منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > الاخبار المحلية والعالمية والمنقولات

السلطان لـسبق: للقضاء على الفقر والفساد لابد من تغيير قيادات الأجهزة الحكومية


الاخبار المحلية والعالمية والمنقولات

موضوع مغلقإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2013, 02:53 PM
الصورة الرمزية محمد الساهر
محمد الساهر محمد الساهر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 






محمد الساهر is on a distinguished road
7 السلطان لـسبق: للقضاء على الفقر والفساد لابد من تغيير قيادات الأجهزة الحكومية


قال إن الفوائض المالية لا تنعكس على معيشة ورفاهية المواطن

السلطان لـ"سبق": للقضاء على الفقر والفساد لابد من تغيير قيادات الأجهزة الحكومية

- مبادرات وزير العمل فاشلة وحولت آلاف السعوديين لعاطلين
- لا بد من إلزام كبار العقاريين ومحتكري الأراضي ببيعها لحل أزمة السكن
- ضعف الرقابة وفساد المشرفين تسبب في تعثر المشاريع الحكومية
- غياب التخطيط الاقتصادي الإستراتيجي زاد البطالة والتضخم
- صندوق الموارد البشرية أصبح معيقاً للسعودة ويشجع "الوهمية"
- مشاكلنا التنموية أكبر وأخطر من أن تترك لجهاز تنفيذي واحد
- لم نعد نخاف من تراجع أسعار النفط وإنما من نضوبه
- خلال 3 سنوات فقط استقدم القطاع الخاص 4 ملايين عامل
- معظم خريجي الثانوية العامة في المملكة ليسوا مؤهلين للالتحاق بالجامعات

حوار/ شقران الرشيدي- تصوير/ فايز الزيادي- سبق- الرياض: يقول الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد الدكتور عبدالرحمن بن محمد السلطان إن السعودية، على الرغم من الوضع المالي الرائع الذي تتمتع به حالياً فإنها تجد صعوبة في حل العديد من المشكلات الاقتصادية، كالبطالة، والفقر، والإسكان، والتضخم، وغيرها، بسبب ضعف التخطيط الإستراتيجي، ويؤكد في حديثه لـ"سبق" أن الحل للتخلص من سطوة كبار تجار الأراضي، والعقاريين هو إجبار محتكري الأراضي على بيعها، مشيرا إلى أن الفوائض المالية للسعودية لا تنعكس على معيشة ورفاهية المواطن، بل ما يهم هو كفاءة ما تنفقه الدولة محلياً وتجنب المبالغة في زيادة الإنفاق الحكومي، موضحاً أن الدولة تحاول تعويض عقدي التنمية "الثمانينيات والتسعينيات الميلادية" الضائعين بسرعة مبالغ فيها، ما تسبب في ارتفاع تكلفة المشاريع بشكل هائل.

ويتناول الحوار مع الدكتور عبدالرحمن السلطان العديد من المحاور عن تداعيات البطالة، والفقر، وإخفاق مبادرات وزارة العمل، وأسباب استمرار ربط الريال بالدولار، وضعف التعليم، وأهمية التنوع في الاقتصاد السعودي، وفشل صندوق الموارد البشرية، وتأثير الأوضاع العربية المضطربة على اقتصادنا.. تجدونها في تفاصيل الحوار التالي..

** منذ عقود والحديث لا يتوقف عن أهمية تنوع الإنتاج في الاقتصاد السعودي، وعدم الاعتماد الكلي على "سلعة" واحدة فقط هي النفط.. فإلى أي مدى يمكن تحقيق ذلك؟ وفي أي المجالات؟

لا يمكن حدوث تنوع اقتصادي حقيقي فاعل ما لم يتحقق نمو كبير في القطاع الصناعي، وهو أمر متعذر في دولة تعتمد على صادراتها من الموارد الطبيعية، ولم تنجح في عزل اقتصادها عن التأثيرات السلبية لتدفقات النقد الأجنبي على اقتصادها المحلي، من خلال حماية اقتصادها من أعراض ما يعرف بالمرض الهولندي Dutch Disease، الذي من بين أهم آثاره على الاقتصاد تراجع أداء القطاع الصناعي وضموره بدلاً من نموه وزيادة مساهمته في الناتج المحلي، ومادمنا لم نبذل جهوداً لحماية اقتصادنا من التأثيرات السلبية لتدفق النقد الأجنبي على اقتصادنا، من خلال السيطرة على معدلات نمو الإنفاق الحكومي والحد من ارتفاع معدلات التضخم، فإن جهود تنويع مصادر الدخل تصطدم بحقائق اقتصادية لا يمكن تجاهلها، أو الالتفاف حولها من خلال الدعم الحكومي، فهذا الدعم للقطاع الصناعي قد يبقيه حياً، لكنه يصبح بسببه قطاعاً عديم الكفاءة مرتفع التكاليف يموت في اللحظة التي يتوقف فيها هذا الدعم، وقطاع هذا وضعه لا يمكن أن يكون تنويعاً للقاعدة الاقتصادية ولا مسهماً في تخفيف اعتمادنا على النفط.


** هل ترى أن الجهات المعنية بالتخطيط في المجتمع السعودي قادرة على تأدية دورها الحقيقي في وضع الإستراتيجيات التنموية المناسبة، وتنفيذها بالشكل السليم؟

على الرغم من الوضع المالي الرائع الذي نتمتع به حالياً فإننا نجد صعوبة في حل العديد من المشكلات الاقتصادية كارتفاع معدلات البطالة، تزايد الفقر، مشكلة الإسكان، ارتفاع معدلات التضخم، وغيرها، رغم أنها مشكلات يفترض أننا نملك الموارد التي تجعلنا قادرين على حلها. هذا الوضع الغريب سببه أننا نخطئ، فنظن أننا نواجه مشكلات اقتصادية متعددة، من ثم فنحن نحاول حل كل واحدة منها على حدة، فتُكلف وزارة العمل بحل مشكلة البطالة، وتصبح وزارة الشؤون الاجتماعية هي الجهة المسؤولة عن حل مشكلة تزايد الفقر، في حين تتولى وزارة الإسكان وحدها حل مشكلة الإسكان، ويمكن أن نضع قائمة طويلة بمهام منفصلة تتولاها أجهزة حكومية مختلفة، بينما الواقع أن كل هذه المشكلات لا تعدو كونها مشكلة واحدة فقط، كان من بين إفرازاتها ارتفاع البطالة، ونقص المساكن، وزيادة الفقر، وارتفاع التضخم، وهذه المشكلة هي غياب التخطيط الاقتصادي الإستراتيجي الذي يضمن توجيهاً سليماً للموارد يرفع كفاءة استخدامها ويجعلنا أقدر على حل مشكلاتنا الاقتصادية.



** يتساءل الكثير من المواطنين: متى نتخلص من سطوة كبار تجار الأراضي والعقاريين لكي تنخفض الأسعار، ويستطيع المواطن العادي شراء منزل وعقار مناسب؟

أزمة الإسكان التي نعاني منها تعود إلى عاملين رئيسيين، الأول: النمو الكبير في الإنفاق الحكومي الذي كما أشرنا سابقاً يجعل الاقتصاد يعاني من أعراض المرض الهولندي، والتي من بينها ارتفاع أسعار العقارات وغيرها من الأصول، والعامل الثاني: هو أن ما يزيد على 70% من النطاق العمراني لمدننا أراضٍ بيضاء محتكرة ومحجوبة عن السوق، وأي حل لا يدفع سريعاً بهذه الكميات الهائلة إلى السوق فهو غير واقعي، لذا يلزم أن يجبر محتكرو الأراضي على بيعها، من خلال رفع تكلفة احتكارها وحجبها عنهم، بفرض رسوم مكلفة على الأراضي غير المستغلة ضمن النطاق العمراني للمدن، وهذا كفيل بتحقيق تراجع هائل في أسعار الأراضي، بحيث يصبح معظم أفراد المجتمع قادرين على حل مشكلتهم السكنية بأنفسهم، وليسوا في حاجة إلى مساعدة الدولة، عندها فقط ستكون مسؤولية الدولة المباشرة في حل مشكلتنا الإسكانية أكثر واقعية وفي نطاق المقدور عليه.

** حسناً.. هل برنامج "أرض وقرض" الذي قدمته وزارة الإسكان سيسهم في حل أزمة السكن الحالية في السعودية؟

هناك عقبتان رئيستان ستقفان عائقاً أمام تنفيذ هذا الالتزام، أولاهما: أنه حل بعيد المدى لمشكلة آنية مستعجلة، حيث يتطلب الأمر توفر أراضٍ حكومية في مواقع مناسبة وبأحجام كافية، وهذا غير ممكن في ظل الملكيات الخاصة، ثم إنه حتى لو افترضنا حصول وزارة الإسكان على أراضٍ مناسبة فإن الأمر سيتطلب أولاً تطويرها وإيصال الخدمات إليها، ثم إتمام عملية البناء، وكلها مهام ستوكل لوزارة لم تستطع تنفيذ مهام أقل من هذا بكثير، فمشروعاتها الإسكانية رغم توفير الدولة لها 250 مليار ريال قبل أكثر من عامين لا تزال متعثرة، وهناك رداءة في التنفيذ تجعل ما نفذ منها غير مناسب، الثانية والأخطر: أنه حل مكلف جداً، كونه يضع كامل مسؤولية حل مشكلة الإسكان على عاتق الدولة وحدها، حيث سيكون من الضروري قيام الدولة ببناء ملايين الوحدات السكنية لكي تحل المشكلة فعلاً، وهذه مهمة مستحيلة ومكلفة جداً، بحيث إن ما سينفذ فعلاً سيكون أقل من أن يحدث حتى انفراجاً محدوداً في أزمة السكن المتفاقمة، وبالتالي فأي حل حقيقي يتطلب أن تكون هناك مشاركة أكبر من المواطنين في حل هذه المشكلة، لذا فإن الحل الحقيقي يجب أن يحمل في ثناياه تخفيفاً وحداً لما يلزم على الدولة القيام به ضمن حل شامل لمشكلة الإسكان في المملكة، وذلك بجعل شريحة واسعة من أفراد المجتمع قادرة على تولي مسؤولية تأمين سكن لها بنفسها دون دعم الدولة، أو بدعم لا يتجاوز قرض صندوق التنمية العقارية، فيما تتحمل الدولة مسؤولية تأمين سكن للشريحة المتبقية في المجتمع.

** رغم الانتقادات المتعددة.. لا تزال السعودية تربط عملتها بالدولار دون العملات الأخرى، ما هي سلبيات وإيجابيات ذلك؟

عملات الدول المعتمدة على صادراتها النفطية كالمملكة عملات غير قابلة للتعويم، ويلزم استمرار ربطها بعملة أو سلة عملات عالمية رئيسة، لحمايتها من التذبذب العنيف في سعر صرفها تبعاً للتغيرات التي تحدث في تدفقات النقد الأجنبي نتيجة تقلبات أسعار النفط الخام العالمية، ففي حال تعويم مثل هذه العملات دون إيجاد آلية تضمن توازن تدفقات النقد الأجنبي، كأن ينشأ صندوق يتولى استثمار فوائض إيرادات النفط خارجياً، فإن العملة المحلية سترتفع عند حدوث تزايد كبير في أسعار النفط الخام وتتراجع بقوة عند حدوث انخفاض حاد في الأسعار، ما يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي ويضعف من جاذبية بيئتها الاستثمارية. لذا فإن تعويم الريال سيجعل سعر صرفه عرضة لتقلبات عنيفة، تؤثر بحدة على استقرار النشاط الاقتصادي، ما يجعل من الضروري استمرار ربطه بعملة أو سلة عملات دون وجود أي إمكانية لتعويمه، والأوضاع الاقتصادية غير الجيدة في بريطانيا واليابان وفي منطقة اليورو تعني أن معظم العملات الرئيسة في العالم تعاني الآن من عوامل ضعف هيكلية، ما يعني أنه من غير المجدي للدول التي تربط عملاتها بالدولار أن تربطها بسلة عملات، ويصبح الحل الأنسب الإبقاء على ربط عملاتها بالدولار مع إمكانية إعادة تقييم عملاتها أمام الدولار إن رأت ضرورة لذلك.



** فوائض الميزانية الضخمة في السنوات الأخيرة هل انعكست على تحسين مستويات المعيشة ورفاهية المواطن السعودي؟

الفوائض المالية بطبيعة الحال لا تنعكس على معيشة ورفاهية المواطن، وما ينعكس على رفاهية المواطن هو كفاءة ما تنفقه الدولة محلياً، لكن من المهم تجنب المبالغة في زيادة الإنفاق الحكومي، كون نتائجه العكسية قد تفوق إيجابياته على المدى الطويل، وهناك حاجة لتحقيق استقرار في معدلات هذا الإنفاق وجعلها غير مرتبطة بظروف السوق النفطية، فللسياسة المالية دور رئيس في نقل تذبذبات إيرادات الموارد إلى بقية الاقتصاد، لذا لا يمكن عزل الاقتصاد عن هذه التذبذبات إلا من خلال فصل الارتباط بين السياسة المالية وإيرادات قطاع الموارد، حتى تصبح معدلات الإنفاق الحكومي غير مرتبطة بشكل مباشر بالتقلبات التي تتعرض لها إيرادات البلاد من مواردها الطبيعية، ما يحقق معه استقراراً أكبر في مستويات الإنفاق الحكومي، ويحد بالتالي من التذبذبات التي تحدث عادة في النشاط الاقتصادي نتيجة تقلبات مستويات الإنفاق العام تبعاً لتغيرات التدفق النقدي الناتج عن تقلبات أسعار وإنتاج المورد الطبيعي.

** أما يزال الاقتصاد السعودي قادراً على توسيع البنية التحية كالمستشفيات والمدارس، والإسكان، والماء والصرف الصحي، والكهرباء وغيرها؟

نحن نحاول تعويض عقدي التنمية الضائعين، وهما عقدا الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بسرعة مبالغ فيها، ما تسبب في ارتفاع تكلفة المشاريع بشكل هائل على الدولة، ونحن بحاجة إلى التهدئة وتنفيذ المشاريع على مدى أطول لتفادي هذه الإشكالية، فتذبذبات الإنفاق الحكومي هي من أخطر وأهم أسباب تردي الأوضاع الاقتصادية في الدول النفطية.

** لكن رغم كل ما نتمتع به من ظروف اقتصادية إيجابية ما نزال نعاني من مشكلات سوء توزيع الدخل، وارتفاع البطالة، وتزايد الفقر، والتضخم، والإسكان، فكيف يمكن وضع حلول لهذه الإشكاليات المزمنة؟

في ظل غياب التخطيط السليم والشامل فإن كل جهة حكومية ستتخذ ما تراه مناسباً لحل جزئية فقط من هذه المشكلة في نطاق ما تملكه من صلاحيات، وفي ظل هذا الواقع، فإن تلك الجهات ستتخذ قرارات غير صائبة، كما يصبح من المؤكد أن جهودها لن تتسق، بل حتى ستتضارب، بحيث نرى جهوداً تبذل دون أن نرى أي نتائج مرضية، فالمشكلة الحقيقية أكبر وأخطر من أن تترك لجهاز تنفيذي واحد.

** العديد من المشاريع الحكومية تتعثر باستمرار، فكيف يمكن معالجة ذلك بشكل يضمن تحقيق الأهداف الاقتصادية، والاجتماعية للخطط التنموية؟

ضخامة حجم وعدد المشاريع الحكومية لم يتسبب فقط في ارتفاع هائل في التكلفة على الدولة، وإنما في فوز مقاولين مشاريع ليس لديهم الرغبة في تنفيذها بأنفسهم، ويقومون بترسيتها من الباطن على مقاولين بأسعار أقل، وقد يرسو المشروع عدة مرات من الباطن، بحيث تكون قيمة العقد للمنفذ الفعلي متدنية جداً ما يجعله يتعثر أو ينفذ بمستوى غير مقبول، لكن ضعف الرقابة أو فساد المشرفين على التنفيذ يجعلهم يسلمون بكل ما به من عيوب تنفيذية، لذا فإنه يجب إلزام من ترسو عليهم المشاريع بتنفيذها بأنفسهم ووضع عقوبات قاسية رادعة على من يخالف ويرسي أي جزء من أعمال المشروع على مقاولين من الباطن متى ما تجاوزت هذه الأعمال نسبة معينة من إجمالي أعمال المشروع.

** كيف يمكن الاستفادة من تجارب الدول الآسيوية الناجحة في مجال التخطيط الاقتصادي كالتجربة السنغافورية، والماليزية، والكورية... إلخ؟

التجارب الدولية الناجحة في التخطيط الاقتصادي تشير إلى أن إناطة مسؤولية التخطيط الاقتصادي في الدولة بجهة مستقلة عن الجهاز التنفيذي، يعهد إليها بمهمة صياغة الإستراتيجيات الاقتصادية الشاملة ووضع الخطط التفصيلية التي تحدد بوضوح ودقة دور ومهام مختلف الأجهزة التنفيذية، لا يحقق فقط تناغم وتضافر جهود تلك الأجهزة، بل يضمن أن تكون الخطط الاقتصادية مبنية على رؤية شاملة للتحديات الاقتصادية، وأنها تأخذ في الاعتبار كل الخيارات المتاحة.. التجربة السنغافورية في اتباع هذا الأسلوب في التخطيط الاقتصادي تعتبر الأبرز على مستوى العالم، حيث استطاعت من خلاله تلك الجزيرة الصغيرة أن تنقل اقتصادها من اقتصاد متدني الأداء إلى أن يصبح واحداً من أكثر الاقتصاديات العالمية تطوراً وكفاءة، وكان من أهم ما قامت به هو إنشاء مجلس التنمية الاقتصادية في عام 1961م ليصبح الجهاز الحكومي المنوط به وضع ومتابعة تطبيق إستراتيجيات تطوير الاقتصاد السنغافوري، وأعطي صلاحيات واسعة لاتخاذ كل ما يلزم لتشجيع التصنيع وإنشاء المجمعات الصناعية وإدارتها، حقق هذا الأسلوب في التخطيط الاقتصادي لسنغافورة، وهو البلد الذي لا يمتلك أي موارد طبيعية، وكان يعاني من مشكلات اقتصادية مستعصية، أن ينمو اقتصاده بسرعة هائلة، أما نحن في المملكة فنعاني من تعدد الجهات المسؤولة بشكل أو بآخر عن التخطيط الاقتصادي، وكان المأمول أن يسهم إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى في حل هذه الإشكالية، إلا أن محدودية إمكانيات المجلس وكونه مجرد لجنة تحضيرية لمجلس الوزراء لا يتمتع بأي استقلالية، ويعتمد تشكيله بصورة شبه كاملة على مسؤولي الأجهزة التنفيذية المعنية بالشأن الاقتصادي، أضعف كثيراً من البعد التخطيطي للمجلس وجعله غير قادر على القيام بالدور نفسه الذي تقوم به مجالس التنمية الاقتصادية في الدول الأخرى التي حققت نجاحاً متميزاً في مجال التخطيط الاقتصادي.


** ذكرت في مقال لك سابق أن هناك "خطأ وعدم منطقية بالتوسع والمبالغة في القبول بالجامعات السعودية خلال السنوات القليلة الماضية".. هلا أوضحت وجهة نظرك؟

التوسع الكبير في القبول في الجامعات خلال السنوات القليلة الماضية الذي جعل كل خريجي الثانوية العامة تقريباً يجدون لهم مكاناً في الجامعات أدى إلى تردٍ كبير في مستوى مدخلاتها، زاد من حدته طبعاً كون مخرجات التعليم العام في المملكة تعاني من تردٍ شديد وضعف غير مقبول في مستوى تحصيلها العلمي، ما جعل معظم خريجي الثانوية العامة في المملكة ليسوا مؤهلين أصلاً للالتحاق بالجامعات، ولعل هذا الخلل يصبح أكثر وضوحاً عندما نعلم أنه حتى في الدول التي يتصف نظامها التعليمي بأنه في وضع أفضل بكثير من وضع نظامنا التعليمي نجد أن نسبة بسيطة من خريجي الثانوية العامة تعتبر مؤهلة للالتحاق بالجامعات، على سبيل المثال تقدر نسبة المؤهلين فعلاً للدخول في الكليات ذات الأربع السنوات four-year colleges في الولايات المتحدة 32% فقط من خريجي الثانوية، وإن كانت هذه هي النسبة في الولايات المتحدة فما علينا إلا أن نتوقع كم ستكون في المملكة في ظل الوضع البائس لتعليمنا العام حالياً، أيضاً فإن نسبة المقبولين كل عام في كل مؤسسات التعليم فوق الثانوي في الولايات المتحدة لا تتجاوز 67% فقط من خريجي الثانوية، وهذه النسبة تبلغ في أستراليا 70%، وتنحدر في اليابان إلى 45% فقط.


** في رأيك.. لماذا يتزايد لدينا تضخم الإنفاق الحكومي، وانخفاض في معدلات الإنتاجية في القطاع العام تحديداً؟

أحد أهم الأسباب التي أسهمت في نجاح بعض دول الموارد كالنرويج وتشيلي في تفادي ما يعرف بنقمة الموارد هو نجاحها في الحد من تذبذب النشاط الاقتصادي بعزلها للنشاط الاقتصادي المحلي عن تقلبات أسعار الموارد الأولية بوضع قيود على معدلات الإنفاق الحكومي بما يضمن استقرار هذا الإنفاق بحيث لا يصبح معتمداً بشكل مباشر على إيراداتها من قطاع الموارد شديدة التذبذب، من ثم لا يرتفع هذا الإنفاق بشكل مبالغ فيه عند زيادة إيراداتها وينخفض بحدة عند تراجع تلك الإيرادات، والذي يتسبب في إدخال اقتصاداتها في موجات متعاقبة من الطفرة والانحسار تزيد معه هشاشة النشاط الاقتصادي وتتراجع معدلات النمو وتضعف القدرة على حل المشكلات الاقتصادية.

** هل ضعف مستوى التعليم بشكل عام انعكس إلى مشاكل اقتصادية كبيرة من الصعب حلها مستقبلاً؟

تردي مستوى مخرجات نظامنا التعليمي ناتج عن أخطاء جسيمة ارتكبت في تشخيص طبيعة المعضلات التي يعاني منها ما أوصلنا إلى ما اعتقدنا خطأ أنها حلول، بينما هي في الواقع تعقيدات إضافية تسببت في تدهور مستوى التعليم لا في تحسنه، فاتباع أسلوب التقويم المستمر مثلاً كان يتطلب هيئة تدريسية تملك الدافعية المناسبة، وهيكلاً إدارياً وتعليمياً يمتلك برامج رقابة عالية الكفاءة تضمان فاعلية التنفيذ، كما يتطلب عدداً محدوداً من الطلاب في الفصل الدراسي ما يضمن حداً أدنى من العناية الفردية لكل طالب وطالبة في الفصل، وكلها متطلبات غير متوفرة، ومن المذهل ألا يدرك من وضع وأقر تطبيق هذا الأسلوب هذه الحقيقة الواضحة للعيان، فتكون النتيجة أن يزاد التعليم تدهوراً في الوقت الذي نظن فيه أننا نقوم بجهود لتطويره، ومن ثم فقد ترتب على سوء تشخيص مشكلات نظامنا التعليمي عدم مناسبة الحلول التي وضعت للتعامل مع تلك المشكلات، ما زادها تفاقماً بدلاً من أن تحل، وما لم نتعامل مع هذه المشكلات بشجاعة وحزم فسنظل ندور في حلقة مفرغة يتراجع معها تأهيل مواردنا البشرية ونفشل في التأهل للمنافسة على المستوى العالمي.


** في مقال لك بعنوان: "عادل فقيه فكر خارج الصندوق"، تطرقت لعدد من الإشكاليات المتعلقة بالبطالة، وتوفير فرص العمل، ودور وزارة العمل في ذلك.. ألا ترى أنك "قسوت" على الوزير في طرح بعض الأفكار التي لا تدخل في اختصاصه؟

كتبت هذا المقال عند تعيين المهندس عادل فقيه وزيراً للعمل، ويؤسفني أن أقول إن مبادرات وزارة العمل التي تبنيت في عهده لم تكن موفقة في التعامل مع مشكلة فشل برنامج السعودة، خاصة أهم مبادرات الوزارة، وهو برنامج نطاقات، فمكافأة وحدات القطاع الخاص بمزيد من التأشيرات لقاء توظيف السعوديين بموجب برنامج نطاقات دفع مؤسسات القطاع الخاص إلى اللجوء إلى السعودة الوهمية المتمثلة بتسجيل ما يكفي من السعوديين في نظام التأمينات الاجتماعية للوصول إلى النطاق الأخضر، وهم في معظم الأحيان لا يعملون فعلاً لدى صاحب العمل، وهو ليس في حاجة حقيقية لخدماتهم، ويكتفي فقط بتحمل تكلفة تسجيلهم في نظام التأمينات ودفع مبلغ شهري لهم، ما تسبب في تحول عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من السعوديين إلى عناصر متوقفة عن الإنتاج تكتفي بمبلغ زهيد يدفع لهم شهرياً ويقطع كل فرصة أمامهم للحصول على عمل حقيقي يزيد من مهاراتهم ويفتح لهم آفاقاً أوسع مستقبلاً، وزاد من اعتماد وحدات القطاع الخاص على العمالة الأجنبية ونما الاستقدام بشكل هائل في وقت نتشدق فيه بأن "نطاقات" أسهم في توظيف مئات الآلاف من السعوديين.


** وهل صرف مخصصات للعاطلين "حافز" أسهم في حل إشكالية البطالة وساعد في دخول الشباب السعودي لسوق العمل أم العكس؟

المشكلة ليست في أننا نمر بدورة اقتصادية سلبية تسببت في ارتفاع معدلات البطالة ما يبرر وجود برنامج مثل حافز لتعويض العاطلين مؤقتاً عن العمل، فنحن نمر بطفرة اقتصادية غير مسبوقة يُخلق بسببها ملايين من فرص العمل، يدل عليها النمو الكبير في تأشيرات العمل الصادرة للقطاع الخاص، حيث إن هذا القطاع استقدم خلال ثلاث سنوات فقط ما يزيد على أربعة ملايين عامل، إنما المشكلة في أن معظم ما يخلق من فرص عمل متدنية المهارة والأجر بحيث إنها تناسب في الغالب العمالة الأجنبية فقط، وليس هناك أي سبب يجعلنا نفترض تغيراً في هذا الوضع مستقبلاً، ما يعني أن الصفة المؤقتة لاستحقاق إعانة العاطلين لا تنطبق على حالة المملكة، فهي بطالة يمكن أن نطلق عليها بطالة تدني الأجور، وهذه الأجور ستظل متدنية مهما تحسن الوضع الاقتصادي، في ظل العرض غير محدود وغير المقيد من العمالة الأجنبية متدنية الأجر، ومن ثم لا أمل في حدوث تحسن قريب وكبير في فرص العمل بالنسبة لقطاع واسع من العاطلين عن العمل حالياً، بالتالي فإن معظم المستحقين لتعويضات حافز كانوا عاطلين عن العمل بنهاية الحد الأقصى لمدة الاستحقاق البالغة عاماً واحداً، أي أن تعويضات البطالة قطعت عن ملايين المستحقين بإكمالهم عاماً كاملاً من الاستحقاق، وليس بسبب نجاحهم في الحصول على عمل، وهذه أكبر مشكلة تواجه "حافز"، والتي يبدو أنها لم تؤخذ بالحسبان عند إقراره، بالتالي فهو برنامج مكلف غير ذي جدوى ولا يتناسب مع طبيعة المشكلة التي تواجهنا.

** يقال إن الظروف الاقتصادية قد تتغير مستقبلاً بسبب تراجع أسعار النفط أو تراجع حجم الصادرات النفطية، ما هي الكيفية التي تمكننا من التعامل مع مثل هذه الأزمات القادمة في حال حدوثها؟

لا أتفق مع هذا الطرح، ومشكلتنا لن تكون في تراجع أسعار النفط، وإنما في نضوبه، فالمملكة تنتج من النفط حالياً ما يفوق حاجتها المالية، وهي مضطرة لذلك تفادياً لحدوث ارتفاع هائل في الأسعار يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي، فمع تراجع إنتاج النفط في مواقع عديدة في العام تزايد الضغط على دول الخليج لرفع إنتاجها، فامتلاكها لمعظم الاحتياطيات المتبقية جعلها مسؤولة أمام العالم عن تأمين معظم احتياجاته النفطية من خلال رفع كبير في معدلات إنتاجها، أما في حال نجاح جهود تطوير بدائل الطاقة فقد نتمكن من الحد من الطلب على نفطنا، وبالتالي إطالة عمر احتياطياتنا النفطية، لذا فإن من أبرز وأهم ما يجب أن نعنى به هو دعم جهود تطوير بدائل النفط بكل أشكالها، خاصة تلك التي تقوم على استغلال موارد متوافرة في بلادنا كالطاقة الشمسية، فمصلحتنا تقتضي سرعة نجاحها، لا أن يكون النجاح حليفها عند اقتراب نضوب احتياطياتنا النفطية، وعلينا تجاوز كل خوف موروث لدينا من بدائل النفط، فالسوق النفطية قد تغيرت وعصر النفط الرخيص قد ولى إلى الأبد، ومهما ارتفعت أسعار النفط الخام فسيظل الطلب عليه في نمو.



** يتردد أن البرامج التدريبية التي يمولها صندوق الموارد البشرية أثبتت عجزها في زيادة فرص العمل المتاحة للسعوديين في القطاع الخاص؟

فشل برامج صندوق الموارد البشرية التدريبية ناتج عن كونها مبنية على تصور غير سليم لحقيقة المشكلة التي تواجهها العمالة المواطنة في سوق العمل، ففكرتها تقوم على افتراض أن أهم معضلة تواجهها العمالة المواطنة هي أن تأهيل هذه العمالة لا يتوافق مع احتياجات سوق العمل، وإلى افتقار العمالة المواطنة إلى الخبرة المطلوبة، بالتالي فإن قيام صندوق يدعم تنفيذ برامج لإعادة تأهيل وتدريب العمالة المواطنة يمكن أن يسهم في جعل تأهيل تلك العمالة أكثر مناسبة لاحتياجات سوق العمل، إلا أن الواقع يشير إلى أن رغبة القطاع الخاص في توظيف العمالة الأجنبية يعود بشكل رئيس لانخفاض تكاليف توظيفها مقارنة بالعمالة المواطنة، وليس فقط لأنها أكثر تأهيلاً أو امتلاكاً للخبرة، يدل على ذلك أن معظم العمالة الأجنبية تأتي من بلدانها وهي مفتقرة حتى إلى الحد الأدنى من التأهيل والتدريب، حيث إن ما يزيد على 78% من العمالة الأجنبية أمية أو بالكاد تجيد القراءة والكتابة، ومع ذلك نجد القطاع الخاص لا يتردد في توظيفها وتحمل مسؤولية تدريبها ورفع مهارتها بسبب تدني تكلفة توظيفها عليه، هذه الحقيقة تسببت في أن يصبح الصندوق في الواقع معيقاً للسعودة بدلاً من دعمه لها، من خلال تشجيعه للسعودة الوهمية وخلقه لقطاع تدريب هدفه في الغالب استغلال الموارد الضخمة للصندوق من خلال برامج تدريب محتواها ليس بأفضل من برامج التعليم العام التي يفترض أنها تتولى مسؤولية معالجة جوانب القصور في تأهيل مخرجاته، كما أن الشركات والمؤسسات الخاصة ليست مستعدة لالتزام طويل الأمد مع الموظف المدعوم توظيفه لمدة سنتين فقط من قبل الصندوق، فكلفة هذا الموظف سترتفع بانقضاء هذه المدة والأفضل لها ألا تبقيه بعدها وتُوظف بدلاً عنه شخصاً جديداً يدعم الصندوق توظيفه لمدة جديدة، بالتالي فهذه الشركات لا تتعامل بجدية مع مسألة توظيف العمالة السعودية المدعومة من الصندوق ولا تخطط مطلقاً للاحتفاظ بها على المدى الطويل، كما أن مكافأة الشركات والمؤسسات على توقيعها على اتفاقيات مع الصندوق من خلال إضافة أعداد العمالة السعودية الواردة في تلك الاتفاقيات إلى عدد العمالة السعودية العاملة لدى تلك المنشآت ما يؤهلها للحصول على تأشيرات استقدام جديدة أسهم في تفشي السعودة الوهمية المتمثلة في توقيع تلك الشركات والمؤسسات على اتفاقات شكلية مع الصندوق هدفها فقط رفع نسبة السعودة وهمياً للحصول على تأشيرات جديدة، لكنها لا تنوي مطلقاً الالتزام بها، وتختلق مختلف الأعذار والمبررات لعدم تنفيذها والتحايل عليها.

** إذن هذا ما يفسر أن شبابنا لا يجد فرص عمل مناسبة في حين تمتلئ شوارعنا ومصانعنا ومكاتبنا وشركاتنا.. إلخ، بالعمالة الأجنبية، فأين الخلل؟

سياسة الاستقدام المرنة وغير المقيدة خلال العقود الثلاثة الماضية تسببت في تدفق أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية متدنية الأجر والمهارة نتج عنها تبني القطاع الخاص لنموذج أعمال يعتمد على استخدام كثيف للعمالة غير الماهرة ومتدنية الأجر تراجعت معه إنتاجية عنصر العمل ومستويات الأجور، وهو ما حد من قدرة العمالة المواطنة على منافسة العمالة الأجنبية، وجعل القطاع الخاص يتمسك بتوظيفها ويقاوم جهود الإحلال، وإذا لم نصل إلى حلول غير تقليدية تصحح نموذج الأعمال وتزيد من تنافسية العمالة المواطنة في سوق العمل فستظل جهود التوطين تراوح مكانها دون تحقيق أهدافها.

** هل تتوقع النجاح لوجود عملة نقدية واحدة بين دول الخليج العربي؟

الاتحاد النقدي بين مجموعة من الدول يمكن أن يكون من خلال عملة موحدة كما يمكن أن يكون من خلال مجرد الاتفاق على مثبت مشترك لأسعار سعر صرف عملات الدول المشمولة في هذا الاتحاد، بحيث لا تتغير أسعار صرف تلك العملات إلا من خلال قرار جماعي تتخذه الدول الداخلة في هذا الاتحاد النقدي، وهو ما قد يستدعي قيام مجلس نقدي، لكن لا يعني بالضرورة أن يتوج ذلك بإصدار عملة موحدة، وفي ظل هامشية بل حتى الغياب التام لأي مكاسب اقتصادية من الانتقال من اتحاد نقدي يقوم على أساس مثبت مشترك إلى اتحاد نقدي يقوم على عملة موحدة، فإنه من غير المتوقع أن تقدم دول المجلس على هذه الخطوة المكلفة جداً والمقيدة لقدرة دول المجلس على إدارة اقتصاداتها دون تحقيق أدنى مكاسب تبرر ذلك.

** الفقر في المجتمع السعودي هل يعد وضعاً طبيعياً في مجتمع يعد من أهم الاقتصاديات الـ20 في العالم؟

الأمر الذي لا جدال فيه والذي نحن في أمس الحاجة إلى مواجهة صادقة معه هو أن تزايد حالات الفقر في المملكة سببه ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مساهمة من هم في سن العمل من المواطنين في سوق العمل، فالإحصاءات الرسمية تظهر أن 36% فقط ممن هم في سن العمل يعملون فعلاً، وتنخفض هذه النسبة بين الإناث بحيث لا تتعدى 12% فقط، بحيث نجد أن جزءاً كبيراً من الإناث اللاتي يحصلن على معونات الضمان الاجتماعي حالياً مؤهلات علمياً وقادرات على أن يُخرِجن عائلاتهن من دائرة الفقر والعوز بكل سهولة متى ما توفرت لهن فرص عمل مناسبة، من ثم فإن عجزنا عن حل مشكلة تدني مساهمة العمالة المواطنة في سوق العمل والاعتماد المتزايد على العمالة الأجنبية رغم كل هذه الوفرة في الموارد البشرية محلياً، نتيجة عدم استعدادنا لإجراء إصلاح حقيقي، وليس وهمياً، في سوق العمل، يحقق اعتماداً أكبر على مواردنا البشرية المحلية وينهي إدماننا غير المبرر على العمالة الأجنبية متدنية الأجر، هو السبب الرئيس لتفشي الفقر.

** ما مدى نجاح الحملة التصحيحية لأوضاع العمالة الوافدة في تعديل بعض التجاوزات التي تحدث في سوق العمل السعودي؟

حقيقة أنا لا أعلم ما هو الهدف من هذه الحملة وما هي مبرراتها ضمن مشروع السعودة الذي يفترض أن وزارة العمل تسعى لإنجاحه. فهذه الحملة تقر المخالفين على مخالفاتهم وتمنحهم فرصة للبقاء كعمالة أجنبية نظامية بعد أن كانت عمالة مخالفة مهددة بالترحيل، ما يساعدها أكثر على منافسة العمالة المواطنة على فرص العمل المتاحة، وبالتالي يتسبب في مزيد من تضييق الفرص أمام العمالة المواطنة.

** هل الأجهزة الحكومية المعنية بمكافحة الفساد في السعودية قادرة على التصدي للتجاوزات المالية والإدارية المستشرية في قطاعات الدولة المختلفة؟

أبرز أسباب تفشي الفساد في البلدان النامية الغنية بالموارد الطبيعية هو تدني مستوى كفاءة وفاعلية القيادات الإدارية في الأجهزة الحكومية نتيجة وفرة الموارد وعدم وجود حاجة ملحة لتحقيق أداء عالي الكفاءة، ما انعكس بدوره على مستوى أداء تلك الأجهزة، وأوجد بيئة يستشري فيها الفساد ولا تساعد على محاسبة المقصر ومكافأة المجد، لذا فنحن في أمس الحاجة إلى مراجعة المعايير الذي يتم على أساسها اختيار القيادات الإدارية في الأجهزة الحكومية، والتي تسببت في تدني أداء أجهزة تنفق عليها الدولة بكل سخاء، وتُوفر لها مختلف الإمكانيات التي كان من المفترض أن تعينها على أداء مهامها، لو واكب ذلك قيادات إدارية كفء، والحل دائماً وأبداً هو في علاج المشكلة نفسها لا في علاج أعراضها.

** ما هي انعكاسات الأوضاع غير المستقرة في بعض الدول العربية على الاقتصاد السعودي؟

انعكاسات الأوضاع غير المستقرة في بعض الدول العربية على اقتصادنا هائلة وغير إيجابية في الغالب، فمثلاً حالة عدم الاستقرار في المنطقة تقلل من الحافز للاستثمار طويل الأمد وتشجع على الاستثمارات السريعة سهلة التسييل، وسوء الأوضاع الاقتصادية في هذه البلدان يجبرنا على السماح بتدفق العمالة منها كمساهمة منا في تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية التي تعانيها في وقت نحن فيه بحاجة إلى إيجاد مزيد من فرص العمل للعمالة المواطنة. وهناك حاجة لمساعدة هذه البلدان مالياً حتى تتمكن من تخفيف حدة أزماتها المالية، كما أن هناك حاجة لدعم الدول الأخرى التي لم تتدهور الأوضاع فيها بعد، ما قد يساعد على تجنيبها الدخول في طوفان الربيع العربي، وكل ذلك عبء مالي على المملكة لا تستطيع تفاديه.

** ما أبرز التحديات الاقتصادية المستقبلية للاقتصاد السعودي؟

أبرز التحديات على المدى القصير هو تحدي إيجاد حلول لمشاكلنا الاقتصادية المتفاقمة مثل مشكلة الفقر، والبطالة، والتضخم، والإسكان، والذي يبدو أننا مع كل ما نملكه من موارد غير قادرين على إيجاد حلول له بسبب غياب التخطيط الاقتصادي السليم، وعلى المدى الطويل تتمثل أكبر التحديات في توفير مصادر دخل بديلة مع تراجع ونضوب ثروتنا النفطية، وعلينا أن ندرك أن تضرر أجيال المستقبل من الازدهار الحالي لقطاع الموارد ليس فقط من كونه يمثل استغلالاً غير عادل لثروة ناضبة من قبل جيل بعينه، مما يتسبب في حرمان الأجيال القادمة من الاستفادة من هذه الثروة، وإنما أيضاً، وهذا هو الأخطر، أن ظاهرة المرض الهولندي التي يترتب عليها إضعاف لقدرة البلدان الغنية بالموارد على تنويع اقتصاداتها يحرم أجيال المستقبل من امتلاك قاعدة اقتصادية يمكن الاعتماد عليها كمصدر بديل للدخل مع بدء نضوب الثروة الطبيعية، وهو ما يرفع كثيراً الثمن الذي ستدفعه تلك الأجيال نتيجة الاستنزاف السريع والجائر لثروة البلاد من الموارد الناضبة.


الضيف في سطور:

- الدكتور عبدالرحمن بن محمد السلطان.
- دكتوراه في الاقتصاد من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1990، وماجستير في الاقتصاد من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1985، وليسانس من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1981.
- أستاذ الاقتصاد المشارك بقسم الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام، كما عمل عضواً لهيئة التدريس في كلية الملك عبدالعزيز الحربية ومعهد الإدارة العامة.
- عمل عميداً لخدمة المجتمع والتعليم المستمر في المؤسسة العامة للتعليم الفني، كما عمل في القطاع الخاص نائباً لرئيس إحدى الشركات السعودية الكبرى.
- عمل مستشاراً غير متفرغ في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ومستشاراً باللجنة العليا للإصلاح الإداري.
- كتب لعدد من الصحف السعودية من بينها صحيفة الرياض، وصحيفة الاقتصادية، وحالياً له عمود أسبوعي في صحيفة الجزيرة.
- له العديد من البحوث المنشورة في الدوريات العلمية المتخصصة التي تناولت قضايا من بينها التنمية الاقتصادية والسوق النفطية وسوق العمل السعودي.




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



MOHAMMED ALSAHER





أتمنى متابعتي ومشاركتي عبر تويتر والفيس بوك

@m5mmm
أخر مواضيعي
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : السلطان لـسبق: للقضاء على الفقر والفساد لابد من تغيير قيادات الأجهزة الحكومية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المطلق لـسبق الله يكفينا شر آراء سمر المقرن وأمثالها محمد الساهر الاخبار المحلية والعالمية والمنقولات 13 05-06-2012 07:32 PM
مكافحة الفساد والفساد المكافِح طوق الياسمين الاخبار المحلية والعالمية والمنقولات 7 11-04-2011 02:53 AM
156 ألف وظيفة شاغرة في الأجهزة الحكومية الدوسـي التدريب والتوظيف 3 27-02-2011 11:24 PM
هجاء مازن الماجن المجاهر بالمعصيه والفساد روعه من يومي وحيد الشعر المنقول 11 29-08-2009 06:33 AM
رسالة الى دعاة التقليد الغربي والانحلال الخلقي والفساد في البلاد ابراهيم الفوزان المنتدى العام 7 30-08-2008 10:48 PM


الساعة الآن 08:26 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved