ما حكم خروج المرأة المعتدة من طلاق رجعي للسفر أو النزهة؟
تقول اللجنة الدائمة للفتوى في الشارقة:
الإجابة عن السؤال تحتاج إلى بيان نوجزه فيما يأتي:
أ- لا خلاف بين أهل العلم في أن العدة تجب على المرأة التي فارقها زوجها: سواء كانت الفرقة قد حصلت بطلاق أو وفاة، وسواء كان الطلاق بائناً أو رجعياً .
ب- تحدث الفقهاء عن بيت العدة، وهو البيت الذي تقضي فيه المعتدة عدتها . وإننا لا نعلم خلافاً في أن الرجعية إنما يجب عليها الاعتداد في بيت الزوجية .
أما المعتدة من طلاق بائن فقد ذهب الحنابلة وبعض الفقهاء إلى أنها تعتد حيث شاءت، بينما ذهب جمهور الفقهاء - ومنهم الأئمة الثلاثة - إلى أنها تعتد في بيت الزوجية . وكذلك المتوفى عنها زوجها تعتد في بيت الزوجية عند جماهير أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة .
والذي نرجحه للفتوى في كل ما سبق هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وذلك أنه يجب على المعتدة بجميع أنواعها السكن في بيت الزوجية الذي كانت تسكن فيه قبل فراق زوجها، ولا يجوز لها - من غير عذر - أن تتركه وتذهب للسكن في غيره، كما لا يجوز لزوجها إخراجها منه ليسكنها في موضع آخر، والدليل على ذلك ما يأتي:
- قال تعالى: “لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة” (سورة الطلاق: الآية 1)، فهذه الآية تكلمت عن حكم المطلقة رجعياً . وهي دلت على أن الرجعية إنما تعتد في بيت الزوجية .
- وقال تعالى: “أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن” (سورة الطلاق: الآية 6)، وهذه الآية تكلمت عن حكم المطلقات مطلقاً، من غير تفريق بين رجعية وبائن .
- وصح في حديث فريعة أخت أبي سعيد الخدري وقد استشهد زوجها، ولم يتركها في بيت يملكه ولم يترك لها نفقة، فسألت النبي عليه الصلاة والسلام، أن يأذن لها بالرجوع إلى أهلها، فقال لها: “امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله”، فقالت: فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشراً .
ج- الذي عليه جمهور الفقهاء: أن الأصل عدم جواز خروج المعتدة من بيتها لغير عذر أو حاجة، وذلك لقوله تعالى: “لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن”، أما إذا احتاجت إلى الخروج فإنه يجوز لها أن تخرج لقضاء حوائجها في وقت تكون فيه آمنة على نفسها، كما يجوز لها أن تخرج إلى جاراتها للأنس بهن والحديث معهن، وكذلك يجوز للموظفة الخروج إلى وظيفتها إن لم تستطع الحصول على إجازة من عملها، ولا يجوز لها أن تبيت خارج بيتها من غير ضرورة، ويدل على ذلك ما رواه مجاهد قال: “استشهد رجال يوم أحد عن نسائهم وكن متجاورات في الدار فجئن النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: إنا نستوحش يا رسول الله بالليل، فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها” (رواه عبدالرزاق) .
وقد نص أهل العلم على أن المعتدة لا يجوز لها السفر من غير ضرورة، ولو إلى حج فريضة، ولا يجوز للزوج أن يسافر بها، لقوله تعالى: “لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن” (سورة الطاق: الآية 1) .
د- مما سبق تتبين خلاصة الجواب عن السؤال المذكور وذلك: أن السفر من غير ضرورة لا يجوز للمعتدة، ولاسيما الرجعية، ولو كان سفراً إلى حج واجب .