دروس في فن العض والقضم...

[tiger of zahran]

لم افكر يوما من الايام ان التقي بانسان مطلق الخير فيه , او انسان مطلق الشر فيه, فالخير شئ نسبي , والشر كذلك , ولا يكلف الله نفسا الا وسعها , ولكن ما افكر فيه دئما ان اجد عناصر يكثر فيها الخير , واخرى يقل فيها الشر , فنتعاون معا على تنمية الخير , ليهتز في النفس ويربو , كما ان الارض العطشى اذا نزل عليها ماء السماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج.

الا تظن ان الزراع يستمتعون بمشاهدة الزرع ينمو ؟ الا تظن انهم يتوقون ويفرحون باللحظة التي يقطفون فيها ثمار قطرات العرق والجهد والعناء؟ الا تظن ذلك؟ وكذلك من يسدي معروفا.. او يغرس خلقا.. او ينمي موهبة.. او يكتشف مهارة.. يكون اشد توقا من الزراع الى ان يرى نتاج يديه التي مدت الى الغير بعد توفيق الله واعانته , فاليد لم تكن لتفعل شيء لولا ان بارك فعلها اللة..

ومع ذلك فحق لكل زارع ان يفرح لموسم الحصاد , ولكن حتى لا نذهل او نصدم بصخرة الواقع الصماء , لا بد للعاقل من ان ينتبه الى ان مد اليد هو المطلوب , وقطف الثمر هو المرغوب , فاذا مدت اليد للغير , فقد ادى صاحبنا واجبه , واذا لم تقطف الثمار , فلا حزن ولا الم لصاحب العقل لان المطلوب حصل والمرغوب لم يصل.

ولكن ليس هذا ما يزعج السائر , وليس هذا ما بغشى من الحزن , على البصائر , ولكن اذا مدت اليد فقضمت , وعضت , وجمعت الاشواك لتخزها , وكان جزاء الاحسان ليس الاحسان , عندها حق لكل صاحب يد ان يعزي نفسه , ويحزن على زرعه , ولكن لا يتأسف على لحظة عطاء ان كانت صادقة , فأقل ما قد اكتسبه هو خبرة ومعرفة لاصحاب النفوس القاضمة العاضة , فما يزيده الا معرفة وخبرة في انواع الانياب الحادة ليفرقها عن اسنان الحليب الهشة الناعمة.