![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6731 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() مسجد عِتبان بن مالك رضي الله عنه * أن عِتْبانَ بنَ مالكٍ ، وكان مِن أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ممَن شَهِدَ بدرًا مِن الأنصارِ : أنه أتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ اللهِ ، إني أَنْكَرْتُ بصري ، وأنا أُصلِّي لقومي ، فإذا كانت الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم ، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم ، فودَدْتُ يا رسولَ اللهِ ، أنك تأتي فتُصَلِّي في بيتي؛ فأَتَّخِذُه مُصَلًّى ، فقال ![]() ![]() - والمسجد المتخَذ في ذلك الموضع عرف بمسجد عتبان بن مالك رضي الله عنهما، أزيل هذا المسجد وموقعه الآن في الجهة الشمالية من مسجد الجمعة ضمن الحوش المسوَّر. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6732 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ![]() كنت اسال نفسي هل بالفعل نحن بحاجة الى الآماااان والحب والدفئ ويا تري هل سوف نلاقيه ....... وأكيد البعض منا يتمني ويبحثون عن بر الآماااان عند شاطئ يصلون اليه بأقصي سرعة.. والبعض منا يعتريهم موج للوصول الى شاطئ الآماااان... لذا أخوتي لا بد من نتسلح بذكر الله تعالى والتوكل عليه بكل شئ باي خطوة نخطيها لكي نصل الى ... الآماااان والى هدفنا المنشود.. ولا بد ان تكون لدينا اهداف واماني ولكي نصل اليها فلا بد من التحقيق لهدفك بهدوء .....والآن ما هي اهدافك بالحياة واذا اعترضك شئ ما ماذا تفعل والطرق التي يجب ان تتبعها؟ أسئلة تخطر ع بالنا جميعا ...فاهم شئ هي الاراده فهي مفتاح النجاح والتفوق يجب ان يكون لدينا قارب ومجاديف لكي نتمسك بها لنعايش الحياة ووالظروف التي تحيط بنا ونواجهها بكل صبر لكن بتعقل وبتفكير وتخطيط مسبق لكي نواجه كل ما يعترض امامنا -------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6733 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() نصائح ابن القيم في الصبر عن المعصية علم العبد بقبح المعصية ورذالتها و دناءتها وأن الله حرمها ونهى عنها صيانة وحماية للعبد عن الرذائل كما يحمى الوالد الشفيق ولده عن ما يضره ..الحياء من الله ... فإن العبد متى علم بنظر الله إليه ومقامه عليه وأنه بمرأى من الله و مسمع كان حييا يستحي أن يتعرض لمساخط ربه .. والحياء أن تنفتح فى قلبك عين ترى بها أنك قائم بين يدى الله ... مراعاة نعم الله عليك وإحسانه إليك : فإذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم.. من أنعم الله عليه بنعمة فلم يشكرها عذبه الله بذات النعمة .. الخوف من الله و خشية عقابه .حب الله .. فإن المحب لمن يحب مطيع ... .. إنما تصدر المعصية من ضعف المحبة شرف النفس وزكاؤها وفضلها وحميتها.. فكل هذا يجعلها تترفع عن المعاصي .. قوة العلم بسوء عاقبة المعصية وقبح أثرهاوالضرر الناشئ منها من سواد الوجه وظلمة القلب وضيقه وغمه .. فإن الذنوب تميت القلوب ..قصر الأمل ويعلم الإنسان أنه لن يعمر في الدنيا ويعلم أنه كالضيف فيها وسينتقل منها بسرعة فلا داعي أن يثقل حمله من الذنوب فهي تضره ولا تنفعه . مجانبة الفضول في مطعمه ومشربه وملبسه فإن قوة الداعي إلى المعاصي إنما تنشأ من هذه المفاضلات ؛ ومن أعظم الأشياء ضررا على العبد .. بطالته وفراغه ... فإن النفس لا تقعد فارغة.. إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره .. السبب الأخير هو السبب الجامع لهذه الأسباب كلها .. وهو ثبات شجرة الإيمان فى القلب .. فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أقوى .. وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبرطريق الهجرتين - ابن قيم الجوزية --------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6734 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() إليك قبل أن تعصي الله أن الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمداً وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبعهم إلى يوم الدين أما بعد فالمُتأمل في أحوال الكثير من الناس في هذه الآيام إلا من رحم الله يجد جرئه من قِبلهم منقطعة النظير على معصية الله وانتهاك حدوده بشتى أنواع المعاصي والمنكرات فهذا لايُصلي وهذا يأكل الربا وأخر يفعل الكبائر والفواحش وأخر ينظر إلى الحرام ويسمع للحرام وهذه الجُـرئه في رتكاب المعاصي ليست لجهلهم بالحكم لكن لجهلهم بل لتغافلهم عن عــظمت من يعصونه لذا أردت أن اذكر نفسي وآياكم أخواني بشيء من عـظمت الله سبحانه وتعالى وذلك من خلال نصيحه صادقه وبليغه من أحد الصالحين نصح بها من قلبه أحد العـُصاه فتأثر وندم على ما كان منه وأنا أنقلها لكم أخواني راجياً أن ينفـعكم الله بها ويفيق منا من إصر على معـصيته سبحانه بعد أن يعلم من خلالها شيء بسيط من عـظـمت الله فهذا الإمام : إبراهيم بن الدهم ذلك التقي الورع الزاهد أتاه أحد الذين أوغـلوا في المعاصي فقال له يإِمام تدفعني نفسي للمعاصي فــعـــظني موعـظـه تنفعني وتزجرني عـن فـعـل المعـاصي فـقـال له الإمام ونظر وتأمل أخي فيما قاله إذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرض الله فقال ذلك العاصي : وكيف لاأسكن في أرض الله والأرض كلها لله فقال له ذلك الإمام ياعجب ! تسكن ارض الله ثم تعـصيه نعم ياللعـجب منا أخواني وجرأتنا على معـصيته سبحانه على أرضه وكيف ما تبادر إلى ذهننا حال أقترافنا للمعاصي ان الله لو أراد لأمـر الأرض فـتتزلزلت من تحت أرجلنا فتهدم على رؤسنا المكان الذي نعـصيه فيه ولو أراد لأمرها فـنخسفت بنا ولا عجب فأمره سبحانه وتعالى إذا اراد شيءً قال له كن فيكون في حين أنه كان من المفترض أن نحمده سبحان أن أوجد لنا مكان نأوي إليه ونسكن فيه على أرضه لا نجعله ملجئاً نعصيه فيه ونفكر في أن هناك غيرنا لا ملجا لهم ولا مأوى في العراء يبيتون ويأكلون لاشيء يقيهم برد الشتاء ولاشيء يحميهم من حر الصيف ولفح شمسه ونحن بعد أن أمننا الله في ارضه ورزقنا مكان نأوي إليه عـليها نبارزه بالمعاصي أمنا فعصينا فلنتقي الله أخواني فوالله إننا لضعفاء أمام قدرة الله فالواحد منا لو تخيل حجمه وكم من الحيز يشغله من الكره الأرضيه لوجد أنه لايتعدى جزء من مليون من حجمها بل لاشيء مقارنه بها ومع ذلك تجد الجرئه على المعصيه والتكبر والتجبر فقال الرجل قول الثانيه وزدني . فقال الإمام : إذا أردت أن تعـصي الله فـــلا تـأكـــل مــن رزق الله فقال الرجل: وكـيـف لا أكـل مـن رزق الله والأمــر والـرزق كـله بيد الله فقال الإمام ياعجب ! تأكل من رزق الله ثم تعـصيه نعم ياللعجب أخواني من جرأتنا على معـصية سبحانه وتعالى بعد أن قوية أجسامنا برزقه أخذنا نصول ونجول في معاصيه ونحن لولا رزق الله ماقـوية أجـسامنا عـلى الحراك فـضلاً عـن أن نعـصيه تقـدس في علاه ولولا الله ماستطاع الواحد منا أن يرفع لقمه إلى فاه فرحمتك بنا يارب فيا من أستهنت بمعـصية الله ركز وتفكر في هذه النصائح الغاليه لتعرف عظم من تعصيه فقال الرجل العاصي في الثالثه : زدني يأمام فقال الإمام :إذا أردت أن تعصي الله فذهب إلى مكان لايراك الله فيه فقال الرجل :وكيف ذلك والله يقول وهو معكم أينما كنتم فقال الإمام ياعجب !! أتعصي الله وهو يراك أماتستحي أن تعصيه وهو يراك ؟ فقال الرجل يأمام زدني: فقال الإمام : إذا أردت أن تعصي الله وأتاك ملك الموت ليقبض روحك فلا تعــطيه أياها فقال الرجل : وكيف ذلك وهو لا يستأذن أحد في ذلك . فقال الإمام ياعجب!! نفسك وعمرك ليس ملكاً لك وتعـصي الله نعم أخي كيف تقدم على فعل المعصيه والموت قد يأتيك يأتيك وأنت عـليها ولن تستطيع دفعه فتموت وانت عليها ومن مات على شيء بعث عليه. فقال الرجل وقد بداء يشع نور الهدايه في صدره يأمام زدني : فقال الإمام في الخامسه :إذا أردت أن تعصي الله وجيء بك أمام الله للمسأله وأعـطيت كتابك بشمالك فـتنكر لـذلك الكتاب وقـل لم أفـعـل هـذا فقال الرجل: وكيف ذلك ؟ وأين الملائكه الكاتبين وكيف لي أن أسكت أعضائي إذا أنطقها الله لــــــــتشــهــد عــلي ؟ فقال الإمام أتعـلـم إن الله لاتـخـفـى عـلـيه خـافـيه في السماء ولا في ألأرض وتعـصيه وكل معصيه تعصي الله بها مسجله عليك وتشهد عليك أعضائك بأنك فعلتها ولاتستطيع أنكارها وتعصيه فقام العاصي من عند ذلك الإمام وما شيىء أبغض عنده من المعاصي بعد أن أزال الإمام عنه ماكان عـليه من غـفـله عن الله وعـظم قدرته بهذه النصيحه الصادقه والبليغه وأنت أخي ماذا عنك هل تستطيع فعل شيء من هذه الأمور ؟ بطبع لا وألف لا إذاً فـلماذا الجرئه على معـصيته سبحانه والقصه الثأنيه هي أن أمرئه غير صالحه ذات جمال فاتن وقع في قلبها محبة احد الاتقياء الصالحين وهو عبيد ابن عمير فارادت ان تفتنه في أحد الأيام وتغويه بفعل الفاحشه بها لكن هذا العبد الصالح كان ممن يخشى الله ويخافه في السر والعلن فعرضة له في احد ا الأماكن الخاليه وأتته وقالت له أني قد فتنت بك فنظر ما أنت فاعل فأجابها هذا العبد الصالح من باب المجاره بقوله حسنً أني سألك عن خمسة أشياء فأن صدقتيني في الأجابه عليها نظرت في أمرك فقالت له لا تسألني عن شيىء إلا صدقتك في الأجابه عليه فقال لها : أخبريني لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجه وأجبتك لما دعوتيني إليه ؟ فقالت : اللهم لا فقال : صدقتي فقال لها في الثانيه : فلو ان الناس أُعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أو شمالك أكان يسرك أني قد قضيت لك هذه الحاجه ؟ فقالت : اللهم لا فقال : صدقتي فقال لها في الثالثه : فلو أردتي المرور على الصراط هل كان يسرك أني قد قضيت لك هذه الحاجه وفعلت ما أردتي أن أفعله ؟ فقالت : اللهم لا . فقال : صدقتي . فقال لها في الرابعه : فلو جيء بالموازين لوزن أعمال كل أنسان وأنتِ لاتدرين أتخف أعمالك أم تثقل . أكان يسرك أني قد قضيت لك هذه الحاجـه؟ فقالت : اللهم لا. فقال صدقتي فقال لها في الخامسه : فلو وقفتي بين يدي الله للمسأله والمحاسبه على الأعمال أكان يسرك أني قد قضيت لك هذه الحاجه ؟ فقالت : اللهم لا . فقال : صدقتي فقال لها أتقي الله يأمة الله بعد أن ذكرها بواطن فيها الأنسان لايود أنه عصى الله بأي معصيه فذهبت من أمامه بعد أن أيقض في قلبها بهذه النصيحه البليغه الموجزه مخافة الله وأصبحت من العابدات الصالحات . نعم والله أنها مواطن ومواقف لو فكر فيها كل أنسان وتذكرها قبل أن يعصي الله بأي معصيه لما أقدم على تللك المعصيه لأنه يستحيل أن يعصي إنسان الله وهو يعلم أن ملك الموت قد يفاجئه ويأتيه لأخذ روحه في أي لحظه وقد تكون هي اللحظه التي يريد أن يعصي الله فيها ويستحيل أن يعصي أنسان مؤمن الله وهو يعلم أن هذا الذنب سيكتب في صحيفة سيأته التي تعرض عليه في يوم القيامه وهو في ذلك الوقت يتمنى انه ما في صحيفة سيأته أي سيئه وان صحيفة حسناته هي المليئه كذلك يستحيل أن يقد احد على معصية الله تعالى وهو يعلم أن أمامه المرور على الصراط الممدو فوق جهنم وهو أدق من الشعره وأحد من السيف ويعلم ان هذا الصراط لايمر عليه وينجو منه الا الصالحين الأتقياء وان العصاه ستخطفهم الكلاليب التي على جنبي ذلك الصراط وتوقع بهم في نار جهنم وهل يتصور الأنسان العاصي لله الذي قارف المعاصي والمنكرات أنه سيمر فوق ذلك الصراط حاله حال من أفنى عمره في فعل الطاعات وما يقربه لرب الأرض والسموات فهذه القصه هناء عباره عن تذكير من عبيد ابن عـمير لهذه المرئه بل في القصه تذكير لكل عاصي لله بهذه المواطن التي يندم فيه كل عاصي على معصيته . وفي الختام أمل ان يرزقني الله وأياكم خـشيته سبحانه وتعالى في السر والـعـلن وهاتين القصتين أخواني سمعتهما في شريط ( لأني راقي بأخلاقي ) فتأثر ت بهما ولاسيما بأسلوب الشيخ الذي ألقاهما فـنقـلتهما وكتبتهما مع تعليق بسيط من عـندي وها أنا أجعلها بين يدكم وأسأل الله أن ينفع بها ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6735 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أَصلِـــــح سَــرِيــرَتَــــكَ عَن يَحيَى بنِ الجَزَّارِ، قَالَ: دَخَلَ نَاسٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ, فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ، حَدِّثِينَا عَن سِرِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَت: كَانَ سِرُّهُ وَعَلَانِيَتُهُ سَوَاءً، ثُمَّ نَدِمْتُ فَقُلْتُ: أَفشَيتُ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم! قَالَت: فَلَمَّا دَخَلَ أَخبَرتُهُ, فَقَالَ: «أَحسَنتِ». قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يوم تبلى السرائر﴾ [الطارق: 9]؛ أَي: تُختَبَرُ سَرَائِرُ الصُّدُورِ، وَيَظهَرُ مَا كَانَ فِي القُلُوبِ مِن خَيرٍ وَشَرٍّ عَلَى صَفَحَاتِ الوُجُوهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ [آل عمران: 106]؛ فَفِي الدُّنيَا، يَنكَتِمُ كَثِيرٌ مِنَ الأَشيَاءِ، وَلَا يَظهَرُ عِيَانًا لِلنَّاسِ، وَأَمَّا يَومَ القِيَامَةِ، فَيَظهَرُ بِرِّ الأَبرَارِ، وَفُجُورُ الفُجَّارِ، وَتَصِيرُ الأُمُورُ عَلَانِيَةً. وَلِله هَاتَيكَ القُلُوبُ, وَمَا انطَوَت عَلَيهِ مِنَ الضَّمَائِرِ, وَمَاذَا أَودَعَتهُ مِنَ الكُنُوزِ وَالذَّخَائِرِ؟! وَلِله طِيبُ أَسرَارِهَا! وَلَا سِيَّمَا يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ: سَيَبدُو لَهَا طِيبٌ وَنُورٌ وَبَهجَةٌ وَحُسنُ ثَنَاءٍ يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ. قَالَ ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: وَفِي التَّعبِيرِ عَنِ الأَعمَالِ بِالسِّرِّ لَطِيفَةٌ، وَهُوَ أَنَّ الأَعمَالَ نَتَائِجُ السَّرَائِرِ البَاطِنَةِ، فَمَن كَانَت سَرِيرَتُهُ صَالِحَةً كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا، فَتَبدُو سَرِيرَتُهُ عَلَى وَجهِهِ: نُورًا وَإِشرَاقًا وَحَيَاءً، وَمَن كَانَت سَرِيرَتُهُ فَاسِدَةً، كَانَ عَمَلُهُ تَابِعًا لِسَرِيرَتِهِ، لَا اعتِبَارَ بِصُورَتِهِ، فَتَبدُو سَرِيرَتُهُ عَلَى وَجهِهِ سَوَادًا وَظُلمَةً وَشَينًا. وَإِن كَانَ الَّذِي يَبدُو عَلَيهِ فِي الدُّنيَا، إِنَّمَا هُوَ عَمَلُهُ لَا سَرِيرَتُهُ، فَيَومَ القِيَامَةِ تَبدُو عَلَيهِ سَرِيرَتُهُ، وَيَكُونُ الحُكمُ وَالظُّهُورُ لَهَا وقال أيضًا في تفسـير قوله - تعالى -: ﴿يوم تبلى السرائر﴾ [الطارق: 9]؛ أي: تختبر..., وَالسَّرَائِرُ جمع سريرة، وهي سرائر الله التي بينهُ وبين عبده في ظاهره وباطنه لله، فالإيمان مِنَ السَّرَائِرِ، وشرائعه مِنَ السَّرَائِرِ، فتُختبر ذلك اليوم، حتى يظهر خيرُها من شرها، ومؤدِّيها من مضيعها...والمعنى تختبر السَّرَائِرُ بإظهارها، وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم. وَقَالَ رحمه الله: «الْمُعَوَّلُ عَلَى السَّرَائِرِ وَالْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ وَالْهِمَمِ, فَهِيَ الْإِكْسِيرُ الَّذِي يَقْلِبُ نُحَاسَ الْأَعْمَالِ ذَهَبًا، أَوْ يَرُدُّهَا خَبَثًا ...؛ وَمَنْ لَهُ لُبٌّ وَعَقْلٌ, يَعْلَمُ قَدْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ, وَشِدَّةَ حَاجَتِهِ إلَيْهَا، وَانْتِفَاعَهُ بِهَا». وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ رحمه الله: «قُطبُ الطَّاعَاتِ لِلمَرءِ فِي الدُّنيَا: هُوَ إِصلَاحُ السَّرَائِرِ، وَتَركُ إِفسَادُ الضَّمَائِرِ. وَالوَاجِبُ عَلَى العَاقِلِ: الَاهتِمَامُ بِإِصلَاحِ سَرِيرَتِهِ، وَالقِيَامُ بِحِرَاسَةِ قَلبِهِ عِندَ إِقبَالِهِ وَإِدبَارِهِ، وَحَرَكَتِهِ وَسُكُونِهِ؛ لِأَنَّ تَكَدُّرَ الأَوقَاتِ، وَتَنَغُّصَ اللَّذَّاتِ، لَا يَكُونُ إِلَّا عِندَ فَسَادِهِ. وَلَو لَم يَكُن لِإِصلَاحِ السَّرَائِرِ سَبَبٌ يُؤَدِّي العَاقِلَ إِلَى استِعمَالِهِ، إِلَّا إِظهَارُ اللهِ عَلَيهِ كَيفِيَّةَ سَرِيرَتِهِ، خَيرًا كَانَ أَو شَرًّا، لَكَانَ الوَاجِبُ عَلَيهِ قِلَّةَ الإِغضَاءِ عَن تَعَاهُدِهَا. فَطهر لله «سريرتك فإنها عنده علانية وأصلح له غيبك فإنه عنده شهادة وزيِّن له باطنك فإنه عنده ظاهر ». قَالَ العَلَّامَةُ ابنُ عُثَيمِينَ رحمه الله: «إِصلَاحُ السَّرِيرَةِ يَكُونُ بِصِدقِ الإِخلَاصِ مَعَ اللهِ عز وجل، بِحَيثُ لَا يَهتَمُّ بِالخَلقِ، مَدَحُوهُ أَو ذَمُّوهُ، نَفَعُوهُ أَو ضَرُّوهُ، يَكُونُ قُلبُهُ مَعَ اللهِ تَعَبُّدًا، وَتَأَلُّهًا، وَمَحَبَّةً وَتَعظِيمًا، وَقَلبُهُ مَعَ اللهِ تَقدِيرًا وَتَدبِيرًا، يَعلَمُ أَن مَا أَصَابَهُ لَم يَكُن لِيُخطِئَهُ، وَمَا أَخطَأَهُ لَم يَكُن لِيُصِيبَهُ، يَرضَى بِمَا قَدَّرَ اللهُ لَهُ، إِذَا وَقَعَ الأَمرُ يَقُولُ: عَسَى أَن يَكُونُ خَيرًا، يَستَشعِرُ دَائِمًا قَولَ اللهِ عز وجل: ﴿فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا﴾ [النساء: 19]، ﴿وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [البقرة: 216]؛ وَمَا أَشبَهَ ذَلِكَ مِن تَعَلُّقِ القَلبِ بِاللهِ، أَهَمُّ شَيءٍ أَن يَكُونَ قَلبُكَ مَعَ اللهِ دَائِمًا، وَإِذَا كَانَ مَعَ اللهِ دَائِمًا صَلُحَت سَرِيرَتُكَ؛ لِأَنَّكَ لَا يَهُمُّكَ الخَلقُ، الخَلقُ عِندَكَ مِثلُ نَفسِكَ، بَل أَقَلُّ، مَا دُمتَ مُتَعَلِّقًا بِرَبِّكَ سبحانه وتعالى، مُعتَصِمًا بِهِ، مُهتَدِيًا بِهُدَاهُ، مُعتَصِمًا بِحَبلِهِ، فَلَا يَهُمَّنَّكَ أَحَدٌ». قَالَ ابنُ الحَاجِّ رحمه الله: «فَإِذَا كَانَ بَاطِنُكَ كَظَاهِرِكَ، لَم تُبَالِ كَيفَ كَانَ أَمرُكَ؟! وَقُم عَلَى بَاطِنِكَ، أَشَدَّ مِن قِيَامِكَ عَلَى ظَاهِرِكَ، فَإِنَّهُ المَوضِعُ الَّذِي فِيهِ اللهُ مُطَّلِعٌ، فَنَظِّفهُ وَزَيِّنهُ، لِيَنظُرَ اللهُ إِلَيهِ أَشَدَّ مَا تُزَيِّنُ ظَاهِرَكَ لِنَظَرِ غَيرِهِ، فَافهَم مَا أَقُولُ لَكَ بِعِنَايَةٍ مِنكَ وَقَبُولٍ»[10]. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ, وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ». فَلَا تُضَيِّع حَظَّكَ مِن أَعمَالِ السَّرَائِرِ، فَبِهَا الحَزمُ وَالفَضلُ العَظِيمُ، وَالوَصفُ يَقصُرُ عَن قَدرِهَا عِندَ الإِلَٰهِ سُبحَانَهُ، وَتُؤجَرُ عَلَيهَا عِندَ تَحصِيلِ مَا فِي الصُّدُورِ، وَالنَّاسُ عَنهَا غَافِلُونَ. وَاجعَل نُصبَ عَينَيكَ الحَدِيثَ التَّالِيَ: عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبَيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ، بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ عز وجل هَبَاءً مَنْثُورًا». قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ! صِفْهُم لَنَا، جَلِّهِم لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُم وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُم إِخْوَانُكُم وَمِنْ جِلْدَتِكُم، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُم أَقْوَامٌ، إِذَا خَلَوا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا»[. فَهَؤُلَاءِ قَامُوا بِأَعمَالٍ ظَاهِرَةٍ، وَاعتنوا بالمظاهر وجعلوها زاهيةً، وَأَهمَلُوا سَرَائِرَهُم، وبواطنهم، وجعلوها خاويةً، فَلَم يُرَاقِبُوا اللهَ فِي خَلَوَاتِهِم. هَؤُلَاءِ يَنطَبِقُ عَلَيهِم قَولُ القَائِلِ: أَظهَرَ بَينَ الخَلقِ إِحسَانَهُ وَخَالَفَ الرَّحمَنَ لَمَّا خَلَا أَفَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ يَخلُونَ بِمَحَارِمِ اللهِ وَيَدخُلُونَ عَلَى المَوَاقِعِ الإِبَاحِيَّةِ، وَيُشَاهِدُونَ الأَفلَامَ الخَلِيعَةَ، أَن يَتُوبُوا إِلَى اللهِ: مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ تُبلَى فِيهِ السَّرَائِرُ، وَيُحَصَّلَ فِيهِ مَا فِي الصُّدُورِ. يَومَ يَدُومُ فِيهِ النَّدَمُ، لِمَن زَلَّت بِهِ القَدَمُ. وَتَأَمَّل سَرِيرَةَ القَلبِ وَاستَحـــــ ـيِ مِنَ اللهِ يَومَ تُبلَى السَّرَائِرُ فَيَا مُهمِلًا إِصلَاحَ سَرِيرَتِكَ! «سَتَعلَمُ يَومَ الحَشرِ: أَيَّ سَرِيرَةٍ تَكُونُ عَلَيهَا, ﴿يوم تبلى السرائر﴾ [الطارق: 9] ». فَحَقِيقٌ بِمَنِ اتَّقَى اللهَ, وَخَافَ نَكَالَهُ: أَن يُصلِحَ سَرِيرَتَهُ, مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ «تُنْسَفُ فِيهِ الْجِبَالُ، وَتَتَرَادَفُ فِيهِ الْأَهْوَالُ، وَتَشْهَدُ فِيهِ الْجَوَارِحُ وَالْأَوْصَالُ، وَتُبْلَى فِيهِ السَّرَائِرُ، وَتَظْهَرُ فِيهِ الضَّمَائِرُ، وَيَصِيرُ الْبَاطِلُ فِيهِ ظَاهِرًا، وَالسِّرُّ عَلَانِيَةً، وَالْمَسْتُورُ مَكْشُوفًا، وَالْمَجْهُولُ مَعْرُوفًا، وَيُحَصَّلُ وَيَبْدُو مَا فِي الصُّدُورِ، كَمَا يُبَعْثَرُ وَيَخْرُجُ مَا فِي الْقُبُورِ؛ وَتَجْرِي أَحْكَامُ الرَّبِّ تَعَالَى هُنَالِكَ عَلَى القُصُودِ وَالنِّيَّاتِ, كَمَا جَرَتْ أَحْكَامُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَلَى ظَوَاهِرِ الْأَقْوَالِ وَالْحَرَكَاتِ, يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ بِمَا فِي قُلُوبِ أَصْحَابِهَا: مِنَ النَّصِيحَةِ لِلهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ, وَمَا فِيهَا مِنَ الْبِرِّ وَالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ لِلْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ, وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ بِمَا فِي قُلُوبِ أَصْحَابِهَا: مِنَ الْخَدِيعَةِ وَالْغِشِّ وَالْكَذِبِ وَالْمَكْرِ وَالِاحْتِيَالِ؛ هُنَالِكَ يَعْلَمُ الْمُخَادِعُونَ: أَنَّهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانُوا يَخْدَعُونَ, وَبِدِينِهِمْ كَانُوا يَلْعَبُونَ, وَمَا يَمْكُرُونَ إلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ». عَن أُسَامَة بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا كَرِهَ اللهُ مِنكَ شَيئًا، فَلَا تَفعَلهُ إِذَا خَلَوتَ»[16]. فاللهَ اللهَ في إِصْلاحِ السَّرَائِرِ؛ فَإِنَّهُ ما يَنْفَعُ مَعَ فَسَادِهَا صَلاحٌ ظَاهِرٌ. قَالَ الله تعالى: ﴿والله يعلم ما في قلوبكم﴾ [الأحزاب: 51]. فانظر أيُّها الأخُ الحبيبُ: ماذا يعلم الله من قلبك؟ دَاوِ قلبك وأصلحهُ وأخلص وصحح النية وأخلص الطويةَ فإنَّ مرادَ الله من العباد صلاح قلوبهم. عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ». وَقَوْلُهُ: «فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ» إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بَاطِنَ الأَمْرِ يَكُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّ خَاتِمَةَ السُّوءِ تَكُونُ بِسَبَبِ دَسِيسَةٍ بَاطِنَةٍ لِلْعَبْدِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ، فَتِلْكَ الخَصْلَةُ الخَفِيَّةُ تُوجِبُ سُوءَ الخَاتِمَةِ عِنْدَ المَوْتِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غِشٌّ وَآفَةٌ، لَمْ يَقْلِبِ اللّهُ إِيمَانَهُ. -------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6736 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() قصة عبدالرحمن عشماوي وجارة المقعد حينما جلست في المقعد المخصص لي في الدرجة الأولى من الطائرة التي تنوي الإقلاع إلى عاصمة دولةٍ غربية، كان المقعد المجاور لي من جهة اليمين ما يزال فارغاً، بل إن وقت الإقلاع قد اقترب والمقعد المذكور ما يزال فرغاً، قلت في نفسي: أرجو أن يظل هذا المقعد فارغاً، أو أن ييسّر الله لي فيه جاراً طيباً يعينني على قطع الوقت بالنافع المفيد، نعم أن الرحلة طويلة سوف تستغرق ساعات يمكن أن تمضي سريعاً حينما يجاورك من ترتاح إليه نفسك، ويمكن أن تتضاعف تلك الساعات حينما يكون الأمر على غير ما تريد! وقبيل الإقلاع جاء من شغل المقعد الفارغ...فتاةُ في مَيْعة الصِّبا، لم تستطيع العباءة الفضفاضة السوداء ذات الأطراف المزيَّنة أن تخفي ما تميزت به تلك الفتاة من الرِّقة والجمال..كان العطر فوَّاحاً، بل إن أعين الركاب في الدرجة الأولى قد اتجهت إلى مصدر الرائحة الزكيَّة، لقد شعرت حينها أن مقعدي ومقعد مجاورتي أصبحا كصورتين يحيط بهما إطار منضود من نظرات الرُّكاب، حينما وجهت نظري إلى أحدهم... رأيتُه يحاصر المكان بعينيه، ووجهه يكاد يقول لي: ليتني في مقعدك ؛ كنت في لحظتها أتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي هريرة (رضي الله عنه) ((ألا وإنَّ طيب الرجال ما ظهر ريحه، ولم يظهر لونه، ألا وإن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه)). ولا أدري كيف استطعت في تلك اللحظة أن أتأمل معاني هذا الحديث الشريف، لقد تساءلت حينها ((لماذا يكون طيب المرأة بهذه الصفة))؟ كان الجواب واضحاً في ذهني من قبل: إن المرأة لزوجها، ليست لغيره من الناس، وما دامت له فإن طيبَها ورائحة عطرها لا يجوز أن يتجاوزه إلى غيره، كان هذا الجواب واضحاً، ولكن ما رأيته من نظرات ركاب الطائرة التي حاصرت مقعدي ومقعد الفتاه، قد زاد الأمر وضوحاً في نفسي وسألت نفسي: يا ترى لو لم يَفُح طيب هذه الفتاة بهذه الصورة التي أفعمت جوَّ الدرجة الأولى من الطائرة، أكانت الأنظار اللاَّهثة ستتجه إليها بهذه الصورة؟ عندما جاءت ((خادمة الطائرة)) بالعصير، أخذت الفتاة كأساً من عصير البرتقال، وقدَّمته إليَّ، تناولته شاكراً وقد فاجأني هذا الموقف، وشربت العصير وأنا ساكتٌ، ونظرات ذلك الشخص ما تزال تحاصرني، وجَّهت إليه نظري ولم أصرفه عنه حتى صرف نظره حياءً - كما أظن -، ثم اكتفى بعد ذلك باختلاس النظرات إلى الفتاة المجاورة، ولما أصبح ذلك دَيْدَنَه، كتبت قصاصة صغيرة ((ألم تتعب من الالتفات؟))، فلم يلتفت بعدها. عندما غاصتْ الطائرة في السحاب الكثيف بعد الإقلاع بدقائق معدودات اتجه نظري إلى ذلك المنظر البديع، سبحان الله العظيم، قلتُها بصوت مرتفع وأنا أتأمل تلك الجبال الشاهقة من السحب المتراكمة التي أصبحنا ننظر إليها من مكان مرتفع، قالت الفتاة التي كانت تجلس بجوار النافذة: إي والله سبحان الله العظيم، ووجهتْ حديثها إليَّ قائلة ً إن هذا المنظر يثير الشاعرية الفذَّة، ومن حسن حظي أنني أجاور شاعراً يمكن أن يرسم لوحة ًشعرية رائعة لهذا المنظر... لم تكن الفتاة وهي تقول لي هذا على حالتها التي دخلت بها إلى الطائرة، كلا..لقد لملمت تلك العباءة الحريرية، وذلك الغطاء الرقيق الذي كان مسدلاً على وجهها ووضعتهما داخل حقيبتها اليدوية الصغيرة، لقد بدا وجهها ملوَّناً بألوان الطيف، أما شعرها فيبدو أنها قد صفَّـفته بطريقة خاصة تعجب الناظرين... قلت لها: سبحان من علَّم الإنسان ما لم يعلم، فلولا ما أتاح الله للبشر من كنوز هذا الكون الفسيح لما أتيحت لنا رؤية هذه السحب بهذه الصورة الرائعة قالت: إنها تدلُّ على قدرة الله تعالى. قلت: نعم تدل على قدرة مبدع هذا الكون و خالقه، الذي أودع فيه أسراراً عظيمة، وشرع فيه للناس مبادئ تحفظ حياتهم وتبلَّـغهم رضى ربهم،وتنجيهم من عذابه يوم يقوم الأشهاد. قالت: ألا يمكن أن نسمع شيئاً من الشعر فإني أحب الشعر وإن هذه الرحلة ستكون تاريخية بالنسبة إليَّ، ما كنت أحلم أن أسمع منك مباشرة. لقد تمنَّيتُ من أعماق قلبي لو أنها لم تعرف مَنْ أنا لقد كان في ذهني أشياء كثيرة أريد أن أقولها لها. وسكتُّ قليلاً كنت أحاور نفسي حواراً داخلياً مُرْبكاً، ماذا أفعل، هل أبدأ بنصيحة هذه الفتاة وبيان حقيقة ما وقعت فيه من أخطاءٍ ظاهرة، أم أترك ذلك إلى آخر المطاف؟ وبعد تردُّد قصير عزمت على النصيحة المباشرة السريعة لتكون خاتمة الحديث معها. وقبل أن أتحدث أخرجت من حقيبتها قصاصاتٍ ملوَّنة وقالت: هذه بعض أوراق أكتبها، أنا أعلم أنها ليست على المستوى الذي يناسب ذوقك، ولكنها خواطر عبرت بها عن نفسي... وقرأت القصاصات بعناية كبيرة، إني أبحث فيها عن مفتاح لشخصية الفتاة.. إنها خواطر حالمة، هي فتاة رقيقة المشاعر جداً، أحلامها تطغى على عقلها بشكل واضح، لفت نظري أنها تستشهد بأبيات من شعري، قلت في نفسي هذا شيء جميل لعل ذلك يكون سبباً في أن ينشرح صدرها لما أريد أن أقول، بعد أن قرأت القصاصات عزمت على تأخير النصيحة المباشرة وسمحت لنفسي أن تدخل في حوارٍ شامل مع الفتاة.. قلت لها: عباراتك جميلة منتقاة، ولكنها لا تحمل معنىً ولا فكرة كما يبدو لي، لم أفهم منها شيئاً، فماذا أردتِ أن تقولي...؟ بعد صمتٍ قالت: لا أدري ماذا أردتُ أن أقول: إني أشعر بالضيق الشديد، خاصة عندما يخيَّم عليَّ الليل، أقرأ المجلات النسائية المختلفة، أتأمَّل فيها صور الفنانات والفنانين، يعجبني وجه فلانة، وقامة فلانة، وفستان علاَّنة، بل تعجبني أحياناً ملامح أحد الفنانين فأتمنَّى لو أن ملامح زوجي كملامحه، فإذا مللت من المجلات اتجهت إلى الأفلام، أشاهد منها ما أستطيع وأحسُّ بالرغبة في النوم، بل إني أغفو وأنا في مكاني، فأترك كل شيء وأتجه إلى فراشي...، وهناك يحدث ما لا أستطيع تفسيره، هناك يرتحل النوم، فلا أعرف له مكاناً. عجباً، أين ذلك النوم الذي كنت أشعر به وأنا جالسة، وتبدأ رحلتي مع الأرق، وفي تلك اللحظات أكتب هذه الخواطر التي تسألني عنها... ((إنها مريضة)) قلتها في نفسي، نعم إنها مريضة بداء العصر ؛ القلق الخطير، إنها بحاجة إلى علاج. قلت لها: ولكنَّ خواطرك هذه لا تعبر عن شيء ٍ مما قلت إنها عبارات برَّاقة، يبدو أنك تلتقطينها من بعض المقالات المتناثرة وتجمعينها في هذه الأوراق... قالت: عجباً لك، أنت الوحيد الذي تحدَّثت بهذه الحقيقة، كل صديقاتي يتحدثن عن روعة ما أكتب، بل إن بعض هذه الخواطر قد نشرت في بعض صحفنا، وبعثَ إلىَّ المحرِّر برسالة شكر على هذا الإبداع، أنا معك أنه ليس لها معنى واضح، ولكنها جميلة. وهنا سألتها مباشرة: هل لك هدفٌُ في هذه الحياة؟! بدا على وجهها الارتباك، لم تكن تتوقع السؤال، وقبل أن تجيب قلت لها: هل لك عقل تفكرين به، وهل لديك استقلال في التفكير؟ أم أنك قد وضعت عقلك بين أوراق المجلات النسائية التي أشرت إليها، وحلقات الأفلام التي ذكرت أنك تهرعين إليها عندما تشعرين بالملل. هل أنتِ مسلمة؟!.. هنا تغيَّر كل شيء، أسلوبها في الحديث تغيَّر، جلستها على المقعد تغيَّرت، قالت: هل تشك في أنني مسلمة؟! إني – بحمد الله – مسلمة ٌُ ومن أسرة مسلمة عريقة في الإسلام، لماذا تسألني هذا السؤال، إن عقلي حرٌّ ليس أسيراً لأحد، إني أرفض أن تتحدَّث بهذه الصورة. وانصرفت إلى النافذة تنظر من خلالها إلى ملكوت الله العظيم... لم أعلق على كلامها بشيء، بل إنني أخذت الصحيفة التي كانت أمامي وانهمكت في قراءتها، ورحلت مع مقال في الصحيفة يتحدث عن الإسلام والإرهاب ((كان مقالاً طويلاً مليئاً بالمغالطات والأباطيل، يا ويلهم هؤلاء الذين يكذبون على الله, ولا أكتمكم أنني قد انصرفت إلى هذا الأمر كلياً حتى نسيت في لحظتها ما جرى من حوار بيني وبين مجاورتي في المقعد، ولم أكن أشعر بنظراتها التي كانت تختلسها إلى الصحيفة لترى هذا الأمر الذي شغلني عن الحديث معها – كما أخبرتني فيما بعد-، ولم أعد من جولتي الذهنية مع مقال الصحيفة إلا على صوتها وهي تسألني: أتشك في إسلامي؟ قلت لها: ما معنى الإسلام؟! قالت: هل أنا طفلة حتى تسألني هذا السؤال! قلت لها: معاذ الله بل أنت فتاة ناضجة تمتم النضج، تُلوِّن وجهها بالأصباغ، وتصفِّفُ شعرها بطريقة جيدة، وتلبس عباءتها وحجابها في بلادها، فإذا رحلت خلعتها وكأنهما لا يعنيان لها شيئاً، نعم إنك فتاة كبيرة تحسن اختيار العطر الذي ينشر شذاه في كل مكان. .فمن قال إنك طفلة...؟! قالت: لماذا تقسو عليَّ بهذه الصورة؟ قلت لها: ما الإسلام؟... قالت: الدين الذي أرسل الله به محمد صلى الله عليه وسلم. قلت لها: وهو كما حفظنا ونحن صغار ((الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، و الخلوص من الشرك)). قالت: إي والله ذكرتني، لقد كنت أحصل في مادة التوحيد على الدرجة الكاملة! قلت لها: ما معنى ((الانقياد له بالطاعة))؟ سكتت قليلاً ثم قالت: أسألك بالله لماذا تتسلَّط عليَّ بهذه الصورة، لماذا تسيء إليَّ وأنا لم أسئ إليك؟ قلت لها: عجباً لك، لماذا تعدّين حواري معك إساءة؟ أين موطن الإساءة فيما أقول؟ قالت: أنا ذكية وأفهم ما تعني، أنت تنتقدني وتؤنبني وتتهمني، ولكن بطريقة غير مباشرة.. قلت لها: ألست مسلمة؟ قالت: لماذا تسألني هذا السؤال؟ إني مسلمة من قبل أن أعرفك، وأرجوك ألا تتحدث معي مرة أخرى. قلت لها: أنا متأسف جداً، وأعدك بألا أتحدث إليك بعد هذا... ورجعتُ إلى صفحات الصحيفة التي أمامي أكمل قراءة ذلك المقال الذي يتجنَّى فيه صاحبه على الإسلام، ويقول: إنه دين الإرهاب، وإن أهله يدعون إلى الإرهاب، وقلت في نفسي: سبحان الله، المسلمون يذبَّحون في كل مكان كما تذبح الشيِّاه، ويقال عنهم أهل الإرهاب... وقلبتُ صفحة أخرى فرأيت خبراً عن المسلمين في كشمير، وصورة لامرأة مسلمة تحمل طفلاً، وعبارة تحت صورتها تقول: إنهم يهتكون أعراضنا ينزعون الحجاب عنَّا بالقوة وأن الموت أهون عندنا من ذلك، ونسيت أيضاً أن مجاورتي كانت تختلس نظرها إلى الجريدة، وفوجئت بها تقول: ماذا تقرأ؟..ولم أتحدث إليها، بل أعطيتها الجريدة وأشرت بيدي إلى صورة المسلمة الكشميرية والعبارة التي نُقلت عنها... ساد الصمت وقتاً ليس بالقصير، ثم جاءت خادمة الطائرة بالطعام، واستمر الصمت... وبعد أن تجوَّلتُ في الطائرة قليلاً رجعت إلى مقعدي، وما إن جلست حتى بادرتني مجاورتي قائلة: ما كنت أتوقع أن تعاملني بهذه القسوة! قلت لها: لا أدري ما معنى القسوة عندكِ، أنا لم أزد على أن وجهت إليك أسئلة ً كنت أتوقع أن أسمع منك إجابة ًعنها، ألم تقولي إنك واثقة بنفسك ثقة ً كبيرة؟ فلماذا تزعجك أسئلتي؟ قالت: أشعر أنك تحتقرني.. قلت لها: من أين جاءك هذا الشعور؟ قالت: لا أدري. قلت لها: ولكنني أدري..لقد انطلق هذا الشعور من أعماق نفسك، إنه الشعور بالذنب والوقوع في الخطأ، أنت تعيشين ما يمكن أن أسمّيه بالازدواجية، أنت تعيشين التأرجح بين حالتين. وقاطعتني بحدّة قائلة: هل أنا مريضة نفسياً؟ ما هذا الذي تقول؟! قلت لها: أرجو ألاَّ تغضبي، دعيني أكمل، أنت تعانين من ازدواجيةٍ مؤذية، أنتِ مهزومة من الداخل، لاشك عندي في ذلك، وعندي أدلّة لا تستطيعين إنكارها. قالت مذعورةً: ما هي؟ حينما جلست في المقعد المخصص لي في الدرجة الأولى من الطائرة التي تنوي الإقلاع إلى عاصمة دولةٍ غربية، كان المقعد المجاور لي من جهة اليمين ما يزال فارغاً، بل إن وقت الإقلاع قد اقترب والمقعد المذكور ما يزال فرغاً، قلت في نفسي: أرجو أن يظل هذا المقعد فارغاً، أو أن ييسّر الله لي فيه جاراً طيباً يعينني على قطع الوقت بالنافع المفيد، نعم أن الرحلة طويلة سوف تستغرق ساعات يمكن أن تمضي سريعاً حينما يجاورك من ترتاح إليه نفسك، ويمكن أن تتضاعف تلك الساعات حينما يكون الأمر على غير ما تريد! وقبيل الإقلاع جاء من شغل المقعد الفارغ...فتاةُ في مَيْعة الصِّبا، لم تستطيع العباءة الفضفاضة السوداء ذات الأطراف المزيَّنة أن تخفي ما تميزت به تلك الفتاة من الرِّقة والجمال..كان العطر فوَّاحاً، بل إن أعين الركاب في الدرجة الأولى قد اتجهت إلى مصدر الرائحة الزكيَّة، لقد شعرت حينها أن مقعدي ومقعد مجاورتي أصبحا كصورتين يحيط بهما إطار منضود من نظرات الرُّكاب، حينما وجهت نظري إلى أحدهم...رأيتُه يحاصر المكان بعينيه، ووجهه يكاد يقول لي: ليتني في مقعدك ؛ كنت في لحظتها أتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي هريرة (رضي الله عنه) ((ألا وإنَّ طيب الرجال ما ظهر ريحه، ولم يظهر لونه، ألا وإن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه)). ولا أدري كيف استطعت في تلك اللحظة أن أتأمل معاني هذا الحديث الشريف، لقد تساءلت حينها ((لماذا يكون طيب المرأة بهذه الصفة))؟ كان الجواب واضحاً في ذهني من قبل: إن المرأة لزوجها، ليست لغيره من الناس، وما دامت له فإن طيبَها ورائحة عطرها لا يجوز أن يتجاوزه إلى غيره، كان هذا الجواب واضحاً، ولكن ما رأيته من نظرات ركاب الطائرة التي حاصرت مقعدي ومقعد الفتاه، قد زاد الأمر وضوحاً في نفسي وسألت نفسي: يا ترى لو لم يَفُحْ طيب هذه الفتاة بهذه الصورة التي أفعمت جوَّ الدرجة الأولى من الطائرة، أكانت الأنظار اللاَّهثة ستتجه إليها بهذه الصورة؟ عندما جاءت ((خادمة الطائرة)) بالعصير، أخذت الفتاة كأساً من عصير البرتقال، وقدَّمته إليَّ، تناولته شاكراً وقد فاجأني هذا الموقف، وشربت العصير وأنا ساكتٌ،ونظرات ذلك الشخص ما تزال تحاصرني، وجَّهت إليه نظري ولم أصرفه عنه حتى صرف نظره حياءً - كما أظن -، ثم اكتفى بعد ذالك باختلاس النظرات إلى الفتاة المجاورة، ولما أصبح ذلك دَيْدَنَه، كتبت قصاصة صغيرة ((ألم تتعب من الالتفات؟))، فلم يلتفت بعدها. عندما غاصتْ الطائرة في السحاب الكثيف بعد الإقلاع بدقائق معدودات اتجه نظري إلى ذالك المنظر البديع، سبحان الله العظيم، قلتُها بصوت مرتفع وأنا أتأمل تلك الجبال الشاهقة من السحب المتراكمة التي أصبحنا ننظر إليها من مكان مرتفع، قالت الفتاة التي كانت تجلس بجوار النافذة: إي والله سبحان الله العظيم، ووجهتْ حديثها إليَّ قائلة ً إن هذا المنظر يثير الشاعرية الفذَّة، ومن حسن حظي أنني أجاور شاعراً يمكن أن يرسم لوحة ًشعرية رائعة لهذا المنظر... لم تكن الفتاة وهي تقول لي هذا على حالتها التي دخلت بها إلى الطائرة، كلا..لقد لملمت تلك العباءة الحريرية، وذلك الغطاء الرقيق الذي كان مسدلاً على وجهها ووضعتهما داخل حقيبتها اليدوية الصغيرة، لقد بدا وجهها ملوَّناً بألوان الطيف، أما شعرها فيبدو أنها قد صفَّـفته بطريقة خاصة تعجب الناظرين... قلت لها: سبحان من علَّم الإنسان ما لم يعلم، فلولا ما أتاح الله للبشر من كنوز هذا الكون الفسيح لما أتيحت لنا رؤية هذه السحب بهذه الصورة الرائعة. قالت: إنها تدلُّ على قدرة الله تعالى. قلت: نعم تدل على قدرة مبدع هذا الكون و خالقه،الذي أودع فيه أسراراً عظيمة، وشرع فيه للناس مبادئ تحفظ حياتهم وتبلَّـغهم رضى ربهم،وتنجيهم من عذابه يوم يقوم الأشهاد. قالت: ألا يمكن أن نسمع شيئاً من الشعر فإني أحب الشعر وإن هذه الرحلة ستكون تاريخية بالنسبة إليَّ، ما كنت أحلم أن أسمع منك مباشرة. لقد تمنَّيتُ من أعماق قلبي لو أنها لم تعرف مَنْ أنا لقد كان في ذهني أشياء كثيرة أريد أن أقولها لها. وسكتُّ قليلاً كنت أحاور نفسي حواراً داخلياً مُرْبكاً، ماذا أفعل، هل أبدأ بنصيحة هذه الفتاة وبيان حقيقة ما وقعت فيه من أخطاءٍ ظاهرة، أم أترك ذلك إلى آخر المطاف؟ وبعد تردُّد قصير عزمت على النصيحة المباشرة السريعة لتكون خاتمة الحديث معها. وقبل أن أتحدث أخرجت من حقيبتها قصاصاتٍ ملوَّنة وقالت: هذه بعض أوراق أكتبها، أنا أعلم أنها ليست على المستوى الذي يناسب ذوقك، ولكنها خواطر عبرت بها عن نفسي... وقرأت القصاصات بعناية كبيرة، إني أبحث فيها عن مفتاح لشخصية الفتاة.. إنها خواطر حالمة، هي فتاة رقيقة المشاعر جداً، أحلامها تطغى على عقلها بشكل واضح، لفت نظري أنها تستشهد بأبيات من شعري، قلت في نفسي هذا شيء جميل لعل ذلك يكون سبباً في أن ينشرح صدرها لما أريد أن أقول، بعد أن قرأت القصاصات عزمت على تأخير النصيحة المباشرة وسمحت لنفسي أن تدخل في حوارٍ شامل مع الفتاة.. قلت لها: عباراتك جميلة منتقاة، ولكنها لا تحمل معنىً ولا فكرة كما يبدو لي، لم أفهم منها شيئاً، فماذا أردتِ أن تقولي...؟ بعد صمتٍ قالت: لا أدري ماذا أردتُ أن أقول: إني أشعر بالضيق الشديد، خاصة عندما يخيَّم عليَّ الليل، أقرأ المجلات النسائية المختلفة، أتأمَّل فيها صور الفنانات والفنانين، يعجبني وجه فلانة، وقامة فلانة، وفستان علاَّنة، بل تعجبني أحياناً ملامح أحد الفنانين فأتمنَّى لو أن ملامح زوجي كملامحه، فإذا مللت من المجلات اتجهت إلى الأفلام، أشاهد منها ما أستطيع وأحسُّ بالرغبة في النوم، بل إني أغفو وأنا في مكاني، فأترك كل شيء وأتجه إلى فراشي...، وهناك يحدث ما لا أستطيع تفسيره، هناك يرتحل النوم، فلا أعرف له مكاناً. عجباً، أين ذلك النوم الذي كنت أشعر به وأنا جالسة، وتبدأ رحلتي مع الأرق، وفي تلك اللحظات أكتب هذه الخواطر التي تسألني عنها... ((إنها مريضة)) قلتها في نفسي، نعم إنها مريضة بداء العصر ؛ القلق الخطير، إنها بحاجة إلى علاج. قلت لها: ولكنَّ خواطرك هذه لا تعبر عن شيء ٍ مما قلت إنها عبارات برَّاقة، يبدو أنك تلتقطينها من بعض المقالات المتناثرة وتجمعينها في هذه الأوراق... قالت: عجباً لك، أنت الوحيد الذي تحدَّثت بهذه الحقيقة،كل صديقاتي يتحدثن عن روعة ما أكتب، بل إن بعض هذه الخواطر قد نشرت في بعض صحفنا، وبعثَ إلىَّ المحرِّر برسالة شكر على هذا الإبداع، أنا معك أنه ليس لها معنى واضح، ولكنها جميلة. وهنا سألتها مباشرة: هل لك هدفٌُ في هذه الحياة؟! بدا على وجهها الارتباك، لم تكن تتوقع السؤال، وقبل أن تجيب قلت لها: هل لك عقل تفكرين به، وهل لديك استقلال في التفكير؟ أم أنك قد وضعت عقلك بين أوراق المجلات النسائية التي أشرت إليها، وحلقات الأفلام التي ذكرت أنك تهرعين إليها عندما تشعرين بالملل. هل أنتِ مسلمة؟!.. هنا تغيَّر كل شيء، أسلوبها في الحديث تغيَّر، جلستها على المقعد تغيَّرت، قالت: هل تشك في أنني مسلمة؟! إني – بحمد الله – مسلمة ٌُ ومن أسرة مسلمة عريقة في الإسلام، لماذا تسألني هذا السؤال، إن عقلي حرٌّ ليس أسيراً لأحد، إني أرفض أن تتحدَّث بهذه الصورة. وانصرفت إلى النافذة تنظر من خلالها إلى ملكوت الله العظيم... لم أعلق على كلامها بشيء، بل إنني أخذت الصحيفة التي كانت أمامي وانهمكت في قراءتها، ورحلت مع مقال في الصحيفة يتحدث عن الإسلام والإرهاب ((كان مقالاً طويلاً مليئاً بالمغالطات والأباطيل، يا ويلهم هؤلاء الذين يكذبون على الله, ولا أكتمكم أنني قد انصرفت إلى هذا الأمر كلياً حتى نسيت في لحظتها ما جرى من حوار بيني وبين مجاورتي في المقعد، ولم أكن أشعر بنظراتها التي كانت تختلسها إلى الصحيفة لترى هذا الأمر الذي شغلني عن الحديث معها – كما أخبرتني فيما بعد-، ولم أعد من جولتي الذهنية مع مقال الصحيفة إلا على صوتها وهي تسألني: أتشك في إسلامي؟! قلت لها: ما معنى الإسلام؟! قالت: هل أنا طفلة حتى تسألني هذا السؤال! قلت لها: معاذ الله بل أنت فتاة ناضجة تمتم النضج، تُلوِّن وجهها بالأصباغ، وتصفِّفُ شعرها بطريقة جيدة، وتلبس عباءتها وحجابها في بلادها، فإذا رحلت خلعتها وكأنهما لا يعنيان لها شيئاً، نعم إنك فتاة كبيرة تحسن اختيار العطر الذي ينشر شذاه في كل مكان..فمن قال إنك طفلة...؟! قالت: لماذا تقسو عليَّ بهذه الصورة؟ قلت لها: ما الإسلام؟... قالت: الدين الذي أرسل الله به محمد صلى الله عليه وسلم. قلت لها: وهو كما حفظنا ونحن صغار ((الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، و الخلوص من الشرك)). قالت: إي والله ذكرتني، لقد كنت أحصل في مادة التوحيد على الدرجة الكاملة! قلت لها: ما معنى ((الانقياد له بالطاعة))؟ سكتت قليلاً ثم قالت: أسألك بالله لماذا تتسلَّط عليَّ بهذه الصورة، لماذا تسيء إليَّ وأنا لم أسئ إليك؟ قلت لها: عجباً لك، لماذا تعدّين حواري معك إساءة؟ أين موطن الإساءة فيما أقول؟ قالت: أنا ذكية وأفهم ما تعني، أنت تنتقدني وتؤنبني وتتهمني، ولكن بطريقة غير مباشرة.. قلت لها: ألست مسلمة؟ قالت: لماذا تسألني هذا السؤال؟ إني مسلمة من قبل أن أعرفك، وأرجوك ألا تتحدث معي مرة أخرى. قلت لها: أنا متأسف جداً، وأعدك بألا أتحدث إليك بعد هذا... ورجعتُ إلى صفحات الصحيفة التي أمامي أكمل قراءة ذلك المقال الذي يتجنَّى فيه صاحبه على الإسلام، ويقول: إنه دين الإرهاب، وإن أهله يدعون إلى الإرهاب، وقلت في نفسي: سبحان الله، المسلمون يذبَّحون في كل مكان كما تذبح الشيِّاه، ويقال عنهم أهل الإرهاب... وقلبتُ صفحة أخرى فرأيت خبراً عن المسلمين في كشمير، وصورة لامرأة مسلمة تحمل طفلاً، وعبارة تحت صورتها تقول: إنهم يهتكون أعراضنا ينزعون الحجاب عنَّا بالقوة وأن الموت أهون عندنا من ذلك، ونسيت أيضاً أن مجاورتي كانت تختلس نظرها إلى الجريدة، وفوجئت بها تقول: ماذا تقرأ؟..ولم أتحدث إليها، بل أعطيتها الجريدة وأشرت بيدي إلى صورة المسلمة الكشميرية والعبارة التي نُقلت عنها... ساد الصمت وقتاً ليس بالقصير، ثم جاءت خادمة الطائرة بالطعام، واستمر الصمت... وبعد أن تجوَّلتُ في الطائرة قليلاً رجعت إلى مقعدي، وما إن جلست حتى بادرتني مجاورتي قائلة: ما كنت أتوقع أن تعاملني بهذه القسوة! قلت لها: لا أدري ما معنى القسوة عندكِ، أنا لم أزد على أن وجهت إليك أسئلة ً كنت أتوقع أن أسمع منك إجابة ًعنها، ألم تقولي إنك واثقة بنفسك ثقة ً كبيرة؟ فلماذا تزعجك أسئلتي؟ قالت: أشعر أنك تحتقرني.. قلت لها: من أين جاءك هذا الشعور؟ قالت: لا أدري. قلت لها: ولكنني أدري..لقد انطلق هذا الشعور من أعماق نفسك، إنه الشعور بالذنب والوقوع في الخطأ، أنت تعيشين ما يمكن أن أسمّيه بالازدواجية، أنت تعيشين التأرجح بين حالتين. وقاطعتني بحدّة قائلة: هل أنا مريضة نفسياً؟ ما هذا الذي تقول؟! قلت لها: أرجو ألاَّ تغضبي، دعيني أكمل، أنت تعانين من ازدواجيةٍ مؤذية، أنتِ مهزومة من الداخل، لاشك عندي في ذلك، وعندي أدلّة لا تستطيعين إنكارها. قالت مذعورةً: ما هي؟ قلت: تقولين إنك مسلمة، والإسلام قول وعمل، وقد ذكرت لك في أول حوارنا أن من أهم أسس الإسلام ((الانقياد لله بالطاعة))، فهل أنت منقادة لله بالطاعة؟ وسكتُّ لحظة ً لأتيح لها التعليق على كلامي، ولكنها سكتتْ ولم تنطق ببنتِ شفةٍ – كما يقولون – وفهمت أنها تريد أن تسمع. قلت لها: هذه العباءة، وهذا الحجاب اللذان حُشرا – مظلومَيْن – في هذه الحقيبة الصغيرة دليل على ما أقول.... قالت بغضب واضح: هذه أشكال وأنت لا تهتم إلا بالشكل، المهم الجوهر. قلت لها: أين الجوهر؟ ها أنت قد اضطربت في معرفة مدلولات كلمة ((الإسلام)) الذي تؤمنين به، ثم إن للمظهر علاقة قوية بالجوهر، إن أحدهما يدلُّ على الآخر، وإذا اضطربت العلاقة بين المظهر والجوهر، اضطربت حياة الإنسان... قالت: هل يعني كلامك هذا أنَّ كل من تلبس عباءة ً وتضع على وجهها حجاباً صالحة نقية الجوهر؟ قلت لها: كلا، لم أقصد هذا أبداً، ولكنَّ من تلبس العباءة والحجاب تحقِّق مطلباً شرعياً، فإن انسجم باطنها مع ظاهرها، كانت مسلمة حقّة، وإن حصل العكس وقع الاضطراب في شخصيتها، فكان نزعُ هذا الحجاب – عندما تحين لها الفرصة هيِّناً ميسوراً، إن الجوهر هو المهم، وأذكِّرك الآن بتلك العبارة التي نقلتها الصحيفة عن تلك المرأة الكشميرية المسلمة، ألم تقل: إن الموت أهون عليها من نزع حجابها؟ لماذا كان الموت أهون؟ لأنها آمنت بالله إيماناً جعلها تنقاد له بالطاعة فتحقق معنى الإسلام تحقيقاً ينسجم فيه جوهرها مع مظهرها، وهذا الانسجام هو الذي يجعل المسلم ي حقق معنى قول الرسول عليه الصلاة السلام: (( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)). إنَّ لبس العباءة والحجاب – عندك – لا يتجاوز حدود العادة والتقليد، ولهذا كان هيّناً عليك أن تنزعيهما عنك دون تردُّد حينما ابتعدت بك الطائرة عن أجواء بلدك الذي استقيت منه العادات والتقاليد، أما لو كان لبسك للحجاب منطلقاً من إيمانك بالله، واعتقادك أن هذا أمر شرعي لا يفرّق بين مجتمع ومجتمع، ولا بلدٍ وبلدٍ لما كان هيّناً عليك إلى هذه الدرجة. الازدواجية في الشخصية – يا عزيزتي – هي المشكلة..أتدرين ما سبب هذه الازدواجية؟ فظننت أنها ستجيب ولكنها كانت صامتةً، وكأنها تنتظر أن أجيب أنا عن هذا السؤال.. قلت: سبب هذه الازدواجية الاستسلام للعادات والتقاليد، وعدم مراعاة أوامر الشرع ونواهيه، إنها تعني ضعف الرقابة الداخلية عند الإنسان،ولهذا فإن من أسوأ نتائجها الانهزامية حيث ينهزم المسلم من الداخل، فإذا انهزم تمكن منه هوى النفس ، وتلاعب به الشيطان، وظلَّ كذلك حتى تنقلب في ذهنه الموازين... لم تقل شيئاً، بل لاذت بصمت عميق، ثم حملت حقيبتها واتجهت إلى مؤخرة الطائرة.. .وسألت نفسي تراها ضاقت ذرعاً بما قلت، وتراني وُفَّقت فيما عرضت عليها؟ لم أكن – في حقيقة الأمر – أعرف مدى التأثر بما قلت سلباً أو إيجاباً، ولكنني كنت متأكداً من أنني قد كتمت مشاعر الغضب التي كنت أشعر بما حينما توجه إليَّ بعض العبارات الجارحة، ودعوت لها بالهداية، ولنفسي بالمغفرة والثبات على الحق. وعادت إلى مقعدها..وكانت المفاجأة، يُتبع التعديل الأخير تم بواسطة الفقير الي ربه ; 19-05-2014 الساعة 04:40 PM. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6737 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() وعادت إلى مقعدها..وكانت المفاجأة،
عادت وعليها عباءَتُها وحجابها... ولا تسل عن فرحتي بما رأيت! قالت: إن رحمة الله بي هي التي هيأت لي الركوب في هذا المقعد، صدقت – حينما وصفتني – بأنني أعاني من الهزيمة الداخلية، إن الازدواجية التي أشرت إليها هي السمة الغالبة على كثير من بنات المسلمين وأبنائهم، يا ويلنا من غفلتنا! أنَّ مجتمعاتنا النسائية قد استسلمتْ للأوهام، لا أكتمك أيها الأخ الكريم، أن أحاديثنا في مجالسنا نحن النساء لا تكاد تتجاوز الأزياء والمجوهرات والعطورات، والأفلام والأغاني والمجلات النسائية الهابطة، لماذا نحن هكذا؟ هل نحن مسلمات حقاًً؟ هل أنا مسلمة؟ كان سؤالك جارحاً، ولكني أعذرك، لقد رأيتني على حقيقة أمري، ركبت الطائرة بحجابي، وعندما أقلعت خلعت عني الحجاب، كنت مقتنعة بما صنعت، أو هكذا خُيِّل إليَّ أني مقتنعة، بينما هذا الذي صنعته يدلُّ حقاً على الانهزامية والازدواجية، إني أشكرك بالرغم من أنك قد ضايقتني كثيراً، ولكنك أرشدتني، إني أتوب إلى الله وأستغفره... ولكن أريد أن أستشيرك. قلت وأنا في روضةٍ من السرور بما أسمع من حديثها: (( نعم...تفضلي إني مصغ ٍ إليك)). قالت: زوجي، أخاف من زوجي. قلت: لماذا تخافين منه، وأين زوجك؟ قالت: سوف يستقبلني في المطار، وسوف يراني بعباءتي وحجابي.. قلت لها: وهذا شيء سيسعده... قالت: كلا، لقد كانت آخر وصية له في مكالمته الهاتفية بالأمس: إياك أن تنزلي إلى المطار بعباءتك لا تحرجيني أمام الناس، إنه سيغضب بلا شك. قلت لها: إذا أرضيت الله فلا عليك أن يغضب زوجُك، و بإمكانك أن تناقشيه هادئة فلعلَّه يستجيب، إني أوصيك أن تعتني به عناية الذي يحب له النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة. وساد الصمت.... وشردت بذهني في صورة خيالية إلى ذلك الزوج يوصي زوجته بخلع حجابها...أهذا صحيح؟! أيوجد رجل مسلم غيور كريم يفعل هذا؟! لا حول ولا قوة إلا بالله، إن مدنية هذا العصر تختلس أبناء المسلمين واحداً تلو الآخر، ونحن عنهم غافلون، بل، نحن عن أنفسنا غافلون. وصلت الطائرة إلى ذلك المطار البعيد، وانتهت مراسم هذه الرحلة الحافلة بالحوار الساخن بيني وبين جارة المقعد، ولم أرها حين استقبلها زوجها، بل إن صورتها وصوتها قد غاصا بعد ذلك في عالم النسيان، كما يغوص سواها من آلاف الأشخاص والمواقف التي تمر بنا كلَّ يوم... كنت جالساً على مكتبي أقرأ كتاباً ف جاءني أحدهم برسالة وتسلَّمتها منه بشغف، لعلَّي كنت أودُّ – في تلك اللحظة – أن أهرب من الألم الذي أشعله في قلبي ذلك الكتاب المشؤوم وعندما فتحت الرسالة نظرت إلى اسم المرسل، فقرأت: ((المرسلة أختك في الله أم محمد الداعية لك بالخير)). أم محمد؟ من تكون هذه؟! وقرأت الرسالة، وكانت المفاجأة بالنسبة إليَّ، إنها تلك الفتاة التي دار الحوار بيني وبينها في الطائرة، والتي غاصت قصتها في عالم النسيان! إن أهم عبارة قرأتها في الرسالة هي قولها: ((لعلَّك تذكر تلك الفتاة التي جاورتك في مقعد الطائرة ذات يوم، إِني أبشِّرك ؛ لقد عرفت طريقي إلى الخير، وأبشرك أن زوجي قد تأثر بموقفي فهداه الله، وتاب من كثير من المعاصي التي كان يقع فيها، وأقول لك، ما أروع الالتزام الواعي القائم على الفهم الصحيح لديننا العظيم، لقد قرأت قصيدتك)) ضدان يا أختاه ((وفهمت ما تريد))! لا أستطيع أن أصور الآن مدى الفرحة التي حملتني على جناحيها الخافقين حينما قرأت هذه الرسالة....ما أعظمها من بشرى. ثم أمسكت بالقلم...وكتَبْتُ رسالةََ ً إلى ((أم محمد)) عبَّرْتُ فيها عن فرحتي برسالتها، وبما حملته من البشرى، وضمَّنتها أبياتاً من القصيدة التي أشارت إليها في رسالتها، منها: ضدان يا أختاه ما اجتمعا دين الهدى والفسق والصَّدُّ والله ما أزرى بأمتنا إلا ازدواج ما له حَدُّ وعندما هممت بإرسال رسالتي، تبيَّن لي أنها لم تكتب عنوانها البريديَّ، فطويتها بين أوراقي لعلّها تصل إليها ذات يوم. ----------- زهرة السوسن /بلخزمر |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6738 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() 50 قصة من قصص إخلاص السلف الدين النصيحة الحديث عن أخبار السلف الصالح حديث شيّق يجذب النفوس .. وترق له القلوب .. وفيه عبرة لمن يعتبر .. قد يتقاصر الإنسان أمام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويقول : هؤلاء أيدهم الله بالوحي ،لكن هؤلاء ممن نذكر أخبارهم لم يكن الوحي ينزل عليهم ، وعامة هؤلاء الذين اخترت لكم خبرهم لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ممن جاء بعدهم .. وقد صدق ابن القيم حيث قال (وقد جرت عادة الله التي لا تتبدل وسنته التي لا تتحول أن يلبس المخلص من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلاصه ونيته ومعاملته لربه ويلبس المرائي ثوبي الزور من المقت والمهانة والبغض وما هو اللائق به ... 1- كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي في بيته فإذا شعر بأحد قطع صلاة النافلة ونام على فراشه – كأنه نائم – فيدخل عليه الداخل ويقول : هذا لا يفتر من النوم ، غالب وقته على فراشه نائم ، وما علموا أنه يصلي ويخفي ذلك عليهم . 2- وجاء رجل يقال له حمزة بن دهقان لبشر الحافي العابد الزاهد المعروف ، فقال أحب أن أخلوا معك يوماً ، فقال : لا بأس تُحدد يوما لذلك ، يقول فدخلت عليه يوماً دون أن يشعر فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده " اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل – يقصد بالذل عدم الشهرة - أحب إلي من الشرف ..اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى .. اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أُوثر على حبك شيئا " يقول فلما سمعته أخذني الشهيق والبكاء ، فقال : " اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هنا لم أتكلم " 3- قال الأعمش : كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقـرأ في المصحف ، فاستأذن عليه رجل فغطّى المصحف ، وقال : لا يراني هذا أني أقرأ فيه كل ساعة . 4- للإمام الماوردي قصة في الإخلاص في تصنيف الكتب، فقد ألف المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته لما دنت وفاته قال لشخص يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت و وقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة، فلما حضرته الوفاة بسط يده ، فأظهرت كتبه بعد ذلك 5- وهذا عبد الواحد بن زيد يخبرنا بحديث عجيب حصل لأيوب وقد عاهده ألاَّ يخبر إلا أن يموت أيوب ـ إذ لا رياء يومئذ ـ ، قال عبدالواحد : كنت مع أيوب فعطشنا عطشاً شديداً حتى كدنا نهلك ، فقال أيوب : تستر علي ، قلت : نعم إلا أن تموت، قال : عبد الواحد فغمز أيوب برجله على حِراءٍ فتفجَّر منه الماء فشربت حتى رويت وحملت معي. كانت بينهم وبين الله أسرار لو أقسم منهم على الله أحد لأبرَّه لإخلاصهم وصدقهم مع الله تبارك وتعالى . ------------ يتبــــــــــع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6739 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() 6- وهذا أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي، يقول عنه خادمه أبو عبد الله ، كان محمد يدخل بيتا ويُغلق بابه ، ويدخل معه كوزاً من ماء ، فلم أدر ما يصنع ، حتى سمعتُ ابناً صغيراً له يبكي بكاءه ، فَنهتهَ أمُهُ ، فقلتُ لها : ما هذا البكاء ؟ فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت ، فيقرأ القرآن ويبكي ، فيسمعه الصبي فيحكيه ، فإذا أراد أن يخرج غسل وجهه ؛ فلا يُرى عليه أثر البكاء . 7- ودخل عبد الله ابن محيريز دكاناً يريد أن يشتري ثوباً ، فقال رجل قد عرفه لصاحب المحل هذا ابن محيريز فأحسن بيعه ، فغضب ابن محيريز وطرح الثوب وقال " إنما نشتري بأموالنا ، لسنا نشتري بديننا " 8- وقال ابن عيينة : كان من دعاء المطرِّف بن عبد الله : اللهم إني أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك ، فخالط قلبي منه ما قد علمت . 9- وكان رحمه الله إذا حدَّث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم يشتدُّ عليه البكاء وهو في حلقته ، فكان يشدُّ العمامة على عينه ويقول : ما أشدَّ الزكام.. ما أشدَّ الزكام.. 10 - روى صاحب طبقات الحنابلة: أن عبد الغني المقدسي المحدث الشهير, كان مسجوناً في بيت المقدس في فلسطين , فقام من الليل صادقاً مع الله مخلصاً, فأخذ يصلي, ومعه في السجن قوم من اليهود والنصارى, فأخذ يبكي حتى الصباح, فلما أصبح الصباح, ورأى أولئك النفر هذا الصادق العابد المخلص, ذهبوا إلى السجان, وقالوا: أطلقنا فإنا قد أسلمنا, ودخلنا في دين هذا الرجل, قال: ولِمَ؟ أدعاكم للإسلام؟ قالوا: ما دعانا للإسلام, ولكن بتنا معه في ليلة ذكرنا بيوم القيامة..! 11- رأى ابن عمر رجلاً يُصلي ويُتابع قال له : ما هذا ؟ قال : إني لم أصل البارحة ، فقال ابن عمر : أتريد أن تخبرني الآن ! إنما هما ركعتان 12- يقول الحسن البصري : " إن كان الرجل جمع القرآن وما يشعر به الناس .. وإن كان الرجل قد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس ..وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ..ولقد أدركت أقواماً ما كانوا على عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبداً " 13- كان شريح القاضي يخلو في بيت له يوم الجمعة لا يدري أحد من الناس ماذا يصنع فيه. 14- قيل لابن المبارك: إبراهيم بن أدهم ممن سمع ؟ ممن أخذ الحديث ؟ وممن أخذ العلم ؟ قال " قد سمع من الناس وله فضل في نفسه .. صاحب سرائر ما رأيته يظهر تسبيحاً ، ولا شيئاً من الخير ، ولا أكل مع قوم قط إلا كان آخر من يرفع يده - يتظاهر أنه ليس من أهل الزهد وإنما يأكل كما يأكل عامة الناس فلا يقوم أولهم - " 15- وهذا عبد الله بن المبارك حينما خرج في غزو بلاد الروم فالتقى المسلمون بالعدو ، وخرج عِلجٌ من العدو يطلب المبارزة ويجول بين الصفين ، فخرج له رجل من المسلمين فقتله العلج ، وخرج ثاني فقتله ، وخرج الثالث فقتله ، فبرز له رجل آخر ، فصاوله ثم قَتَلَ العلجَ ، فاجتمع الناس عليه ينظرون من هو ؟ فجعل يغطي وجهه بكمه لئلا يعرفه أحد ، فجاءه رجل يقال له أبو عمر فرفع كمه عن وجهه ، فإذا هو عبد الله بن المبارك ، فقال عبد الله بن المبارك : " وأنت يا أبا عمر ممن يُشنع علينا" – ماهذه الشناعة في نظر ابن المبارك رحمه الله ؟! الشناعة أنه أظهر أن هذا هو البطل الباسل الذي تمكن من قتل هذا العلج الذي قتل عدداً من المسلمين – كان يغطي وجهه بكمه يريد وجه الله تعالى - . 16- وهذا رجل مسلم وقع في حصار حاصره المسلمون للروم ، وطال هذا الحصار ، واشتد الإنتصار على المسلمين ، وأحرقتهم سهام العدو ، فعمد رجلٌ من المسلمين سراً إلى ناحية من الحصن ، فحفر نفقاً ثم دخل منه ، فهجم على الباب من الداخل وجعل يضرب في الأعداء حتى فتح الباب ودخل المسلمون ، واختفى ذلك الرجل فلم يعرفه أحد ، فصار قائد المسلمين – مَسلمَة – يقول ويستحلف الناس : سألتكم بالله أن يخرج إلي صاحب النفق ، فلما كان الليل جاء رجل فاستأذن على حارس مسلمة ، فقال الحارس من هذا ؟ قال : رجل يدلكم على صاحب النفق ، فاذهب إلى صاحبك – يعني مسلمة – وأخبره وقل له يشترط عليك شرطاً ، وهو ألا تبحث عن بعد ذلك اليوم أبداً ، ولا تطلب رؤيته بعده ولا الكلام معه أبدا ، فقال مسلمه : لهُ شَرطُه فأخبروني عنه من هو ؟ فدخل الرجل – نفسه – وقال أنا هو.. وليَ ما اشترطتُ ، لا تسألني .. لا تبحث عني .. لا تدعني إلا مجلسك .. فاختفى بين الجند . فكان مسلمة بعد ذلك يقول : " اللهم احشرني مع صاحب النفق " ------------ يتبــــــــــــــع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6740 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() 17- كان علي بن الحسين زين العابدين يحمل الصدقات والطعام ليلاً على ظهره ، ويوصل ذلك إلى بيوت الأرامل والفقراء في المدينة ، ولا يعلمون من وضعها ، وكان لا يستعين بخادم ولا عبد أو غيره .. لئلا يطلع عليه أحد .. وبقي كذلك سنوات طويلة ، وما كان الفقراء والأرامل يعلمون كيف جاءهم هذا الطعام .. فلما مات وجدوا على ظهره آثاراً من السواد ، فعلموا أن ذلك بسبب ما كان يحمله على ظهره ، فما انقطعت صدقة السر في المدينة حتى مات زين العابدين . 18- وهذا أيوب السخيتاني .. إمام كبير من أئمة التابعين .. وعابد من عبادهم .. ربما يحدث بالحديث فيرق ، فيلتفت ويتمخط ويقول " ما أشد الزكام " 19- يقول الحسن البصري : " إن الرجل ليجلس في المجلس فتجيؤه عبرته ، فإذا خشي أن تسبقه قام " 20 - وهذا شقيق بن سلمة رحمه الله كان يصلي في بيته ، وينشج نشيجا ً لو جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحدٌ يراه ما فعل . 21- ووقف رجل يصلي في المسجد ، فسجد وجعل يبكي بكاءً شديدا ، فجاء إليه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه فقال " أنت .. أنت .. لو كان هذا في بيتك " 22- كان أيوب السخيتاني رحمه الله يقوم الليل كله ، فيُخفي ذلك ، فإذا كان الصبح رفع صوته كأنما قام تلك الساعة . 23- صحب رجل محمد بن أسلم فقال : لا زمته أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي – حيث أراه – ركعتين من التطوع في مكان يراه الناس إلا يوم الجمعة ، وسمعته كذا وكذا مره يحلف ويقول : " لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفاً من الرياء " 24- وهذا داوود بن أبي هند ذُكر في ترجمته أنه صام أربعين سنة لا يعلم به أهله ، كان يخرج في مهنته ، ويأخذ معه غداءه ، فيتوهمون أنه مُفطِر ، فيتصدق به في الطريق ، فيرجع آخر النهار إلى أهله فيأكل معهم . 25- اجتمع الفضيل بن عياض وسفيان الثوري يوماً ، فجلسوا يتذاكرون شيئاً من الرقائق فَرق كل واحد منهم وبكى ، فقال سفيان الثوري رحمه الله : " أرجوا أن يكون هذا لمجلس علينا رحمة وبركة " فقال الفضيل بن العياض : " ولكني أخاف يا أبا عبد الله ألا يكون أضرُ علينا .. ألست تخلصتَ من أحسن حديثك وتخلصتُ أنا إلى أحسن حديثي .. فتزينتُ لك .. وتزينتَ لي .. فبكى سفيان الثوري رحمه الله وقال " أحييتني أحياك الله " 26- وهذا عون بن عبد الله يقول " إذا أعطيت المسكين شيئاً فقال : بارك الله فيك ، فقل أنت : بارك الله فيك . حتى تَخلُصَ لك صدقتك " 27- وكان محمد بن يوسف الأصبهاني لا يشتري خبزه من خبّاز واحد ، يقول لعلهم يعرفوني ولكن إذا جئته لأول وهلة لا يعرفُ أني فلان الذي يسمع عنه فتقع لي المحاباة ، فأكون ممن يعيش بدينه . 28 - يقول إبراهيم بن أدهم : " ما صدق الله عبدٌ أحبَّ الشهرة " 29- وقل بشر بن الحارث : " لا يجد حلاوة الآخرة رجل يُحبُ أن يَعرفهُ الناس " ----------------- يتبــــــــــــع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |