكـاً مسحت عن وجهي ما أكرمني به ،، ورجعت ادراجي وأنا اسلي نفسي واقول ((رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام ،، فُـعل به أكثر من هذا ،، كذبه قومه شتموه ،، رموه بالحجارة ،، أدموا رجله ،، كسروا رباعيته ،، وضعوا القاذورات فوقه ،، اخرجوه من وطنه ،، وطردوه من أرضه )) ومرت الايام ،، تلو الايام ،، والشهور تلو الشهور ،، ونحن لا نرى خالداً ،، فأبوه يمنعه من الخروج حتى للصلاة ،، ونحن يمنعنا من رؤيته وزيارته ،، دعونا له ونسيناه في غمرة الحياة ،، ومرت السنون ،، وفي ذات ليلة ،، بعد صلاة العشاء ،، في المسجد إذا بيـد غليظة تمسك كتفي انها ذات اليد التي امسكت بعنقي قبل سنين ،، انه نفس الوجه ،، ونفس التقاطيع ،، ونفس الفم الذي اكرمني بما لا استحق ولكن ؟!! هناك تغيراً كبيراً !! الوجه العابس ،، أضحى منكسراً ،، التقاطيع الغاضبة ،، امست ذليلة هادئة ،، والجسم هدته الالام والهموم ،، والجسد اضعفته الاحزان والغموم ،، اهلا يا عم ،، قبلت رأسه ورحبت به ،، وأخذنا زاوية في المسجد ،، انفجر باكياً ! ،، سبحان الله ،، ما كنت أظن ذلك الجبل سوف يصبح في يوم من الايام سهلاً ،، ولا ذلك البحر الهادر ،، يمسي غديراً منسابا ،، تكلم يا عم ،، واخرج ما في نفسك ،، كيف حال خالد ؟؟؟؟ خالد!! وكأن بكلمتي هذه قد غرست في احشاءه خنجراً ،، واودعت في فؤاده سكيناً تنهد بعمق ومضى يقول ،، اصبح خالد يا بني ،، ليس خالداً الذي تعرفه ،، ليس خالد الفتى الطيب الهادئ الوديع ،، منذ ان خرج من عندكم ،، تعرف على شلة من شلل الفساد ،، فهو اجتماعي بطبعه ،، وهو في سن يحب فيها ان يخرج ويدخل ويلهو ويلعب بدأ بالدخان ،، شتمته وضربته ،، لا فائدة فقد تعود جسمه على الضرب ،، واستساغت اذناه الشتائم والسباب ،، كبر بسرعة ،، كان يسهر معهم طويلاً ،، لا يأتي إلا مع خيوط الفجر ،، طرد من المدرسة ،، أصبح يأتينا في بعض الليالي وكلامه ليس ككلامه ،، ووجه لي كوجهه ،، لسانٌ يهذي ،، ويـدٌ ترتعش ،، اصبح جسماً مهترئاً ضعيفاً ،، تغير ذلك الوجه الابيض النقي ،، اصبح وجهاً اسوداً عليه غبار الخطيئة والضياع ،، وتغيرت تلك العينان الصافيتان الخجولتان ،، اصبحت حمراء كالنار ،، وكأن ما يشربه او يتناوله تبدو عاقبته على عينيه في الدنيا قبل الاخرة ،، ذهب ذلك الخجل والاستحياء ،، وحلت مكانه الرعونة وسؤ الادب ،، ذهب ذلك القلب الطيب البار ،، واستحال قلباً قاسياً كالصخر أو أشد ،، اصبح لا يمر يوم إلا ويشتمني ،، أو يركلني ،، او يضربني ،، تصور يا بني ،، أنا أبوه ويضربني ؟؟!!!!! ،، ثم عاود البكاء الحار ،، ونحيبه المر ،، ثم مسح دموعه ،، ارجوك يا بني ،، يا سلمان ،، زوروا خالد ،، خذوه معكم ،، سوف اسمح لكم ،، بيتي مفتوح أمامكم ،، مرّوا عليه ،، انه يحبكم ،، سجلوه في حلقة تحفيظ القرآن ،، خذوه معكم في رحلاتكم ،، لا مانع عندي ابداً .. بل انني راض ان يعيش في منازلكم ،، وينام معكم ،، المهم ،، المهم ان يرجع خالد كما كان ،، ارجوك يا بني اقبل يديك ،، والثم رجليك ،، ارجوك ،، ارجوك ،، ومضى في بكائه ونحيبه ،، وحسراته ،، حتى انهى ذلك كله ،، فقلت له ياعم ،،، ( ذلك زرعك .. وهذا حصادك ) ،، ورغم ذلك ،، سـوف احـاول . --------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5123 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() [frame="8 80"] كــن ابـن المعجــزة هذه كلمات قرأتها أول ما قرأتها وتأثرت بها كثيرا وانفعلت معها ..أرجو أن تصل شرارتها إلى قلب من يقرأها ..- -إن من حكمة أن يذكر المسلمون نبيهم مرات ومرات في اليوم_ في الصلاة وخارجها _ :ألا ينقطعوا من نبيهم ولا يوماً واحداً من التاريخ ، ولا جزءاً واحداً من اليوم ،،فيمتد الزمن مهما امتد ، والإسلام كأنه على أوله ..والمسلم كأنه بين يديه صلى الله عليه وسلم ،تبعثه روح الرسالة ، ويسطع في نفسه إشراق النبوة ..• وإن من حكمة تكرارها وملازمتها _ أي الصلاة على رسول الله _ ،كأنها تهتف بالمسلم :أيها المسلم.. !لا تنقطع من نبيك العظيم ، وعش معه أبداً ، واجعله مثلك الأعلى ،وحين تذكره في كل وقت فكن كأنك بين يديه ،كن دائماً كالمسلم الأول ، كن دائماً ابن المعجزة ..! في ضميري دائماً صوت النــبي آمـراً : جاهدْ وكابدْ واتعــبِصائحـاً : غالبْ وطالبْ وادأبِ صارخاً : كن أبداً حراً أبيوأزيد سطرا من عندي فأقول :ولو تعطر قلبك بهذه السيرة النبوية المشرقة ،هبت عليه ولابدنسائم من نسائم الجنة وهو لا زال يدب بقدميه في دنيا الناس(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً .. فَأَحْيَيْنَاهُ ..وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ..كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ..كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [/frame] |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5124 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() بعض ما جاء فى كتاب قاعدة فى الصبر لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء 1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب 70-71]. أما بعد، فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. وبعد، فإن الصبر من أعظم خصال الخير التي حث الله عليها في كتابه العظيم،وأمر بها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة، وقد وردت مادة (صبر) في القرآن الكريم في مائة وأربعة مواضع، على تنوع في مواردها وأسباب ذكرها. فقد أمر الله نبيه بخلق الصبر فقال: رضي الله عنه {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ} [النحل 127] وقال تعالى : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف 35]. وأمر الله به المؤمنين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران 200]. وأثنى على أهله، فقال تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة 177]. وأخبر بمحبته للصابرين، فقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران 146]، ومعيته لهم، فقال تعالى : {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال 46]. وأخبر أن الصبر خير لأصحابه، فقال تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل 126]. ووعدهم أن يجزيهم أعلى وأوفى وأحسن مما عملوه، فقال تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل 96] وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر 10]. وبشرهم فقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة 155] وأخبر أن جزاءهم الجنة فقال تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان 12]. وقد قرن الله الصبر بالقيم العليا في الإسلام،فقرنه باليقين، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة 24]، وقرنه بالتوكل، قال تعالى: {َنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [العنكبوت 58، 59]، وقرنه بالصلاة في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة} [البقرة 153]، وقرنه بالتقوى في عدة آيات منها: قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [آل عمران 186]، وفي قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران 120]، وقوله تعالى في سورة يوسف: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف 90]. وقرن الله - تبارك وتعالى - الصبر بالعمل، فقال: {إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود 11]، وقرنه بالجهاد، في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل 110]، وفي قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِين} [محمد 31]، وقرنه بالاستغفار: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ}، وقرنه بالتسبيح،في قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور 48] وفي قوله تعالى في سورة طه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه 130]، وقرن الصبر في القرآن الكريم بالحق، في قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر 1-3]، وقرنه بالرحمة، قال تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد 17]، وقرنه بالشكر في عدة آيات، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم 5]. ------------- مشاركة/ شبيه الريح/بلخزمر |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5125 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() فليعود قلبك من الغفلة للعزة مذاقها، وللذل ألوانه التي تمتزج بخليط من الحسرة والوضاعة ودنو الهمة وخسة النفس وخيبة الأمل!! وهل هناك عزٌّ إلا بطاعة الله والتقرب إليه؟! وهل هناك ذلٌ أو هوان إلا بمعصية الله والابتعاد عن أوامره؟! لقد عايشت أهل الطاعة وأهل المعصية، فوجدت نفسي قد حييت فوق كوكبين غير أنهما على سطحٍ واحدٍ، هو سطح هذه الأرض!! إلا أن الهوة بينهما ساحقة!! فأهل الطاعة قد عرفوا معالم الطريق إلى الله؛ فنسجوا حياتهم على ضوئه، ولسان حالهم يقول: "عونك اللهم على بلوغ رضوانك" قد طال بهم المسير على الأشواك التي هانت عليهم نظير فوزهم المأمول بيوم المعاد. أما أهل المعصية فيتخبطون من ظلمةٍ إلى ظلمةٍ، حتى صاروا يلتمسون النجاة في المزيد من التخبط كالسكارى، لا يعرفون معلماً ولا يسلكون للنور طريقاً، قد زادتهم تخبطاتهم حسرات ضاقت منها القلوب، وتحشرجت بثقلها النفوس، ولسان حالهم يقول: "كيف السبيل إلى المجهول"!! قد فقدوا كل معاني الأمان بعدما رحلت عنهم بشؤم معصيتهم راحة النفس وهدوء الخاطر، فغلَّفتهم الغفلة برداء من فوق رداء؛ حتى تحول بينهم وبين رؤية أي مصيصٍ من النور الذي قد يأخذ بأيديهم إلى الله - تعالى -من جديد!! كل هذا.. وعقارب ساعة العمر لا تتوقف!! فيقترب أهل الطاعة من بلوغ مسيرتهم يحدوهم نداء ربهم: "[يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ] {العنكبوت:56} ". فترد أفئدتهم قائلة: "يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا إلى طاعتك". أما أهل المعصية.. فيزدادون انغماساً في وحل الغواية وذل المعصية ومستنقعات الرذيلة!! قد أفقدتهم الغفلة عقارب ساعات أيامهم المنهارة نقصاً، فسرقت منهم أعمارهم بعدما ألقت في روعهم شعور كاذب بتوقف عجلة الحياة وأن العمر المديد لا يزال يتلألأ أمام أعينهم!! فتنزل عليهم سياط سكرات الموت لتوقظهم بعدما لا استيقاظ، وتفجعهم بمصير لم يكونوا ليتصوروا فداحة مآله!! فانظر كيف كان حال أهل الطاعة في دنياهم ممهداً لسعادة آخرتهم. وكيف كان حال أهل المعصية ممهداً لدمار آخرتهم!! فاجذب زمام نفسك بقوة عن السير في ركب الغافلين، وأحكم قبضته بحسمٍ للسير قدماً في ركاب الصالحين وليعد قلبك من غفلته..فلقاء الخلد في تلك الرحاب --------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5126 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() همسات شتويه الحمدلله والصلآة والسلآم على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا في هذه الأيام نعيش اجواء فصل الشتاء البارد فاغلبنا قد احضر الملآبس الثقيله والمدافئ الثمينه ليحمي اهله ونفسه من هذه الأجواء البارده ف من هنآ وضعت همسآت شتوية بمناسبة هذا الفصل الرقيق .. [الهمسه الأولى] ما ان يدخل فصل الشتاء الا وترى الأسواق مزدحمة فالكل ذهب ليشتري ملآبس تقيه من برد الشتاء القارس فهذه قبعات وهذه جوارب وتلك جاكيتات واخرى بطانيات وترجع الأسرة بانواع واصناف الملآبس الواقيه هنآ !! لآ تنسى جارك او قريبك من اتاهم الشتاء تلو الشتاء وهم لآ يجدون مايجلسون عليه اسال .. تحسس .. ابحث .. فالكثير ينام بلآ لحاف فلآ يوجد عندهم الا ماء بارد .. وجو بارد .. وملآبس خفيفه فمد يد العون لهم لعلك تكسب اجرهم ويجزيك الله اجر مابذلت لهم فقد اوصانا المصطفى عليه الصلآة والسلآم على ان نحسن الى الآخرين وخصوصا الأقارب والجيران ولآ ننسى ان المؤمنين كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فما اجمل ان يصطحب الأب ابنه ويمر على احد الأسواق ويجلب من عندهم بطانيات ودفايات وملآبس ويذهب بها الى المحتاجين والفقراء والأرامل لنكن اسرة واحده يحن بعضنا الى بعض ويعين بعضنا بعضااا [الهمسه الثانيه] في فصل الشتاء يقصر النهار ويطول الليل فكان السلف الصالح رحمهم الله يفرحون بقدوم فصل الشتاء عن عبيد بن عمير رحمه الله أنّه كان إذا جاء الشّتاء قال: ( يا أهل القرآن ! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصُر النّهار لصيامكم فصوموا). وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: ( مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة، ويطول فيه اللّيل للقيام، ويقصر فيه النّهار للصّيام ). وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: " ألا أدلّكم على الغنيمة الباردة " قالوا: بلى؛ فيقول: "الصّيام في الشّتاء وقيام ليل الشّتاء". فمآ أجمل ان تقرر الأسرة صيام الأثنين والخميس وايام البيض من كل شهر ففضل الصيام فضل عظيم عَنْ أَبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : « مَا مَنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ تَعَالى إِلَّا بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً » . أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وهذا كلام في غاية الجمال حتّى ظنّه بعضهم حديثا مرفوعا، قال ابن رجب رحمه الله في شرحه: " وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، ويتنـزّه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه، ويصلح بين المؤمن في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة من الطاعات، فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة، ولا كلفة تحل له من جوع ولا عطش، فلا يحس بمشقة الصيام " تقبل الله منا ومنكم ومن الجميع صالح القول والعمل [الهمسه الثالثه] فكما ذكرنا ان النهار يقصر في الشتاء فكذلك الليل يطول فكان السلف رحمهم الله يقومون الليل ويتواصون عليه وقال الحسن البصري رحمه الله: ( نعم زمان المؤمن الشتاء: ليله طويل فيقومه، ونهاره قصير فيصومه ). عن عبيد بن عمير رحمه الله أنّه كان إذا جاء الشّتاء قال: ( يا أهل القرآن ! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصُر النّهار لصيامكم فصوموا). • وقال يحيى بن معاذ: ( اللّيل طويل فلا تقصّره بمنامك، والإسلام نقيّ فلا تدنّسه بآثامك ). ولذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام، وفي نهاره بعدم الصيام. ورحم الله معضداً حيث قال: ( لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما بالبيت أن أكون يعسوباً ). فحلي بنا ان نقوم الليل وان يوصي بعضنا للبعض للزيادة من الطاعات والتقرب الى رب البريات ونسال الله ان يغفر لنا وان يتجاوز عنا وان يجعلنا من عباده الصالحين ومن حزبه المفلحين ولآ نرضى ابدا ان يكون من بيننا من ينام عن صلآة الفجر بحجة البرد وينسى زمهرير جهنم وجحيمها [الهمسه الرابعه] من أحكام الطهارة في الشتاء 1- ماء المطر طهور: يرفع الحدث ويزيل الخبث قال تعالى: (وَأَنَزَلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) [الفرقان:48]. 2- إسباغ الوضوء في البرد كفارة للذنوب والخطايا: والإسباغ مأمور به شرعاً عند كل وضوء. 3- يكثر في فصل الشتاء والوَحَلُ والطين فتصاب الثياب به مما قد يُشكِل حكم ذلك على البعض. فالجواب: أنه لا يجب غسل ما أصاب الثوب من هذا الطين؛ لأن الأصل فيه الطهارة. وقد كان جماعة من التابعين يخوضون الماء والطين في المطر ثم يدخلو المسجد فيُصلون. لكن ينبغي مراعاة المحافظة على نظافة فُرش المسجد في زماننا هذا. 4- يكثر في الشتاء لبس الناس للجوارب والخفاف ومن رحمة الله بعبادة أن أجاز المسح عليهما إذا لُبسا على طهارة وسترا محل الفرض، للمقيم يوماً وليلة - أي أربعاً وعشرين ساعة - وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن - اي اثنتان وسبعون ساعة - وتبدأ المدة من أول مسح بعد اللبس على الصحيح وإن لم يسبقه حدث بأن يمسح أكثر أعلا الخف فيضع يده على مقدمته ثم يمسح إلى ساقه، ولا يجرى مسح أسفل الخف والجورب وعقبه، ولا يُسن. ومن لبس جورباً أو خفاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء. وإذا وإذا لبس جورباً أو خُفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول. وإذا لبس خُفاً أو جورباً ثم أحدث ومسحه ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح. ويكون ابتداء المدة من مسح الأول. وإذا لبس خُفاً على خُف أو جورباً على جورب ومسح الأعلى ثم خلعه فله المسح بقية المدة حتى تنتهي على الأسفل. [الهمسه الخامسه] في فصل الشتاء نرى المطر الجميل والغيم البديع والبرق اللطيف فما اجمل ان نتدبر ونتأمل في خلق الله سبحانه وتعالى مااجمل ان تجتمع الأسرة في ذكر جمال خلق الله وبديع صنعه فالنتفكر ولنتأمل خلق الباري سبحانه ولآ نغفل عند نزول المطر ان ندعوا الله سبحانه فوقت نزول المطر هو وقت استجابه فحلي بنا ان نستغل كل لحظه نتقرب بها الى الله عزوجل سبحانه [الهمسه السادسه] من مخالفات الصلاة في الشتاء: أ - التلثم: صحّ عن النبي أن يغطي الرجل فاه. فينبغي للمسلم إذا دخل المسجد أن يحل اللثام عن فمه، ولا بأس أن يغطي فمه أثناء التثاؤب في الصلاة ثم ينزع بعده. بل هو المشروع سواءً أكان باليد أم بشيء آخر. ب - الصلاة إلى النار: يكثر في الشتاء وضع المدافئ في المساجد أو في البيوت وتكون أحياناً في قبلة المصلين. وهذا مما نص أهل العلم على كراهته لأن فيه تشبهاً بالمجوس وإن كان المصلي لا يقصد ذلك ولكن سداً لكل طريق يؤدي للشرك ومشابهة المشركين. [الهمسه السابعه والأخيره] عند استقبالنا للشتاء وتوديعنا لفصل الصيف يكون قد مضى من اعمارنا مامضى فجميل ان يقف المسلم مع نفسه وقفة تأمل مع سرعان مرور الأيام وانقضاء الأعوام وفقد حبيب وموت صديق وفراق خليل فهل حاسبنا انفسنا قبل ان نحاسب ..! هل عبدنا الله حق عبادته..؟ .. وشكرناه حق شكره ..؟. واطعنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بكل اوامره واجتنبنا كل نواهيه ..!؟ اسال الله تعالى ان يتقبل من الجميع وان يرحم صغيرنا وضعيفنا وان يجعلنا من عباده المتقين الناصحين الصالحين ان كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وان كان من صواب فمن الله وحده سبحانه ------------ مشاركة /قوية باس /بلخزمر |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5127 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() هِمم تتخطّى الذُّرَى ! لولا اشتمال الأضلع على القلوب لَطارتْ شوقاً إلى مولاها ولَهَفَتْ لَهْفَة إلى محبوبها .ولولا اشتمال الأضلع على القلوب لطارتْ فَرَحاً إذا رأت ما يسرّها أو عَلَمَتْ بما يُهنِّـئها ووالله إن الصدور لتنشرح حينما ترى أسراب العائدين إلى الله ..وإن الـنَّفْس لتبتهج حينما تَرى الحق يَعلو رغم المكْر الكُـبّار !وإن القلب لَيَخفِق حين تسمع عن فتاة تأبّتْ على مظاهر العُري وتَعالتْ على عالم الموضة ، وتَخلّتْ عن عالم الماديات .وإن النفوس لتفرَح في قراءة هِمة امرأة سَمَتْ إلى العلياء فتاقتْ نفسها إلى الجهاد في سبيل الله .. فأقول عندها إن الأمة لا تزال بِخير .. وإن من سوء حظّ أعداء هذه الأمة أن حاربوا أمة هذا تفكير بعض نسائها ..وتُسر النفوس حينما ترى فتاة في طريق الدعوة همّها العِلم ، وهِمّتها عند الثريا .. حينها تهتف الدنيا مُردِّدة :يا أمّـة الإسلام لَستِ عقيمة = ما زلتِ قادرة على الإنجابِنعم .. لقد أنجبت أمتي فتاة واعية .. همّها عند الثريا وإن وطِئت الثرى .همّها في عِلم ودعوة على بصيرة ..تخطّت الذُّرى .. فَهِمّتها تُناطِح السّحاب تَعالَتْ على خسيس شهواتها ، وهَجَرتْ لَذّاتهاونادَتْ بأعلى صوتها :يا ساكنة القاع إن القمم لا تُوصَل إلا بِهِمَم !سَاكنة القمّـة حَدَاها الحادِي :وتخطّى الذُّرى ونادَى رويداً = أقبِلي يا صِعاب أوْ لا تكونيلا تُعيقها الصِّعَاب ، ولا تحجزها العقبات ..هَمّها في عِلم وتعلّم وتعليموهمّ غيرها في زيّ ولباس !همّها عند الـنَّـجْـمِوهَـمّ غيرها عند القَدَمِفأنى يُقاس هَـمّ بـ هَـمّ ؟!أُكْـبِـرُ فيها أنها تَبِيتُ في سهر على تنقيح العلوموأُجِـلُّ حرصها على العِلم رغم عدم توفّر وسائله لهالعلها لا تجِد أخـاً يُلائمها ، أو ألْفَتْ أبَـاً مشغولاً أو قُوبِلتْ باستهزاء وسُخرية مما تَعمَل !أو هاجمها سَيل الباطِل ، وكَثْرَةُ المشتغلات بالأزياء !فما عاقها ذلك عن التطلّع إلى القِمموما صَدّها ذلك عن غاية تَسْمُو إليها إننا نضعف .. وربما تقهقرنا .. أو مَللنا .. ونحن الرِّجال الأشداء لكنهن ما ضعفن .. وما مَللنَ .. رغم ضعفهنّ إن العِلم بوجود أمثال هذه الهمم التي تسمو إلى القمم لَـيُريح النفس ويُشعرها أن الأمة لا تزال بخير .وأن أمة تُنجب أمثال أولئك أمة لن تموت .وأمة تنهض نساؤها حريّ أن لا تسقط .والله إن القلب ليكاد يطير من بين الأضلع حينما أقرأ سؤالاً لِفتاة لم تبلغ العشرين تسأل عن قِتال الأعداء ! وعن المشاركة في الجهاد بالنفس والنفيس !لله أبوها ! ما أعلى هّمتها ، وما أعظم همّهااستيقظَتْ همّتها ، وأفاق همّها ، فناطَحتِ السَّحاب ، وعانَقتِ الثريّـافي حين أن فِـئاماً يُنسَبُون إلى الرّجولة .. لا زالوا عبيداً لشهواتهم وأسرى لملذّاتهم .. فالأسير أسـير هواه ..وتـبّـاً لكل عبدِ دينارٍ ودرهمحنانيك أُخيّـه .. لقد أزريتِ بنا في سؤالك ..وأشعلتِ الأمل بِقَدْر الألموأوعَزْتِ لنا أن أمتي لا زالت بخيروأن أمتي أمـة وَلُـودوأن أمتي أمـة مِعطاء وأن في الأمة نساء كنساء الرعيل الأولفاشهد يا تاريخوسطّر بمدادٍ من عِـزّ وفَخَارواطبع قُبلَة على رأس كل ذات همّـة عاليةوذات هـمّ وهِـمّـة وكل سليلة مَـجْـدورَبيبَـة كرامـةوكل فتاة أبيّــةوكل صارخة في وجه الشرّ والفسَادوكل من أمْسَتْ يَبِيتُ هَـمّ الدعوة حيث بَاتَتْ !ثم اشهد يا تاريخأن الخنساء وسُميّة وأسماء وأمهات المؤمنين ونساء مؤمنات أورَثْنَ مَجداً وعِـزّاًوأن لكلٍّ وارِث وسَطِّر - يا تاريخ - أسماء نساء دَخَلْنَ التاريخ بعفافهن .. وسِرْنَ إلى العلياء بجلابيبهنّ ..وأن الحياء لم يَمنع من ارتياد القمم ولا من تسلّق الصِّعاب ولا من تَخطِّي الـذُّرىوأنه لا تَعارض بين الحياء والعفاف وبين علوّ الهمّـة وارتياد القمّـة .فموسى عليه الصلاة والسلام الذي وُصِف بأنه القويّ الأمين .. وُصِف بكثرة الحياء !وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً : " إن موسى كان رجلا حَيِيّاً سِتِّيراً ، لا يُرى من جلده شيء ، استحياء منه " .فلله درّ نسوة عَلَتْ هِمَمهن حتى أخذن بأطراف المجد ، وبِأرْكَان الشَّرف .وأمتي اليوم تحتاج إلى نساء يَحمِلنَ الهمّ .. لا أن يَكنّ هُنّ هـمّ الدعوة والدُّعاة ! -------------- الدكتور عبدالرحمن السحيم/ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5128 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() الاحتساب على اهل البدع ابن مسعود رضي الله عنة فإن من أعظم المنكرات التي تهدم الدين، وتنخر في بيانه القويم؛ البدع والمحدثات، التي أحدثها الناس منذ العهد الأولى، وهي لا تزال في كل يوم تقذف لنا سيلاً عارماً من المحدثات والبدع التي يستحسنها الناس بظنهم الفاسد، أو بتتبع هواهم المنحرف، وما ذلك إلا ليهدموا الدين، ويغيروا الملة، ولا يقف سداً منيعاً لصد هذا السيل العارم إلا أهل العلم من ذوي الأفهام وأرباب البصائر الذين يبينون للناس خطر تلك البدع ويفضحون زيفها، ويهدمون بنيانها الذي أسس على شفا جر هار، وأول من وقف لتلك البدع والمحدثات محتسباً على إنكارها مبيناً لخطرها هم صحابة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، سادة التقى وأعلام الهدى، الذين أقاموا الدين، ونصروا الملة، وأحييوا السنة، وقمعوا البدعة، أولئك الصحب الكرام الذين قال فيهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- واصفاً لهم ومخبراً عن عظم أثرهم وأهمية معرفة حقهم والتمسك بهديهم: "أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم"[1]. ولعلنا في هذه المقالة نقف على أنموذج من أولئك الصحب الكرام الذين كان لهم دور في الاحتساب على أصحاب البدع، وهو عبد بن مسعود رضي الله عنه- الذي تفيض حياته بالمواقف العظيمة التي تبين متى تغلغل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في فؤاده، فقام حق القيام بهذه الشعيرة، ولعلنا نقف على موقف واحد من تلكم المواقف الكثيرة آخذين منها وقفات علها أن تزيد تدفع بالمحتسبين إلى مواصلة السير، وتنمي رصيدهم الاحتسابي ليكونوا على علم كيف سلك الجيل الأول، وليقتفوا بآثارهم وليستنوا بهديهم. وإليكم أحداث هذه القصة: "عن عمر بن يحيى قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه- فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد أنفاً أمراً أنكرته ولم أر -والحمد لله- إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك -أو انتظار أمرك-، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الله، حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل وأنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا الا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج"[2]. وقفات وتأملات من القصة: أولا: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس خاصاً بأناس دون أناس، بل هي وظيفة جماعية على كل فرد رأى المنكر وقد على إنكاره بأي وسيلة متاحة لديه، وليس متعلق بجماعة أو فئة معينة بذاتها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))[3]، فعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه- مخاطباً له على موقفه من تلكم الحلقة التي رآها: "فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك -أو انتظار أمرك-، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم"، وإن كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه- قد أنكر ذلك، بقوله: "يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد أنفاً أمراً أنكرته ولم أر -والحمد لله- إلا خيراً". ثانيا: أن البدع باب من أبواب الشر يفتحه إبليس على بعض الناس تلبيساً وتدليساً لهم، وهذه البدع من أعظم المنكرات التي ينبغي على المحتسب أن يجعلها من أولويات تغييره للمنكر، لأنها مضاهاة للشريعة وتحريف للملة، فقد لبس الشيطان على أولئك القوم صنيعهم ذلك بنية التقرب إلى بالعبادة. ثالثا: أن على المسلم إذا لم يتبين له حالة المنكر والتبس عليه حكمه من حيث مشروعيته أو عدم مشروعيته، وذلك بسبب الاشتباه عليه؛ كالبدع التي ظاهرها الخير والصلاح، وفي باطنها الشر والسم الزعاف، ففي هذه الحالة عليه أن يرجع إلى أهل العلم الذين يميزون الطيب من الخبيث، والمعروف من المنكر، والسنة من البدعة، وكانوا في العهد الأولى صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- لأولئك: "هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون"، أي: هلا سألتموهم؟. رابعا: الحس الاحتسابي الذي كان يتميز به الصحابة رضوان الله عليهم-، هؤلاء القوم الذين كانوا حراس للعقيدة، وحماة للدين من أي معاول هدم، فدوه بأرواحهم وأموالهم، وبكل وسيلة كانوا يقدرون عليها، سواءً بالقول أو بالفعل، هدفهم الوحيد تبليغ الدين ونصرة الملة. فهذا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه- يقول: "إني رأيت في المسجد أنفاً أمراً أنكرته.. "، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حينما سمع بهذا المنكر ذهب مباشرة لأولئك القوم وأنكر عليهم. خامسا: التحقيق والإيضاح من صحة وقع المنكر، وهذا التحقيق والاستيضاح يفيد في إقرار صاحب المنكر ومن ثم مؤاخذته بكلامه وإقراره بذلك؛ لأن نقل المنكر إلى المحتسبين قد يختلف باختلاف الرائي أو المشاهد، ومن هنا ينبغي التأكد حتى لا يقع المحتسب في أمور قد لا تحمد عقباه. فعبد الله بن مسعود رضي الله عنه- عندما أتى إلى أولئك القوم بادر بسؤالهم: "ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الله، حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح". سادسا: استخدام أسلوب الزجر والقرع الذي يوخز القلوب، ويحيي الضمائر في النفوس لا سيما مع من ابتلي بمثل هذه البدع، فقد استخدم ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- مع أولئك القوم فقال لهم: "ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل وأنيته لم تكسر". سابعا: تبيين شناعة المنكر وخطره على الدين، وكذلك على الفرد والمجتمع، فإن هذا التبيين يشعر صاحب المنكر بفضاعة فعله وسوء عاقبته، مما يدعوه إلى تركه والابتعاد عنه هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون تبييناً للآخرين حتى يحذروا من الوقوع في هذه المنكرات والبدع. فعبد الله بن مسعود رضي الله عنه- بين خطورة ذلك الفعل بقوله: " إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة". ثامنا: خطورة الجهل بأحكام الدين، فالجهل رأس كل فتنة وسبب كل بلية، وما عصي الله وابتدع في دينه إلا بسبب جهل، ومن الناس من يفعل المنكرات ويبتدع في الدين جهلاً منه بأحكام دينه، فيتغتر بها ويظن أنها تقربه إلى الله زلفى وأنه يحسن صنعا. فقد كان الباعث لأولئك القوم هو حبه للخير وإرادته، إذ قالوا: "ما أردنا إلا الخير"، ولكن ذلك الشعور الطيب ليس كافياً في تصحيح الأعمال، إذ المطلوب هو موافقتها لهدي الشرع الحكيم، وقد قال لهم عبد الله مسعود -رضي الله عنه- مبيناً خطاءهم ذلك: "وكم من مريد للخير لن يصيبه". تاسعا: المنكر يجر إلى منكر آخر، والبدع تجر إلى بدعة أخرى، حتى تودي بالعبد إلى الهاوية وتوره موارد الهلاك والضياع. فأولئك القوم يظهر أنهم استمروا في بدعتهم ولم ينتهوا عما هم عليه فكانت نهايتهم كما قال عمرو بن سلمة -رضي الله عنه-: "رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج". وهذا يدلنا على خطورة الاستمرار في البدع والمنكرات وعدم التجاوب مع المحتسبين، وتجاهل نصحهم والإعراض عنهم، إذ أهل الحسبة هم أعلم الناس بخطر هذه المنكرات وإلى ما تجر من الويلات والآثام المهلكة للفرد والمجتمع، فقد قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وهو ينظر بعين ثاقبة: " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم". وهذا بالفعل ما حدث من أولئك القوم. أخيرا:هكذا كان هدي السلف الصالح في التعامل مع البدع وأهلها، قد امتلأت قلوبهم إيماناً، وانتشعت يقيناً، فأثر ذلك على جوارحهم وأفعالهم، قد أحيت سيرتهم القلوب، وعطرت تراجمهم المجالس، وأنارت مآثرهم وقصصهم الطريق للمحتسبين، فما عليك أيها المحتسب إلا السير وفق نورهم لتظفر بصحبتهم، وتسعد بجوارهم. والحمد لله رب العالمين،، ----------------- /للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5129 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أســــــرار ألقلـــــب كلكم يعرفني أو على الأقل سمع عني، ولكن قليل منكم من سافر برحلة إلى مجاهلي الخلابة وحدائقي الفاتنة، واليوم أرحب بكم في دياري لأريكم كرمي وجودي وأمتعكم بجمال هيئتي، تبارك الله خالقي. بكل تواضع أنا القلب، وكل إنسان منكم لديه واحد مثلي لا أكثر، أنا مركز حي يعج بالحركة والنشاط، وأنا سبب جريان الدم في عروقكم، وأنا والحياة صنوان لا يفترقان، أنا سيد في قومي وخادم مطيع لأصغر فرد منهم، أنا وديع وبنفس الوقت قوي أتربع على عرشي في المركز من جوف الصدر، وأميل إلى الجهة اليسرى قليلاً، ألبس رداءاً رقيقاُ يفصلني عن عزيزتيّ الرئتين اللتين تحتضنانني، ومن بعد ذلك قلعة عظمية عضلية تتكون من الأضلاع والعمود الفقري وما بينها من عضلات، والجلد من فوق ذلك يغلف ويحمي ويمنح جمالاً، وأنا في الوسط من ذلك أنعم بالسعادة التي لا أحتكرها بل أوزعها، سعادة أكبر على كل البدن، لي من الحجم ما يقارب قبضة اليد، وأزن ما بين ربع إلى ثلث كيلو غرام، وأتألف من أربع حجرات: اثنتان صغيرتان هما الأذينتان واثنتان كبيرتان تدعوان البطينان، أذينتي اليمنى تتلقى الدم من كل أرجاء الجسم عبر وريدين كبيرين يسميان الأجوفين، أحدهما ينحدر من أعلى البدن، والآخر يصعد من أسفله، وبعد أن يصل ذلك الدم الذي نضب أكسيجنه وغذاؤه وازداد محتواه من الفضلات وغاز الفحم إلى تلك الأذينة يتدفق عبر صمام إلى حجرة أخرى هي البطين الأيمن، والصمام عندي أمين فلا رجوع للدم عبره، وبطيني الأيمن هذا يقذف الدم عبر دسام يوصل لشريان يصل الرئتين، والرئتان كما تعلمون متنفس للجسم وأكثر، ففيهما تتم تصفية الدم وتزويده بما يحتاجه من الأكسجين بنسبة قدرها الله - سبحانه -، ويعود الدم من الرئتين أحمر قانئاً فرحاً مستبشراً بأوردة أربعة ترفدني في أذينتي اليسرى التي تنتظر الدم بفارغ الصبر لتقدمه عبر دسام دعوه بالتاجي إلى بطيني الأيسر، الذي له من ثخانة الجدار ثلاثة أو أربعة أضعاف ما للبطين الأيمن، حيث أنه سيضخ الدم لأقاصي الجسم فعمله شاق وكبير، ولكن سعته مثل سعة أخيه الأيمن، بطيني الأيسر بقوته الجبارة يدفع الدم عبر صمام هو مدخل الشريان الأبهر الذي يوزع الدم النقي على كل الجسم، والجسم بأعضائه العديدة وأجهزته الكثيرة وخلاياه التي تعد بملايين الملايين يأخذ نسغ الحياة من ذلك الدم المعطاء، وما تبقى يعود محملاً بطيب خاطر بما لا يحتاجه البدن ليعيده لي، و يتكرر ذلك في كل لحظة من لحظات الحياة، بحيث أضخ في العروق في كل دقيقة خمس ألتار من الدم، وعليكم حساب الكمية الهائلة من نهر الدماء التي أضخها خلال حياة الإنسان، وعملي ليس ضخاً فحسب بل إعطاء دم يحوي المفيد وتخليص الجسم من دم يحوي الضار أو غير الضروري، إن الدم بمسيره يمر على الرئتين كما يمر على الكليتين حيث تتم تصفيته من العناصر المؤذية، كم أنه يعبر الكبد الذي يقوم بواجبه من تنقية و تنظيف، كما أنه يتزود هناك ببعض الهدايا الجميلة الرائعة، لي أيضاً وظيفة جوهرية أخرى يجب ألا تغفلوها ألا وهي الحفاظ على توازن الجسم بمعنى استجابتي للتغيرات الحاصلة في البيئة الداخلية والخارجية بما يخدم مصلحة الجسد، فالحرارة التي ترافق المرض ترفع من وتيرة عملي فيزداد نبضي، وتغير حموضة الجسم يعدل من نسق عملي، وكذلك اختلاف نسبة الأوكسجين وغاز الفحم في الجسم، إن زيادة الجهد بعمل أو رياضة يتبعها تحريكي لاحتياطياتي بحيث تلبي حاجات البدن وعضلاته على أتم وجه فبدل الألتار الخمسة التي كنت أضخها أقذف عشرين وربما ثلاثين لتراً من الدم في كل دقيقة، أنا لست بغائب عن ساحة ضغط الدم أيضاً، فأنا عنصر أساسي في الحفاظ على ذلك الضغط بحدود سوية طبيعية. أنا بنيان عضلي أتشكل من ملايين الخلايا العضلية التي تلتحم ببعضها بوشائج رائعة تجعلها تعمل وكأنها خلية واحدة بنظام بديع، صحيح أنني عضلة ولكنني أتميز عن كل العضلات بصفات أربعة أولها أنني أتقلص محولاً الطاقة الكيميائية إلى عمل آلي على شكل مضخة، وثانيها أنني أتمتع بقدرة على التقلص بأسلوب نظامي متكرر بشكل ذاتي، حيث أن بعض الخلايا عندي قد تخصص في ذلك وشكل جملة لها مركز هو قلبي، وتنطلق منه الأمواج الكهربائية مخترقة أرجائي متوزعة على كافة أجزائي مؤدية لنبضات دائمة ما دامت الحياة وبإيقاع عذب منتظم، إن عملية إيصال التعليمات عبر تلك الجملة التي ذكرتها وبالسرعة والنظام المطلوبين هي ثالث صفاتي، وصفتي الرابعة هي عنادي فلا استثار إلا بالطريقة التي تسمح لي بأداء وظائفي على أكمل وجه. والآن أخبركم عن أعصابي، فعندي جملتان من الأعصاب تساهمان بعملي وتردان إلي من الجملة العصبية، وتوصلان لي أوامر أتلقاها دون تأفف أو تذمر. أنا ممتلئ بالدم ليل نهار، ولكن لا آخذ من ذلك الدم إلا بقدر معلوم وبكل أمانة عبر عروق (أوعية) تغذيني مثلي في ذلك مثل غيري، ولكن لا أشرب إلا من رأس النبع، فلأوعيتي تلك خصوصية، حيث أن عليها من المهام الثقال الكثير. أما دساماتي فيعبرها الدم من حجرة لأخرى أو من حجرة لشريان دونما عودة، فالمسير إلى الأمام دوماً وبشكل ثابت وليست الأمور عشوائية، ينفتح الصمام ليمر منه الدم، وبعد انتهاء العبور ينغلق الدسام موصداً الغرفة فاسحاً المجال لصمام آخر لينفتح، ولكل صمام شرفات أو مصاريع تربطها حبال مشدودة بجدراني وتحيط بها حلقة متينة هي الإطار لكل بوابة. ويتابع القلب حديثه، وتنهمر دمعة من عينه، ويقول: إن اهتزت مملكتي ارتجف كل البدن لهول المصاب، وأنا لست معصوماً عن المرض، وعديدة هي الآفات التي يطالني أذاها، فهناك الإلتهابات والرضوض، وهناك الإعتلالات التي تلم بي، كما قد تنسد بعض عروقي، ويكون الأمر جللاً، وهذا ما دعوتموه بالاحتشاء أو الجلطة، وقد يولد الطفل وأنا بداخله أحمل بعض التشوه من فتحة هنا إلى باب لا يفتح هناك إلى حجرات تخلخل تنسيقها، إلى ما هنالك من تشوهات أكتوي بلظاها، إن الجراثيم والفيروسات قد تفتك بي أيضاً، وكذلك فإن هناك العديد من الأدوية والمواد الكيميائية والسموم التي يأتي التدخين على رأسها والتي تعيث في كياني اضطراباً وخراباً، حتى بعض الأغذية تضرني، كما أنني أتأثر بالغ الأثر إن ألم الأذى بعضو غيري، فأنا مثال حي على وحدة بناء البدن. ويمسح دمعته ليقول مبتهجاً: وبالمقابل فإن الغذاء كلما اقترب من الطبيعي وابتعد عما يشوبه ويلوثه فإنه صديقي، والرياضة هي من أعز أصدقائي المخلصين، أحبابي سعداء هادئين ينامون باكراً ويستيقظون باكراً، ولا يعرفون التدخين وحاشيته، روحهم مرحة وطبيعتهم جذابة، لا ينفعلون لتوافه الأمور، ويوزعون البسمة لمن حولهم، يحرصون على أبدانهم فلا يدعون بطونهم تصبح "كروشاً" تتدلى أمامهم، ويتعودون من العادات خيرها. وتزداد ابتسامته إشراقاً وتألقاً ويقول: إن الأمراض التي تعتري الجسد كثيرة، ونحمد الله - سبحانه - الذي يسر سبل تشخيصها وعلاجها ومداواتها والوقاية منها، وصيتي ألا تنسوا الشام وأهلها من الدعاء وسعادتي الحقيقية هي أن يحفظنا الله - تعالى- نحن معشر القلوب مسبحين بحمده شاكرين أنعمه والحمد لله رب العالمين. ----------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5130 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ يتساءل كثير منا عن سبب التفاوت والاختلاف في مواقف الناس حين تعرض عليهم الحجج الواضحة والبراهين الساطعة الدالة على أمر من أمور العقيدة الإسلامية، والتي تشهد لها أدلة حسية مدركة في هذه الطبيعة الباهرة، أو في هذا الكون الدقيق الواسع. فمن الناس من يتجاوب سريعاً، ومنهم من يرفض سريعاً، ومنهم من يضطرب ويتردد، ومن الناس من يراوغ هرباً من الحقيقة، أو قل خوفاً من عقله! وأصبحنا اليوم نجد بين المسلمين، عامتهم وخاصتهم، من تتفاوت وتختلف مواقفهم حين تعرض عليهم نصوص صريحة في القرآن والسنة تتعلق بمسائل - كانت لديهم - من المعلومة من الدين بالضرورة، وأحكام - كانت عندهم - قطعية لا اجتهاد فيها، وقواعد - كانت بنظرهم - مجمع عليها من السلف والخلف! فأصبحت هذه المسائل وتلك الأحكام وتلكم القواعد ـ مع تغير الزمان والمكان ـ مباحة مستباحة، من كثرة ما تقاطر عليها من الشبهات والشهوات مثل تحليل الربا، والحكم بالدساتير والقوانين الوضعية، والاستعانة بالكافر في الحرب، وغيرها كثير. واختلاف المسلمين حول نصوص الشرع الصريحة وأحكامه القطعية وقواعده الأساسية، هو ما يهمنا في هذا المقام، لكونه خللاً مصيرياً يشكل عائقاً أمام نهضة الأمة وتحررها ووحدتها الفكرية والتشريعية والسياسية، وهو على خطورته واستفحاله أمر طارئ محدث، لم تعهده الأمة في تاريخها من قبل، رغم تعدد مدارسها الفكرية ومذاهبها الفقهية، حيث إنه نشأ حديثا في القرن الرابع عشر هجري، التاسع عشر ميلادي، إبان اشتداد الغزو الثقافي والسياسي الغربي للعالم الإسلامي، فرغم موبقات التقليد والتعصب المذهبي والجمود الفكري والانقسام السياسي والغزو المغولي والصليبي، التي عصفت بالمجتمع الإسلامي في حقبه المختلفة، إلا أنه لم يشهد ما نراه اليوم من اضطراب واختلاف على قواعد الدين، أو قطعياته التشريعية والفكرية. ويرجع هذا الاختلاف، والتناقض أحيانا، بين المسلمين حول مقومات إسلامهم إلى عدة أسباب، منها غياب الإسلام عن حياة المسلمين كنظام للمجتمع والدولة فغاب عن أذهانهم، ومنها سيطرة الثقافة الغربية على مؤسسات التعليم في بلاد المسلمين ردحاً من الزمن فسيطرت على عقولهم، ومنها غير ذلك، إلا أننا سنركز هنا على أحد هذه الأسباب، نتج عما سبق ذكره، وهو وفق التعبير القرآني التباس الحق بالباطل، أي اختلاط الإسلام بغيره من نظم وثقافات وشرائع في أذهان كثير من المسلمين، بل وصل الأمر حد الاختلاف على ماهية الإسلام، هل يشمل الأشكال والوسائل " أي اللباس والأدوات التي كانت في عصر الرسول - عليه السلام –"، أم أن الإسلام يقوم على العقائد والأحكام والمفاهيم التي جاءت في الكتاب والسنة فقط، وترك للمسلمين تطوير واقتباس الأشكال والوسائل مع اختلاف الزمان والمكان؟ وكذلك بلغ الضعف في فهم الإسلام حد الاختلاف حول موقف الإسلام من الشرائع والقوانين والثقافات الأخرى ـ وهو ما يعشق البعض تسميته بـ "الآخر"ـ، هل يجيز الإسلام أخذها والاستفادة منها على اعتبار أنها "تلاقح ثقافات" و"تفاعل حضارات"، أم أن الإسلام يحصر التشريع ومفاهيم الحياة بنصوص الوحي وحده، ويجيز أخذ العلوم الطبيعية والصناعية من الأمم الأخرى، لكونها عامة لا تعبر عن وجهة نظر أصحابها عن الحياة، وليست متأثرة بعقائدهم الدينية ومبادئهم الفلسفية؟ وبذلك أوجد اختلاط الإسلام بغيره، في أذهان المسلمين، وما نتج عنه من خلاف، ضبابية في رؤية الأشياء على حقيقتها، واضطراباً في الحكم عليها، ما أدى إلى تنكب عن ركب النهضة، وانتكاسات متكررة في سبيل تحقيقها، رغم ما قطعته الأمة بمجموعها من أشواط طويلة في سعيها للنهوض، ومن هنا أصبحت الحاجة ماسة لتنقية ما علق في أذهان المسلمين من أفكار ومفاهيم غريبة، من آثار الغزو الثقافي والسياسي الغربي، والذي أثر حتى في نظرة المسلمين إلى دينهم، وفهمهم لنصوصه، وكيفية إنزال أحكامه على واقع حياتهم، بل وفي علاقة الإسلام بالحياة والدولة والمجتمع، وبالأمم الأخرى وثقافتها وحضارتها، وبعبارة أخرى، أصبح من المحتم أن تتحرر الأمة من الاستعمار الثقافي لكي تستعيد استقلالها الفكري فتدرك واقعها ذاتياً، وتعي إسلامها صافياً نقياً، فتملك إرادتها وقرارها، دون الاستعانة بعدوها، أو بفكر عدوها وثقافته ونظمه ومؤسساته، كما هو واقع اليوم، لا من قبل الليبراليين والعلمانيين فحسب، بل من قبل دعاة وعلماء وحركات إسلامية! فما معنى أن يخلط الإسلام بغيره، وما أثر ذلك على إدراك الفكر والتشريع الإسلامي إدراكاً صحيحاً، لكي يتأتى بناء الشخصية الإسلامية، والمجتمع الإسلامي، والدولة الإسلامية بناءً سليماً؟ قال - تعالى-: ( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة 42). جاء في تفسير الطبري ما نصه: "يعني بقوله (وَلَا تَلْبِسُوا): لا تخلطوا، واللبس هو الخلط، يقال منه: لبست الامر عليهم ألبسه لبسا: إذا خلطته عليهم...وعن ابن عباس قوله: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) قال" لا تخلطوا الصدق بالكذب، وعن مجاهد: ( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) اليهودية والنصرانية بالإسلام. فتأويل الآية إذا: ولا تخلطوا على الناس أيها الأحبار من أهل الكتاب في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به من عند ربه، وتزعموا أنه مبعوث إلى بعض أجناس الأمم دون بعض فتنافقوا في أمره، وقد علمتم أنه مبعوث إلى جميعكم، وجميع الأمم غيركم، فتخلطوا بذلك الصدق بالكذب". وجاء في تفسير القرطبي: "لبست عليه الأمر ألبسه إذا مزجت بينه بمشكله وحقه بباطله... والباطل في كلام العرب خلاف الحق". وهو مقارب لقول الشوكاني: "واللبس: الخلط، يقال لبست عليه الأمر ألبسه: إذا خلطت حقه بباطله، وواضحه بمشكله". أما الزمخشري فهو يضيف معنى آخر في تفسير الآية، فيقول: "المعنى: ولا تجعلوا الحق ملتبسا مشتبها بباطلكم الذي تكتبونه". وكذلك البيضاوي: "والمعنى لا تخلطوا الحق المنزل عليكم بالباطل الذي تخترعونه وتكتمونه حتى لا يميز بينهما". أما الرازي فقد أوضح كيف يجري التلبيس فقال: "ولا تلبسوا الحق بسبب الشبهات التي توردونها على السامعين.. واعلم أن إضلال الغير لا يحصل إلا بطريقين، وذلك لأن الغير إن كان قد سمع دلائل الحق فإضلاله لا يمكن إلا بتشويش تلك الدلائل عليه، وإن كان ما سمعها فإضلاله إنما يمكن بإخفاء تلك الدلائل عنه ومنعه من الوصول إليها.. ". وعلى ضوء ما تقدم يكون معنى التلبيس: الخلط والتشبيه، والمزج واللا تمايز، ويكون معنى الآية: لا تخلطوا الحق بالباطل فلا يتمايزا في أعين الناس، ولا تمزجوا الإسلام بالكفر فيشتبها عليهم، فلا يدري الناس الفرق بين الإسلام وما عداه، سواء وافقه أو خالفه أو ناقضه. وهو ما ينتج عنه اندثار حقائق الإسلام، وذهاب تمايزه عن غيره في الفكر والمنهج والتشريع. وكيف لا تغيب حقائق الإسلام بعد هذا الكم الهائل من الفتاوى التي تبيح التشريعات الوضعية والأنظمة الرأسمالية في الحكم كالجمهورية والديمقراطية، وفي الاقتصاد كشركات المساهمة والبورصة والربا والتأمين، وفي الثقافة كعلوم السياسة والقانون والنفس والاجتماع والتربية. إنه وإن كان الخطاب موجه لأهل الكتاب، إلا أن النهي عن إلباس الحق بالباطل وكتمان الحق، الواردان في الآية الكريمة، يشمل المسلمين لأن الآية عامة والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وإن كان علماء التفسير قد فسروا الآية بأنها نهي لأهل الكتاب لقيامهم ـ في عصر التنزيل ـ بخلط اليهودية والنصرانية بالإسلام، فقد وجد في هذا العصر من حمل فرية أهل الكتاب من المسلمين أنفسهم، بل ومن بعض مفكريهم ودعاتهم، فرأينا منهم من يحمل دعوة "أبناء إبراهيم" وينادي بـ "حوار الأديان" ويزعم أن أتباع هذه الأديان السماوية هم جميعا مؤمنون ـ لا في وجهة نظره الشخصية بل في نظر الإسلام ـ وأن عقائدهم متشابهة، وأصولهم الدينية واحدة، وشرائعهم متماثلة، وبذلك ألبسوا على الناس دينهم، حين خلطوا الإسلام بما سبقه من أديان سماوية محرفة، وزاد الأمر فداحة حين ظهر دعاة وعلماء ألبسوا الاشتراكية والديمقراطية والحريات الغربية ثوب الإسلام، وخلطوا بين هذه المبادئ والنظم الوضعية وما نادى به الإسلام من شورى وعدالة في توزيع الثروة وتحرر من العبودية، كما نادوا بالمفاهيم القومية والنفعية، بدعوى أن العربية لغة القرآن، وبحجة أن الشرع راعى مصالح العباد، وتلقفوا كل ما راج من بضاعة الغرب الكاسدة، يسوقونها في بلاد المسلمين بدعوى أنها "بضاعتنا ردت إلينا"، لإزالة الوحشة منها في نفوس المسلمين، ونقبوا في تاريخ الأقدمين عن أثارة من علم لإثبات وشيجة نسب أو صلة رحم تربط بين الإسلام والحضارة الغربية. هذا هو معنى خلط الإسلام بغيره، كما ورد في القرآن الكريم، وكما هو مشاهد في واقع المسلمين. أما أثر ذلك على إدراك الفكر والتشريع الإسلامي، فهو فيما يتعلق بالشخصية الإسلامية أدى إلى اهتمام العاملين في مجال الدعوة الإسلامية ـ من مصلحين ودعاة وجمعيات وجماعات ـ بإصلاح الأخلاق والعبادات لدى الفرد، دون ملاحظة أهمية تغيير طريقة التفكير لدى الفرد وعلاقاته المجتمعية. لقد بنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشخصية الإسلامية في الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ على العقيدة الإسلامية لا بوصفها إيماناً روحياً فحسب، بل بوصفها قاعدة فكرية يجب جعلها أساسا للتفكير في كل شأن من شئون الحياة، ومقياسا لكل فكرة، ومرجعا للسلوك وسائر التصرفات، بمعنى أن تتخذ عقيدة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وما جاءت به من أفكار وأحكام في القرآن والسنة، مقياساً لجميع الأفكار فلا يعتنق الفرد فكرة أو يقبل نظرية إلا بإخضاعها لمقياس العقيدة الإسلامية، فينظر إن كانت نصوص الإسلام تقرها أم لا، فلا يحمل فكرا يناقض عقيدته، مثل الديمقراطية أو المصلحية النفعية، وأن تتخذ العقيدة كذلك، بما جاءت به من أحكام الحلال والحرام، مقياسا لجميع التصرفات والعلاقات، فلا يقدم على فعل، أو يقيم علاقات تجارية أو اجتماعية، أو تحالفات سياسية، إلا بعد معرفة حكم الشرع فيه، كما قال - عليه السلام -: (( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ)) (رواه الطبراني). وأما فيما يتعلق بالمجتمع الإسلامي، فقد أدى خلط الإسلام بالفكر الغربي في مختلف شئون الحياة، إلى طمس الصورة الحقيقية للإسلام ـ بوصفه نظاما كاملا ومبدأ شاملا للحياة ـ، كما أدى إلى تشويه كيفية تجسده في علاقات المجتمع، بوصفه متفردا في تسيير فكر الناس ومشاعرهم والمصدر والوحيد للنظام الذي يرعى شئونهم. فصار المسلمون ودعاتهم يتصورن المجتمع الإسلامي قائما على انتشار المساجد وكثرة المحجبات والمؤلفات، واستمرار الأحوال الشخصية - أي ما يتعلق بالزواج الطلاق والنسب والوراثة وما شابهها- وفق أحكام الشريعة، مع بقاء سائر العلاقات في الاقتصاد والسياسة والتشريع والتعليم والثقافة والإعلام والسياسة الخارجية، على غير أساس الإسلام، ويتحكم فيها الفكر الغربي الرأسمالي الذي يقوم على فصل الدين عن الحياة، أي فصل الإسلام عن حياة المسلمين العامة، وحصره في المجال الروحي الأخلاقي، والتعبدي الفردي. ولذلك فمن الطبيعي، مع هذا البناء الروحي والأخلاقي المجرد، الفاقد للعقلية الإسلامية المشبعة بفكر الإسلام وثقافته وتشريعاته، أن نرى مفكرين ومثقفين مثلا يطالبون بتطبيق الدستور الوضعي أو يدعون للالتزام بالقانون الدولي، مع أنها دساتير وقوانين كفر، لا يجوز، بنص القرآن، أخذها أو تطبيقها أو الاحتكام إليها. فكيف يتأتى لمن أصبح جزءا من المشكلة، التي تعاني منها الأمة، أن يتمكن من إنهاضها بالإسلام كاملا، عقيدة وشريعة، وتخليصها من آثار الاستعمار الثقافي والسياسي والاقتصادي؟ أما فيما يتعلق بالدولة الإسلامية، فإنه مع إدراك بعض العاملين للإسلام لأهمية الوعي الكامل على الإسلام في بناء الأفراد والعمل الجماعي، وفي السعي لتغيير المجتمع، إلا أنه لا يسمح لهذه الجماعات بدخول المجتمع وخوض العمل السياسي فيه للتأثير في النظام القائم، إلا بعد اعترافها بقواعد "اللعبة الديمقراطية" كما حددها الدستور العلماني، والذي يقرر ـ كما أراد له المستعمر الإنجليزي والفرنسي ثم الأميركي ـ الفصل التام بين مفهوم "الجمعية الدينية" ومفهوم "الحزب السياسي"، بحيث يسمح للجماعات والجمعيات الإسلامية أن تعمل ضمن دائرة الدين بالمفهوم الغربي، أي العقائد الروحية والشعائر التعبدية والشئون الفردية. فإن أرادت جماعة ما خوض العمل السياسي، ودخول المجتمع عبر نيل الاعتراف من النظام القائم، فلا بد لها أن "تتخلص" من ما تحمله من أهداف ومعتقدات ومحرمات تتناقض مع العمل السياسي القائم على الديمقراطية التعددية والبراغماتية النفعية، وأن تعتنق ـ بوصفها جماعة ـ عقيدة المجتمع ودستور النظام القائم فيه. ولذلك نرى لجوء العديد من الجماعات الإسلامية إلى تغيير مواثيقها ومناهجها، بل وأسمائها أحياناً، حين تقرر العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات البرلمانية أو المشاركة في الحكم. حتى أننا بتنا، في السنوات الأخيرة، نشهد بدعة جديدة في أوساط الحركات الإسلامية، وهي إنشاء أحزاب سياسية، موازية للجماعة الأم، بيد أنها تقوم على مواثيق وبرامج علمانية صرفة، منفلتة من فكر الإسلام وحلاله وحرامه دون أدنى حرج، فشرعت تتولى عنها العمل السياسي بعجره وبجره، وتجلب لها المغنم، وتدرأ عنها المغرم، ما أدى إلى انفصام في شخصية قادتها وأعضائها، وتناقض في خطابها، وازدواجية في هويتها الذاتية، وقد آل هذا السبيل المهلك بهذه الجماعات إلى تضعضع قاعدتها الشعبية، وخسارة ثقة الأمة، وانقلاب النظام الحاكم عليها، وتنكر الغرب الديمقراطي لها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصدق الله - تعالى -حيث يقول: ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) (هود 112-113). ---------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 0 والزوار 14) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |