اكتشاف قرية تحت الأرض في الجبيل

[ال يتيم العلي الدوسي]

واحة الأحساء حاضنة إرث حضارة بابل .....الجرهاء

احتضنت الأحساء في قلب واحتها الخضراء حضارة الجرهاء التي كانت من أعظم حضارات العالم القديم فكانت و مملكة سبأ أغنى مملكتين في العالم القديم , تبوأت مركز الصدارة بفضل موقعها المتميز في الإشراف على طرق التجارة البرية والبحرية بين أهم المراكز التجارية النشطة في جنوب الجزيرة العربية ووادي الرافدين , فكان البحر صديقهم ففهموا أسراره وسيطروا على عبابه ثم انتفعوا من ذلك كله على أحسن صورة فاكتشفوا أهم مغاصات اللؤلؤ القريبة من سواحل بلادهم واستخرجوا منها أجوده واستوعبوا أسرار الرياح الموسمية التي تكاد تشبه الساعة في دقتها وانتظامها فصنعوا السفن الشراعية وركبوها وعبروا بها الخلجان والبحار إلى أعالى الفرات وشواطئ البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط واقتحموا المحيطات حتى وصلوا إلى الهند والصين, ومارسوا نشاطها التجاري عبر التبادل التجاري والنقل البحري وعلى طرق التجارة البرية أيضاً .
فكانت سوقاً تجارياً عالمياً ضخماً يعج بمختلف السلع الصادرة والواردة من تمور وعطور وبخور ولبان ومر وعقاقير طبية وحديد ونحاس وأخشاب, وأما لنشاطها الزراعي فقد انتعشت الأرض لتغطية حاجة المجتمع المتنامى للمنتجات الزراعية كالتمور والحبوب والبقول وألوان الخضروات والفاكهة والقطن .و اهتمّت بصناعة السفن و المنسوجات القطنية والصوفية وصناعة الأسلحة والأواني المعدنية والفخارية ولوازم الفلاحة .
حيرت المؤرخين والجغرافيين الإغريق والرومان والعرب فبحثوا وكتبوا ووثقوا وأزالوا الغبار من على أنقاض ماضٍ يرجع تاريخه مابين 694_31 ق.م هذا فيما يخص تأسيس مملكتهم أما تواجدهم فهو أقدم من ذلك بكثير
فماضيهم الحافل المتميز بالحضارة و التي اسمعت من حولها من الممالك والدول القديمة بما ارتقت به من العلوم والمعارف والصناعة والفنون والتوسع في التجارة لدرجة لا مثيل لها في التاريخ القديم وكانت الإدارة مركزية والبلاد تحكم بقانون وشرع موحد. لا عجب في تميزها وتفردها فهي ارث إمبراطورية بابل القديمة ( خلفاء حمورابي) استطاع سكانها المرتحلون من بابل إلى هجر أن يصنعوا مملكة جديدة لهم أسموها ((الجرهاء))....
(مملكة الجرهاء ).
موقعها شرق جزيرة العرب أو ما يعرف بإقليم البحرين تاريخها موغل في القدم كانت هي وماحولها محضن لأول الأجناس البشرية فهي الأصل والوطن والمنشأ...
إرث عظيم وكنز مفقود يستدعي البحث عنه و تحديد موقعه ..
فقد جاء أول وصف للجرهاء في نص للمؤرخ والعالم الجغرافى الإغريقي استرابون والذي عاش مابين (63 قبل الميلاد إلى 24 للميلاد) قال فيه: )) يستطيع الإنسان أن يصل إلى الجرهاء بعد مسيرة 2400 إستيديا على طول ساحل الجزيرة العربية حيث تقع هذه المدينة على خليج عميق يسكنها الكلدانيون وكذلك المنفيون من بابل وبأرض هذه المدينة أملاح كما يعيش الناس فى منازل من الملح (الجص). الأمر الذي يعرض ألواح الملح إلى الذوبان نتيجة لاستمرار الحرارة المحرقة لأشعة الشمس وبالتالي سقوط هذه المنازل ويعمد الناس إلى رش المنازل بالماء لتظل الجدران متماسكة وتبعد هذه المدينة 200 إستيديا عن ساحل البحر)) ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه المسافة تعادل
نحو 40 كم وهي نفسها المسافة بين موقع مدينة هجر القديمة والساحل المذكور تقريباً
وبذلك قد غرس المؤرخ الجغرافي سترابو أول الركائز التوثيقية لموقع مملكتنا الجرهاء.
ويعقب صاحب كتاب (تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء) على نص استرابوا قائلاً: (..هذه المدينة التي أشار إليها استرابون هي مدينة هجر ويعني بحجارة الملح الجص الأبيض الناصع, وهو موجود في الأحساء بكثرة, وتبنى به البيوت حتى الآن).
ومما يؤكد أن أرض هجر هي عاصمة الجرهاء هو لما في هذه المنطقة من أسباب النمو والازدهار فقد كانت واحدة من أهم الواحات في الجزيرة العربية قديماً كما هو الحال الآن حيث حبتها العناية الآلهية بخصوبة التربة وغزارة المياة فاشتهرت بإنتاج أجود التمور وأكثرها كما اشتهر أهل هذه الواحة بالعمل في مختلف الحرف كصناعة العباءات المطرزة بخيوط الفضة والذهب والحرير كما اشتهروا بصناعة المعادن النفيسة وصناعة النحاس والأواني المعدنية واشتغل تجارها قروناً طويلة فى الاتجار بهذه المنتجات وغيرها من الاوانى الفخارية وامتدت تجارتهم إلى كل من فارس والهند والعراق والشام وكانت عمارتهم متطورة ومتميزة باستخدام الأقواس وفنون العمارة. وهناك إشارة أثرية تاريخية في المنطقة فقد أشار تقرير المسح الأثري الصادر سنة 1397 هـ _ 1977 م إلى وجود مواقع استيطانية أخرى منها 14 موقع تضم أثارا (هلينستية) ونعني بالهلينستينية التمازج الحضاري والعرقي, والتبادل الثقافي والمعرفي بين الشرق والغرب والهلنستينية اسم مركب من كلمتين : (هيلين) وهي جدة اليونانين السلوقيين والبطالمة و(إيست) وتعني : الشرق ويبدو أن المنطقة قد شهدت نشاطاً على جانب كبير من الأهمية, حيث كشف العديد من المواقع عن نسبة عالية من الكسر الهيلينستية على الخط الساحلي من خورلودان شمالاً حتى رأس القرية جنوباً. مما يدل على ان هذه المواقع كانت موانىء تجارية بحرية مهمة . وقد عثر في محافظة الأحساء بالتحديد على عدد كبير من التماثيل المصنوعة من الحجر مختلفة الأحجام يعود إلى نفس الحقبة . ولقد جاء في توثيق المجلة العلمية المحكمة أطلال_العدد السابع عام 1403هـ ذكر لبعض وثائق النقوش الأحسائية كتبت بالخط المسند الجرهائي .


ولعل الجغرافي والفلكي الإغريقي بطليموس والذي عاش من عام (90_ 170) م يحسم الإختلاف فلقد وضعت خارطته والتي تعرف بخارطة المنطقة السادسة في أسيا والتي تحتوي على اسم (جره) الحد الفاصل الذي أوقف حيرة واختلاف الباحثين .
وجاء أحد الجغرافيين المغاربة المشهورين وهو ابن سعيد المغربي والذي عاش مابين (1213_1286) م ليفسر لنا خارطة بطليموس وذلك بمطابقتها للإحداثيات الطولية والعرضية المعطاة لمدينة هجر .
وقد جاء نص ترجمته لهذه المدينة كما يلي:
"وتقع هجر – قاعدة بلاد البحرين في القديم – على ساحل هذا البحر في جون أعظم من جون المسقط حيث الطول ثمان وسبعون درجة وأربعون دقيقة والعرض اثنتان وعشرون درجة وثلاثون دقيقة "


ومشابهة أسمي (جره) وهو المسمى الذي أطلقه اليونان والرومان عليها و مسمى (هجر) ليس بغريب فقد تحدث المؤرخون والجغرافيون العرب والمسلمون بوفرة لابأس بها عن مدينة هجر وصفاً ولفظاً وتاريخاً وموضعاً والتي من الملاحظ أن كلا المدينتين قد اشتهرا بالتجارة والرحلات براً وبحراً من وإلى الهند وفارس والعراق والشام ومصر واليمن, وإن كنا نريد إثبات عراقة وقدم إرث إقليم البحرين فإلى أي تاريخ سوف يأخذنا دولاب الزمن؟؟ !! .
مما لاشك فيه أن أصول الجرهائيين ترجع إلى موطن واحد ومهد أصلي نشئوا فيه ثم تفرقوا عنه. وفي نص الجغرافي والمؤرخ الإغريقي الكبير سترابوا أحد عباقرة اليونان في القرن الأول قبل الميلاد والذي يعتبر نصه عن مدينة جرة أهم النصوص المحددة لها والمعرفة لسكان هذه المدينة في بداية الفترة الهلينستية
يقول النص حرفيا عن الجرهاء (جره) ((((it is inhabited by Chaldaeans , exiles from Babylon
والترجمة الحرفية لهذه الجملة كما يلي: " هي مأهوله من قبل كلدانيين منفيين من بابل "
حيث استدل استرابوا على ذلك من النص التخليدي الذي عثر عليه في بابل للملك الآشوري سنحاريب و الذي عاش مابين ( 688_ 681 ق.م) ق .م جاء فيه على لسان هذا الملك.
((لقد تحقق لي الانتصار على شوزبي الكلداني اثناء حملتي,...... وقد جلس ذلك الكلداني بين المستنقعات في مدينة (بيوتوتو) وكان للفزع الذي أثارته معركتي وقع شديد عليه , فتحطمت معنوياته مثل المجرم ثم فر هاربا وحيداً ولم يستدل على مكانه)).
مما يشير إلى أن الملك الأشوري سنحاريب شن حرباً على الكلدانيين وانتصر انتصاراً عظيماً على ملكهم (شوزبي) ملك الكلدانيين ,والنص لا يشير ان الكلدانيون المنفيون هم الكلدانييون الوحيدون الذين استوطنوا إقليم البحرين
حيث جائت نصوصٌ أقدم من نص الملك الأشوري سنحاريب أُطلق فيها على مسمى الخليج العربي مسمى بحر كلدان .
أن الشعوب الكلدانية على مايرى بعض الباحثين قوم من الساميين سبقت لهم الإقامة في إقليم البحرين وإن جزء من شعبهم نزح إلى أرض بابل وبعد صراعاتهم وحروبهم الدامية مع الدولة الأشورية رجعوا إلى محضن أمهم ومهد نشأتهم مقرهم ومستقرهم إقليم البحرين مؤسسين بذلك مملكة قوية أسموها الجرهاء أسطورة العالم القديم, ويذكرأحد الباحثين بقوله:أن ثمة نقطة جديرة بالاهتمام وهي أن الجرهاء لم تكن مجرد مدينة أو مملكة عظيمة فحسب, بل كانت أيضاً متمتعة بالحرية السياسية كإمارة تتحكم في منطقة كبيرة الحجم كان لها أهميتها في العصور الأولى في الجزيرة العربية.
فبعد تفرقهم كإمارات متفرقة يحكمها ملوك ومشايخ إستطاعت الجرهاء أن توحدهم تحت حكم واحد يحكمها ملك واحد ومن خلال ماتم اكتشافه من قطع النقود المعدنية في ثاج وفيلكا وجزر البحرين ومواقع أخرى والتي يعتقد أنها ضُربت في هجر أمكن التعرف على بعض من أسماء ملوك الجرهاء وهم كما يرجح ((روبين)) أبياطع,أبيئيل,حاريطات, ويرجح أيضا تعاقبهم في تولي الحكم مستنداً في ذلك إلى دراسة الكتابة والنقوش القديمة وأساليبها وهو على النحو التالي:
أبياطع 220_200 ق.م, حاريطات 180_160 ق.م , أبيئيل 150_140 ق.م
و يرجع المؤرخون تاريخ الجرهائيين وذلك بحسب النصوص والنقوش التي وصلت إليهم إلى الكلدانييين أبناء البابليين والذين هم في الأصل شعوب كنعانية سامية هاجروا من سواحل الخليج العربي إلى العراق وارتحلوا بعد ذلك إلى الشام وأسسوا مدنهم الكنعانية ومن الشام رجعوا على شكل هجرات الى العراق ليؤسسوا امبراطورية بابل العظيمة بعد ان دب الضعف والتفكك بين الدولة الأكادية والدولة السومرية .
وبعد توالي الدول البابلية ظهرت دولة بابلية حديثة وهي الدولة الحادية عشر أسموها الكلدانية أمتد استيطانهم من أرض بابل حتى ساحل الخليج العربي , فمن استوطن أرض بابل كانت الحروب والصراعات هي مصيره الحتمي اما من أستوطن سواحل الخليج العربي فكان في وضع مستقر هانىء. و الطبيعي في الأمر أن ينزح كلدانيون بابل عند أبناء عمومتهم .
إن تاريخ المنطقة تاريخ عريق تعاقبت على إرثه شعوباً كثيرة كان من بينها فرعٌ من الشعوب السامية الكنعانية فالبابلية فالكلدانية ومن ثم الجرهائية.


المراجع:
1_ طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة, الطبعة الأولى,شركة الوراق للنشر المحدودة 2009م ,بيروت الحمرا,
2_د/ جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام,جامعة بغدادج2
3_ عبدالخالق بن عبد الجليل الجنبي: جره مدينة التجارة العالمية القديمه, الطبعة الاولى 2009م , دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع بيروت-لبنان
4_ عبدالرحمن عثمان الملا: تاريخ هجر دراسة شاملة في أحوال الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية, الطبعة الاولى 1990م , مطابع الجواد بالاحساء – مكتبة التعاون الثقافية
5_لفتنانت كولونيل سير أرنولدت ويلسون:,ترجمة محمد أمين عبدالله, تاريخ الخليج, الطبعة الأولى 2001م , الطبعة الثانية 2003 م , الناشر دار الحكمة _لندن

منقول من هذا الموقع :-
http://sooqhajer.com/Site/show34.html


وهنا نقل قناة السعوديه الاولى الاكتشاف

[انا السليمي]

تعريف رائع لهذي القريه ومعلومات جميله عنها .
كل الشكر لك اخي على النقل الرائع

[ال يتيم العلي الدوسي]

العفو و شكرا لمرورك على موضوعي وهذا شرف لي ووسام على صدري

[الدوسـي]

[ال يتيم العلي الدوسي]

العفو و شكرا لمرورك على موضوعي وهذا شرف لي ووسام على صدري

[ابو احمد العدواني]

اشكرك على هذه المعلومات القيمة

[ال يتيم العلي الدوسي]

العفو و شكرا لمرورك على موضوعي وهذا شرف لي ووسام على صدري

[إبن راشـــد]

بارك الله فيك

[ال يتيم العلي الدوسي]

وفيك و شكرا لمرورك على موضوعي وهذا شرف لي ووسام على صدري